أنظري يا صديقتي، أنظري الى البعيد، أترين تلك الأضواء الأربعة؟.
نعم أرى، ولكن لا أعلم ما هي!.
دعينا نقترب أكثر، الأضواء تلوح لنا أجمل، وما هي إلا بضع خطوات، فإذا بنا نرى أنها أربع قباب ذهبية شامخة .أذهلني جمالها، وروعة منظرها.
قررنا الدخول لذلك الصحن المطهر، فعرفنا أن القباب ترمز إلى الأئمة الأربعة (الحسن المجتبى، علي السجاد، محمد الباقر، جعفر الصادق).
ومن ثم رأينا لافتة خضراء، كتب عليها: إلى مرقد الزهراء (عليها السلام)! دموعنا أصبحت كاللؤلؤ المنثور، أحقاً من هنا قبر مولاتي فاطم الطهر! ما أجمله من صحن، وجميع الخلائق جعلته سكنا، ففيه تشفى الصدور، وأضواء الحرم عبارة عن شموع أشعلوها عشاق فاطمة، وصلتُ إلى القبر المطهر، رميتُ بنفسي عليه، ودموع الشوق، الخجل، الحب، كلها اجتمعت؛ وصرت أنادي: تقبيل قبرك فاطم كان أمنية.
وسؤال حوائجي عندك كان حلما، أنظر إلى الضجيج، الحنين، الأنين، من حولي، انتبهت إلى وجود أعداد هائلة من الناس، أمهات يدعون تارة بالرحمة لشهدائهم، وتارة بحفظ شبابهم.
زهور من الشابات في مقتبل العمر، وفي ربيع الصبا يسألونها الاستقامة، وكثير من الحوائج سمعتها تدور حول أذني.
أما أنا فقلت في نفسي: أماه يا زهراء إني أجد في روحي ضعفا، وفي بدني ضعفا، فكوني لي الحماء، الدواء، الشفاء.
وتحت ضلعك المكسور، يا زهراء ضميني، ومن ذنبي، وسقمي يا مولاتي داوِني .
ولا أزال في دعاء البكاء، وإذا بي استيقظ على صوت قصيدة تخص الليالي الفاطمية، فبكيت وصرخت، هلموا لقبر فاطمة؛ ولكن! عرفت إنني كنت في حلم !.
تكدرت فلا ضريح ولا أثر.. وقبرت حلمي .
أتذكر حينها كان عمري ما يقارب العشرة أعوام، سألت أهلي لماذا لا يمكننا الذهاب لقبر ام الحسن؟ أليست هي سيدة نساء العالمين، وابنة سيد المرسلين، وزوجة أمير المؤمنين، وأم الحسنين؟.
تحيروا وقالوا: مهما تحدثنا عن مظلوميتها فهو قليل، كسروا ضلعها، أحرقوا دارها، أسقطوا جنينها، غصبوا حقها وحق زوجها وأولادها، ومنعوها من البكاء على والدها ووو.. هذه بعض من ظلاماتها، لذلك قررت أن لا يعلم أحد بمكان دفنها، ولا وقت استشهادها؛ لذلك قبرها مخفي إلى الآن! قلت: وكيف يمكننا أن نزوره أو نعلم مكانه؟ فقالوا: لا تتحقق تلك الأمنية إلا أن يظهر يوسفها، المهدي والإمام الثاني عشر من ولدها، فهو يأخذ بأيدينا، لقبرها، ونبنيه معه، لم أعلم حينها لماذا لم أتوقف عن البكاء، لكن تلك الأمنية بقيت حبيسة في صدري، ولا زلت أتمناها.
وأدعو الله، بأن يعجل فرج يوسف الزهراء بحق الزهراء، ليشفي صدر الزهراء (عليها السلام).
اضافةتعليق
التعليقات