إن دراسة قضية الإمام المهدي عليه السلام والتعريف بها وبحثها بحثاً علمياً ومناقشة الشبهات المثارة حولها، تعد من أهم المباحث الفكرية التي تشغل اهتمام المثقفين والواعين من أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، بل ومن أهل العامة، بل ومن سائر الاديان الاخرى.
ولقد كتب العلماء والمفكرون والباحثون والمحققون الكتب والدراسات الجادة والمتميزة حول هذا الموضوع الحيوي والخطير، ولازالت المؤلفات والدراسات القيّمة مستمرة إلى أن يرث الله الارض ومن عليها.
ومن المحققين الذين تناولوا القضية المهدوية الكبرى بالدراسة والتحليل سماحة آية الله السيد مرتضى الحسيني الشيرازي (حفظه الله) وضمن سلسلة الدروس والابحاث التفسيرية التي كان يلقيها في حاضرة العلم والعلماء مدينة النجف الأشرف، وتزامناً مع الولادة الميمونة لإمام العصر والزمان حجة الله في ارضه مهدي ال محمد (عجل الله تعالى فرجه الشريف) عُقد الاجتماع الشهري لنادي أصدقاء الكتاب في جمعية المودة والازدهار النسوية وتمت مناقشة كتاب المرابطون في زمن الغيبة، بجوانبه الاربع (المقدمات، المتقدمات، الممهدات والمسئوليات).
وقد أبدع آية الله السيد مرتضى الحسيني الشيرازي (حفظه الله) في الاجابة على الكثير من التساؤلات المشروعة، والشبهات المغرضة، التي تثار من المؤمنين والمخالفين، ببيان سلس هادف جمع بين الخطاب الجماهيري والبعد التخصصي وقد صدر الكتاب بجمع سلسلة المحاضرات التي ألقاها على يد المقرر الشيخ هادي الإسماعيلي.
حيث احتوى الكتاب على عدة فصول تتلخص:
بالفصل الأول: الاعجاز في عصر الظهور المقدس..
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم "وأشرقتِ الارضُ بنور ربها"، في هذه الآية الشريفة هناك مواطن كثيرة للتوقف والتدبر والاستضائة وفي كلمة "أشرقت" هناك إضاءات عديدة: لماذا وردت " أشرقت" بصيغة الماضي؟
1-لأن المجرد من الازمنة محيط بالأزمنة الثلاثة: وكان هناك مناقشات للوجه الأول.
٢- لأنه مستقبل محقق الوقوع: وكذلك توجد نظريتان حول عصر الظهور:
النظرية الاولى: عصر الظهور هو عصر الاسباب والمسببات ، كأصل عام.
النظرية الثانية: عصر الظهور هو عصر الإعجاز، كأصل عام.
وكذلك شواهد على نظرية الإعجاز المطلق والاثر التربوي لنظرية الأسباب والمسببات.
النظرية الثالثة: كلاهما الأصل: الأسباب والمسببات، وانواع الاعجاز.
وكذلك كل تطور علمي وانجاز وعمل صالح هو مقدمة، اذ أن كل خطوة عملية أو معرفية، كل كتاب شرط استقامته، كل محاضرة تلقى، كل شخص يُربى، كل طفل ينمى ويزكى، وكل مدرسة أو ميتم أو حسينية أو مكتبة او صندوق للإقراض الخيري يؤسس فانه يحتمل ان يكون -بلطف الله تعالى- من العوامل الممهدة للظهور المبارك.
وأما الفصل الثاني: المسؤولية الكبرى في زمن الغيبة..
فالكلام في هذا الفصل يدور حول مبحثين يتعلقان بكلمتين في هاتين الآيتين المباركتين المترابطتين:
المبحث الاول: حول كلمة "أشرقت" في الاية الكريمة وهو تتمة للفصل السابق.
المبحث الثاني: حول كلمة المرابطة في قوله تعالى "ورابطوا وأتقوا الله" والتي ترتبط جوهرياً بكلمة " أشرقت" في تلك الآية الأخرى.
والمرابطة في الثغر الديني والعلمي والاقتصادي حيث أن المرابطة مرتبطة جوهرياً بكلمة "أشرقت"، واحتوى تفصيلاً للمرابطة ومنها: المرابطة على الائمة، المرابطة على أوامرهم، المرابطة على الاقتداء بهم، المرابطة في سبيل الله، المرابطة أبد الدهر. ومن فوائدها بروايات أهل البيت (عليهم السلام): أدر الله رزقه وشرح صدره وبلغه أمله وكان عوناً على حوائجه.
والفصل الثالث: المرابطة في ثغري التصور والتصديق في زمن الغيبة..
فالكلام هنا حول المرابطة في زمن الغيبة وتحت عنوانين:
العنوان الاول: هو العنوان المنطقي الشهير وهو التصور والتصديق، ودورهما في بناء الانسان.
العنوان الثاني: هو عنوان "المرابطة" والذي ورد في هذه الآية القرآنية الكريمة بصيغة الامر "ورابطوا"، حيث ان هنالك ارتباط جوهري بين مبحث التصور والتصديق وبين علم النفس وعلم النفس الاجتماعي وكذلك سيظهر فيه الرابط بين التصور والتصديق المنطقي وبين المرابطة في الاية القرآنية المذكورة.
واما الفصل الرابع: من هو رب الأرض؟ ومن وظائفنا في عصر الغيبة..
لرّب الارض معانٍ منها "المنعم عليها" وكذلك "صاحبها" و"سيدها"، وهنا يأتي السؤال المهم من هو صاحب الارض وسيدها وواسطة الفيض عليها؟
الجواب: هو رسول الله ثم أمير المؤمنين واحداً بعد الاخر وصولاً إلى الامام الحجة المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) زمناً إثر آخر حيث ان رب الارض في هذا الزمن - زمن الغيبة - هو الامام الثاني عشر اذ تشرق الارض بنورهِ اذ جعله الله سيد الارض.
وكذلك من وظائفنا في زمن الغيبة:
١- التمسك بالأمر الاول، قال الامام الصادق (عليه السلام): (إذا كان كذلك فتمسكوا بالأمر الاول)، والمقصود بالأمر الاول هو أمرهم (عليهم السلام).
٢- الدعوة والدلالة والذب عنه (صلوات الله عليه)، والذب يعني الدفاع، والدفاع قد يكون لا بالحجج فحسب، بل يقرنها بالأعمال والأنشطة والبرامج والمؤسسات الدينية والفكرية وغيرها.
٣- ان نبقى سبّاقين: ان الانسان يجب عليه ان يكون سباقا، وان يكون يومه افضل من أمسه، وان يكون غده افضل من يومه وهكذا، فهذه ايضا وظيفة أن تكون سباقا الى الخيرات والصالحات والى تهذيب النفس واصلاحها.
وجاء الفصل الخامس بعنوانه: المتقدمات على الظهور المبارك للإمام القائم المنتظر (عجل الله فرجه الشريف ) مُحذّرات ومنبهات.
متناولاً عناوين ثلاث ١- المتقدمات ، ٢- المقّدمات ، ٣- الممهّدات وبعض العناوين الرئيسية الاخرى المشابهه في أطار العنوان الرئيسي وهو المرابطة.
ويتطرق الفصل الى مسؤولية المرابطة في زمن الغيبة، والذي يتبين في شرح المعاني بالكتاب ان عالم ماقبل الظهور فيه متقدمات ولكن السؤال المهم هو: ماهي المسؤولية الملقاة على عواتقنا في عصر الغيبة وعالم ما قبل الظهور؟
وهنا تكمن الاجابة فالمسؤولية هي المرابطة وبها نشير الى قاعدة مهمة وهي:
- وضوح الرؤية يضاعف الحافز: هذه القاعدة تقول كلما كانت الرؤية تجاه خطر من الاخطار اوضح كان الحافز للتصدي له أكبر.
واما الفصل السادس: المقدمات والمتقدمات والممّهدات والمسؤوليات في زمن الغيبة الكبرى.
١-المقدمات: أعلى رتبة من المتقدمات لكنها لاترقى الى مستوى الممّهدات بل تبقى في المرتبة المتوسطة. حيث أن المقدمة هي التي توصل الى شيء لكنها لاتصنع الشيء ولاتسهم في تكوينه.
٢-المتقدمات: هنالك متقدمات على الظهور المبارك وقد سبق أن التقدم يعني التعاقب وليس الترابط العلّي والمعلولي او الاقتضائي، فالمتقدم: مجرد حدث يسبق الظهور المبارك من غير تأثير له فيه بالمرة، إلا انها قضايا مهمة تتضمن طابع التحذير.
٣- الممّهدات: ان العديد من الروايات الصريحة في أن هناك مجموعة من الممهدات للظهور المبارك والمقربات له كما أن هنالك مبعدات، اي ان هنالك أفعالاً نقوم بها تتسبب في لطف الله تعالى بنا فيقرب الظهور. ومن هذه الممهدات:
١- التضرع والدعاء والبكاء والالتجاء لله.
٢- الوفاء بالعهد الالهي.
وختاماً الفصل السابع: أعلى درجات التواتر لأخبار مولد الإمام القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
حيث يتمحور هذا الفصل بمصداق من مصاديق المرابطة في ثغر الغيبة، اي حول اثبات تواتر الروايات الدالة على (ولادة) الامام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه الشريف).
واثبات أنه لو فُرض عدم تحقق التواتر فإن الروايات محتفة بقرائن قطعية تفيد الصدور قطعاً والتي تنفي أية شبهة يمكن ان تطرح في هذا المقام.
وجدير بالذكر ان نادي اصدقاء الكتاب اسسته جمعية المودة والازدهار والذي يهدف الى تشجيع القراءة والمطالعة عبر غرس حب الكتاب وفائدته في المجتمع.
اضافةتعليق
التعليقات