الإمام المنتظر المصلح الأکبر، الثاني عشر من أئمة أهل البيت (ع) الذي يعيد للإسلام بهجته ونعمته على الناس، وينقذ الإنسان من ظلمات الجور والطغيان.
الامام المهدي (عج)، هو أبو القاسم محمد بن الحسن (ع)، الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت؛ سميّ رسول الله (ص) وكنيّه، وموعود الإسلام بحسب الإمامية وكثير من علماء المذاهب الإسلامية المختلفة.
ولد في سامراء في 15 شعبان سنة 255 هـ، وجرت فيه سنن الأنبياء من الغيبة وطول الحياة.
خلف المهدي أباه الإمام الحسن العسكري وله خمس سنون، قد أعطي الحكمة صغيراً كعيسى (ع) ويحيى (ع)، وعليه الملامح المأثورة في الإمامة. وكان والده قد أخفا مولده لصعوبة الوقت ورصد الأجهزة الحاكمة لأخبار أهل البيت، كما قد عرضه على خلّص شيعته وأخبرهم بأمره.
انقطعت أخبار المهدي المباشرة بعد استشهاد أبيه، ما زاد من حيرة البعض، غير أن السفارة بينه وبين الناس ظلت قائمة بوجود وكلاء أبيه ونواب على امتداد فترة سميت بالغيبة الصغرى طالت عقود وانتهت بوفاة النائب الرابع سنة 329 هـ، لتبدأ مرحلة الغيبة الكبرى المستمرة إلى وقت الظهور.
عقيدة الشيعة بالمهدي عج
عقائدياً يمثّل المهدي عند الشيعة كغيره من الخلفاء الاثني عشر امتداداً للولاية الإلهية، ومحوراً ينتظم بإمامتهم معالم الدين يكون الموت على غير معرفتهم بموجب من الأحاديث النبوية ميتة جاهلية.
ذكرت كتب الإمامية التقاء ثلة كبيرة من العلماء بالمهدي على مر السنين على غير دعوى النيابة وتحديد موعد الظهور، تضمنت مسائل عِلمية وغيبيّة عُرفت أحيانا بالتوقيعات وكذلك بالناحية المقدسة، كما امتلئت كتبهم بروايات تناولت علامات ظهوره، مِن وقوع فتن وموت ذريع، وتزامُنٍ في الخروج مع السيد المسيح (ع)، ومهامّهما في قتال الدجال، وأذان بثأر الحسين (ع)، وبحرب السفياني وأتباع بني أمية.
النسب
هو محمد بن الإمام الحسن العسكري، ابن الإمام علي النقي، ابن الإمام محمد التقي، ابن الإمام علي الرضا، ابن الإمام موسى الكاظم، ابن الإمام جعفر الصادق، ابن الإمام محمد الباقر، ابن الإمام علي زين العابدين، ابن الإمام الحسين، ابن الإمام علي بن أبي طالب.
أبوه: الإمام الحسن العسكري(ع)
هو الامام الحسن العسكري (232-260 هـ) الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت، وقد لقّب بالعسكري لفرض السلطة العباسية الإقامة الجبرية عليه وعلى أبيه في سامراء التي كانت يومذاك معسكراً لجند الخلافة العباسية، وكان الهدف من ذلك تشديد المراقبة على الإمام وعدم السماح له بالاتصال بشيعته والمقربين منه، تحسباً من الأخبار الواعدة بخلافة الخلفاء الاثني عشر، وانقراض الطواغيت على يد آخرهم.
أمه: نرجس
ذكرت المصادر أن أمّ القائم أمّ ولد يقال لها نرجس، أو صقيل، وقيل: مريم بنت زيد العلويّة.
الكنى والألقاب
يُعد "أبا القاسم" أكثر الكُنى اشتهاراً للإمام المهدي، ويكنى بأبي صالح وبأبي جعفر أيضاً. أما ألقابه فأشهرها وأكثرها استعمالاً المهدي، والقائم.
ولقد صُنِّف حول ألقاب المهدي وأسمائه كتابات مستقلة أحصت منها العشرات بحسب ما ورد في التفسير والحديث والأدعية والزيارات، من ذلك:
وعد الله، وميثاق الله، وبقية الله، ورحمة الله الواسعة، والحجة، والمنتظَر، والمأمول، وصاحب الزمان، وصاحب الأمر، والإمام الخلف، ومُظهِر الإيمان، ومُلقِّن أحكام القرآن، والعدل المشتَهَر، والمُنتقِم، ومهدي الأمم، وجامع الكلم، ووارث الأنبياء، والموعود، ونور آل محمد، وقائم آل محمد.
الامام بعد شهادة والده العسكري عليه السلام
استشهد الإمام الحسن العسكري عليه السلام متأثراً بالسم، سنة 260 للهجرة. وكانت سن الإمام المهدي عليه السلام خمس سنوات. ولم يكن يظهر إلاّ للخاصّة المقربين من أنصار أبيه، وذلك حرصاً على حياته، لأنّ العباسيين كانوا جادين في البحث عنه بتحريض من عمه جعفر الكذّاب، رغم إعلانهم بأن الإمام العسكري عليه السلام، توفي دون أن يترك ذرية. وكانوا يدركون مقدار كذبتهم، ويأملون بالعثور عليه والتخلص منه؛ كي يخلو الجو إلى صنيعتهم عمه جعفرٍ.
وقف جعفر يتلقى التعزية بأخيه الإمام (ع)، وحين همّ بالصلاة عليه وتهيأ للتكبير.. ظهر غلام أسمر اللون، وتقدم منه قائلاً: تأخّر يا عم، أنا أحق منك بالصلاة على أبي.
بهت جعفر واصفرّ لونه، لكنّه لم يملك إلاّ أن يتنحّى مفسحاً المكان لابن أخيه، الذي صلّى على أبيه، ثم خرج من المكان دون أن يستطيع أحد الإمساك به. وأسقط في يد جعفر، هذا المنحرف الذي ترك خطّ آبائه واختار طريق المنكر والسوء، وصدقت فيه كلمة أبيه الإمام الهادي عليه السلام إذ قال:
تجنبوا ولدي جعفراً، فإنّه مني بمنزلة ابن نوح، الذي قال الله فيه: {يا نوح إنّه ليس من أهلك، إنّه عمل غير صالح}.
الغيبة المهدوية
إنّ المهدي عليه السلام كان لا يظهر إلاّ للمقربين، وقد غاب عن أنظار الناس غيبتي الغيبة الصغرى وامتدت تسعاً وستين سنة، كان يتّصل خلافها بوكلائه الخاصين الأمناء، وكانوا هم واسطة الاتصال بينه وبين الناس، يتلقون تعليماته وإرشاداته بواسطة الرسائل التي كانوا يحملونها إليه من كافة الأقطار، ويأخذون منه أجوبتها لأصحابها. كما كانوا يقومون بجباية الأموال الشرعيّة والتصرف بها في وجوهها حسبما تقضي المصلحة. ووكلاءه في تلك الفترة هم على التوالي:
1-عثمان بن سعيد
2- وابنه محمد بن عثمان
3- والحسين بن روح
4- علي بن محمد
وكانوا يدعون بالسفراء. وبعد وفاة هذا الأخير انقطع اتصال الإمام بالناس تماماً، وبدأت غيبته الكبرى عليه السلام، وهي ممتدة إلى يومنا هذا وستستمر حتى يأذن الله له بالظهور، عجل الله فرجه الشريف.
وإنّ من أهداف الغيبة الصغرى تهيئة أذهان الناس لمفهوم الغيبة الكبرى، وتعويدهم تدريجاً على احتجاب الإمام عنهم، كي لا يفاجأوا عند ما يحتجب في غيبته الكبرى، وقد سبقه إلى ذلك أبوه العسكري وجدّه الهادي عليهما السلام، فقد كانا يحتجبان كثيراً عن أعين الناس، في خطوةٍ تعتبر تمهيداً لغياب المهدي عليه السلام واحتجابه.
وكذلك فإنّ الاحتجاب يعود الناس على الاتصال بالسفراء وقبول رعايتهم لشؤونهم، والتوسط بينهم وبين الإمام (ع) في فترة غيبته الصغرى. وقد شغل السفير الأول منها حوالي خمس سنوات، والسفير الثاني حوالي الأربعين عاماً، والسفير الثالث واحداً وعشرين عاماً، والرابع بقي في السفارة ثلاث سنوات. توفي بعدها، وبدأت بوفاته الغيبة الكبرى.
هذا وإنّ أسباب الغيبة الكبرى هي من الأمور الغيبة، وفي روايةٍ عن الإمام الصادق عليه السلام، حين سئل عن ذلك قال:
"إنّ هذا الأمر لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره، كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر إلاّ بعد أن افترق عن موسى (ع)، وإنّ هذا أمر من أمر الله، وسر من أسراره، وغيب من غيبه".
وعلينا الالتزام بما اقتضته مشيئة الله سبحانه.
وعن الإمام الحسن عليه السلام، أنّه قال لجماعة لاموه على تسليم السلطة لمعاوية بن أبي سفيان:
«ما منّا أحد إلاّ ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه، إلاّ القائم.. فإنّ الله يخفي ولادته، ويغيّب شخصه، لئلاّ تكون في عنقه بيعة، وهو التاسع من ولد أخي الحسين، يطيل الله عمره في غيبته، ثم يظهره بقدرته، في صورة شاب دون الأربعين، والله على كل شيء قدير».
نعم، الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيءٍ، ويحدّثنا القرآن الكريم عن كثير من المعمّرين، فهذا النبي نوح عليه السلام، قد عمر أكثر من ألف سنة، كما أخبرنا ببقاء عيسى عليه السلام.
والتاريخ أيضاً يحدثنا عن كثيرين: لقمان بن عاد عاش خمسمئة سنة، وقيس بن ساعدة عاش سبعمئة سنة، وعمر بن ربيعة عاش أربعمئة سنة وغيرهم كثير.
ومن الطبيعي أن ينتقل تفكيرنا إلى من يرعى شؤون المسلمين في هذه الفترة - فترة الغيبة الكبرى - ومن يتولى أمورهم، لأنّ ولاية أمر المسلمين مهمة ذات شأن عظيم، وهي تستمد شرعيتها من الآية الكريمة: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".
وفي غيبته عليه السلام، وإلى أن يأذن الله له بالفرج، على المسلمين أن يرجعوا في أمور دينهم ودنياهم إلى الفقيه العادل الذي تحدد الرواية القدسية أوصافه: "وأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه."
اضافةتعليق
التعليقات