"ماكو شي سلامات".. ربما هذه الكلمات كانت تخرج من أفواهنا قبل أيام دون أن نهتم بعظمتها وأهميتها ولكن اليوم باتت حلم كثير من الأشخاص فوق هذه المعمورة ومنهم نحن.
قبل أيام كنا نكتئب من التجول في الأماكن التي نعتادها دائما وكنا نبحث عن الترفيه في أماكن جديدة و ننزعج من الذهاب إليها ولكن اليوم أصبحت تلك الأماكن في غاية الروعة والجمال ونتمنى أن نذهب دون الإكتراث بمايحدث حولنا.
قبل أيام كنا نتكلم عن كل شيء ونبين انزعاجنا عن الزمان والمكان ومن في الأرض وما عليها ولكن اليوم همنا الوحيد أن نتخلص من هذه الأزمة بسلام.
في هذه اللحظة التي أرتب كلماتي بهدوء كي تقرأها أنت هناك أشخاص حول العالم يتمنون أن يكونوا مكانك ويستطيعون أن يقرأوا المزيد و يثقفوا أنفسهم ولكن الموت لم يفسح لهم المجال وغادروا الحياة والآن يتمنون أن يرجعوا إلى الحياة ليعملوا صالحاً كما ورد في الآية الشريفة: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
ولكن مقطوعي العمل.. فقد رحلوا!
في هذه اللحظة التي تشاهد بعينيك الجميلتين هناك أناس على وشك أن يفقدوا أعينهم بسبب الأمراض المزمنة و هم الان في أشد حالات اليأس لأنهم لم يعرفوا كيف يتعاملون مع الحياة السوداء دون نور..
بالتأكيد لحظات صعبة أن تفقد عينك فجأة ولا تستطع أن ترى جمال الأحبة بعد.
ولكن أنا الآن أضغط على الأزرار بدقة وأراها بوضوح وأنت تقرأ ولكن دون أن نلتفت لهذه النعمة الكبيرة نعمة النظر!.
ربما الآن حزنت قليلا بسبب كلامي وبدأت تشعر بضيق في نفسك وإن هذا الكلام منبوذ ويشعرك بإحباط ولكن تعرف في هذه اللحظة التي تستطيع أن تتنفس بسهولة هناك أناس يتحسرون أن يتنفسوا بعيدا عن الأجهزة التي تربطهم بقسوة وهم محبوسو الغرفة منذ زمن بعيد وليس بوسعهم أن يرون الزهور وحركة الفراشات ويسمعون صوت الأمواج وركوب الخيل و....
ولكنك الآن تتنفس بسهولة دون أن تهتم بأن هناك أناس مصابين بالسرطان أو الكورونا يفقدون كبدهم ولم تبقى لهم سوى أيام لينتقلوا إلى الدار الآخرة ويودعوا الأحبة،
ولكن نحن الآن في أفضل حال ولا نعرف قيمة النعمة التي نملكها.
ماكان بعتبر من البديهيات قبل أيام وكان يضجرنا أصبح حلمنا الآن، كما يقال كورونا فعل بنا ما لم يفعل آباءنا جعلنا نغسل أيادينا قبل كل شيء وخصوصا قبل الطعام، جعلنا نراجع حساباتنا ونصلي صلواتنا الفائتة، جعلنا نقدر الأشياء الصغيرة كالتنفس دون كمامة ورؤية الأصدقاء والأقارب دون قوانين!.
جعلنا نقدر الحب ونهتم ببعضنا البعض ربما لحظة الفراق قريبة جعلنا ننسى الدنيا وزينتها لأنها لا تستطيع أن تنقذنا من هذه الأزمة مهما دفعنا
ولكن يا ترى كي نرجع تلك الأيام أو نتخلص من هذه الأزمة وما غيرها من الأزمات؟
بينما كنت أفكر بمايحدث وماعلينا فعله قرأت حديث
الامام موسى بن جعفر (عليه السلام):
من أراد ان يكون أقوى الناس فليتوكل على الله.*١.
نعم بالتوكل على الله سنكون في القمة وأقوى الناس لطالما نفكر بأن نكون الأفضل والأنجح حسب مجال عملنا ومايدور في خاطرنا ولكن الطريق المختصر إلى النجاة والنجاح هو التوكل على الله وطلب الإستعانة منه.
طريق النجاة من الأزمات وهذه الأزمة هو التوكل عليه لنتقوى على اليأس والقلق والمرض ومايزعجنا..
ولكن نتذكر التوكل يجب أن يكون بعقيدة راسخة ومن أعماقنا
لنغمض أعيننا للحظات ونتذكر نعم الله علينا ونشكره عليها ونطلب منه المزيد بثقة..
ونتذكر أن لا نطغى كي لا يسلب منا أي شيء..
اضافةتعليق
التعليقات