قال تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا(١١) وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ...(١٩) وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا...} (الكهف:٢١).
أصحاب الكهف حتى يؤدوا دورهم ورسالتهم كان الأمر يتطلب أن يغيبوا عن المجتمع لسنين، وما إن شاء الله تعالى أن يبعثهم بعثهم، فهم لما أراد أحدهم الاستفهام والاستعلام عن مدة غيبتهم كان جواب الجمع أنهم لا يكترثون لطول أو قصر المدة لأنهم من أهل التسليم لأمر الله تعالى- وكأن- السائل سأل ليس ليعترض بل ليعلمونا درس التسليم والامتثال، عبر رد المجيب على هذا السائل.
لذا أصحاب الإمام (عج) في زمن غيبته، وعدم تشييد دولته بشكل رسمي وعلني، هم أدوارهم ومسؤولياتهم أيضًا خفية وغير ظاهرة بشكل علني، وهذا يتطلب التسليم لمن حقق الاستعداد بنفسه، بل حتى من توكل إليهم مهام وأدوار من قبل الإمام (عج) في زمن غيبته حتى تتحقق المشيئة الإلهية بالإذن لولي العصر والزمان بالظهور، واعلان دولته العالمية، هم يبقون يعملون بعنوان الخفاء لا الإشهار، وهذا نوع من الاختبار وكذلك نتيجة للاستحقاق.
ففي الروايات أن أصحاب الإمام ليسوا من أهل الاستعجال وليسوا من أهل التذمر بل هم من أهل التسليم، فعن عبد الرحمن ابن كثير قال كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه مهزم، فقال له: «جعلت فداك أخبرني عن هذا الأمر الذي ننتظر، متى هو؟ فقال: يا مهزم كذب الوقاتون وهلك المستعجلون ونجا المسلمون »(١).
وعن الصادق (عليه السلام) في حديث مهزم الأسدي، قال: «يا مهزم: كذب الوقاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلمون وإلينا يصيرون»(٢).
لذا ليس مهم عند المنتظرين المخلصين كم غاب إمامهم، كم طال انتظارهم، أو كم سيطول انتظارهم والمغيب- بالمعنى الذي يوجب التشكي والجزع - بل المهم كم أطعنا وامتثلنا؟ هل ثبتنا عند الزلازل؟ هل زاد إيماننا وارتباطنا بإمامنا مع طول أمد غيبته هذه؟ هل فككنا تعلقنا وارتباطنا بالدنيا أم أخلدنا إلى الأرض وانشغلنا بزينتها؟ هل تجردت أعمالنا من الشركاء وأضحت خالصة لوجه الله المتعال؟ فأمثال هذه التساؤلات وغيرها، وهذا المستوى من التفكير هو الأهم؟ والمَوقِد الذي لا يُطفئ شعلة الانتظار في قلوب كل محب مرتقب مُسَلِم.
_________
اضافةتعليق
التعليقات