تعتبر الشخصية السيكوباتية احدى أنماط الشخصية الذي يتسبب في معاناة حقيقية لمن يتعاملون معه فهو نمط فج يشكل تحدياً صارخا لكل ما هو طيب وخير وجميل في الحياة، ويمثل خرقا مؤذياً لكل التقاليد والأعراف.
يجعل الحياة صعبة وذات طعم مر ويفقدك الثقة بالإنسانية ويشوه الصورة الجميلة التي خلق الله الإنسان عليها. إنه ضد القيم وضد القانون، وضد المجتمع والفضيلة والشرف وضد الصدق والأمانة وضد الإخلاص.
كيف تشكل هذا البناء النفسي المهلهل؟
الإجابة صعبة، ربما خلل في المخ، ولكن قطعا ليس فقط خللاً في التنشئة والتربية. الأمر أكبر من ذلك إنه استعداد خاص وهنالك تكوين فسيولوجي خطأ، خلايا مدمرة، جينات غير سوية، إنه اضطراب في مركز القيم ومركز التحكم في الغرائز والرغبات البدائية، مركز التحكم في الانفعالات والاندفاعات.
وهو أيضاً اضطراب في مركز الوجدان، لذا لا يوجد ضمير يتألم، ولا توجد مشاعر من أجل الغير ويخلو صاحبها دائما من الضعف الإنساني ويكون معدوم الرحمة وأناني وعاشق لذاته وعاشق للملذات ولا شيء يردعه في الحياة ولا يتعلم من الخطأ وهذا معناه سيطرة وغلبة الرغبات البدائية.
فالإنسان السوي يخاف ويتعلم ويكتسب خبرة التحكم والسيطرة والتأجيل. إذن عند هذا الإنسان غير السوي الرغبة فوق الخوف، التعليم لا يكسبه خبرة، بل التحكم والتأجيل بمعنى توقف النمو الإنساني لهذا الشخص عند المرحلة البهيمية الحيوانية فالنضج معناه رقي الوجدان وسمو الفكر واكتساب الخبرات عن طريق التعلم وغلبة المنطق وانتصار القيم ووضع الغرائز في الإطار الديني الأخلاقي الاجتماعي المقبول دون حرمان أو زهد، أي توازن بين مكونات الإنسان من غريزة وعاطفة وفكر هذا هو معنى النضج ...
هذا الإنسان السيكوباتي ضد الاجتماعي لديه خلل ما في العلاقة بين المكونات الثلاث الغريزة، الوجدان، الفكرـ أي لديه مشكلة في العلاقة بين المادة والروح. انشقاق ما وانفصال ما أعلى المادة وأضعف الروح وأزاحها ... ولهذا يتحول الإنسان إلى وحش مفترس همجي يجب اتقاء شره، وأن الاقتراب منه تلوث وإيذاء للإحساس وعكارة للمزاج وقلق للنفس لا تأمنه على شيء فهو يخون القريب قبل البعيد ... ويخون الصديق قبل العدو ويخون من أطعمه وسقاه قبل من زجره ونبذه، لا ولاء ولا انتماء ولا التزام! هل يحمل في طياته عداء للبشرية؟ هل يحمل في طياته كراهية للبشر؟ أم تبلد وجدانه بالكامل إلا مساحة احتفظ بها لنفسه فقط حباً وعشقا وهياما؟ هل سيكتشف العلم جينات العدوان والكراهية؟ هل هناك جين خاص بالإجرام؟! والمصيبة أن تجتمع النزعة الإجرامية مع الذكاء فيتخلق ما يسمى بالسيكوباتي المبدع، وهو ذلك المجرم الذي يخدعك برقته وسماحته وطيبته وإخلاصه وتفانيه وصدقه، يجيد إحكام القناع الذي يخدع به الناس حتى يتمكن منهم فينفث سمومه ويرديهم صرعى وقتلى. فهو يدوس الأعناق وهو يتسلق حتى يصل إلى القمة! والطريق إلى القمة مفروش بدماء الناس وعظامهم وجماجمهم. الطريق إلى القمة مفروش بالنفاق والرياء والغش التجاري والنصب والتزييف والسرقة والدعارة.
ماذا تفعلين لو تزوجت رجلاً سيكوباتياً؟، ماذا تفعل لو تزوجت امرأة سيكوباتية؟ ماذا تفعل لو أن رئيسك سيكوباتي؟ ماذا تفعل لو أن زميلك أو جارك سيكوباتي؟ ماذا تفعل لو أن أحد مرؤوسيك سيكوباتي؟ ماذا تفعل لو ابنك أو الأصعب ابنتك سيكوباتية أو شقيقك أو شقيقتك؟
إنه لأمر غاية في الصعوبة إنه ابتلاء يحتاج في البداية إلى التسليم بقضاء الله ويحتاج إلى الصبر، الصبر على الابتلاء ولابد من ضبط أعصابنا وردود أفعالنا لأنها قد تتسم بالغضب الشديد الذي يجعلنا لا نحسن التصرف في مواقف تستلزم الحكمة ولدي تصور خاص في التعامل مع هؤلاء الناس ليس هو تصور علاجي أو عقابي ولكني أسميه: وقائي، بمعنى: كيف نحاصر شره ونقلل من أخطاره؟ كيف نحمي أنفسنا منه ثم نحمي المجتمع؟ ما الإجراءات الوقائية المناسبة؟ كيف تتكون مجموعة أو تتشكل حلقة من حوله يكونون أصحاب مصلحة في وقاية أنفسهم من شروره وإن واجبنا ليمتد من حماية أنفسنا إلى حماية بقية الناس من خلال التوعية والإعلام وليس التشهير. ولابد أن نبعده عن مواقع المسئولية والتحكم في مصائر الناس أو المال أو الرأي العام. ولو أن الناس اكتشفوا أمره ولو تدريجياً فستضيق الحلقة حول رقبته، ولن تكون له حرية حركة تتيح له توسيع دائرة إفساده.
إن تبادل المعلومات دون مبالغة ودون رغبة في النميمة والوقيعة والفضيحة يساعد على الحد من خطورته إلا أنه يكون من الأذكياء فيستعين بضعاف النفوس أو بمن يرشوهم أو بالمنافقين ليكونوا درعه الذى يقيه من الذين اكتشفوا أمره، ولذا فإن سياسته الدائمة هي تقسيم الناس إلى فرق متناحرة متنازعة ينفذ بينها ويستعدى إحداها على الأخرى حتى يضعف قواها فيلجؤون إليه مستعينين مستغيثين، لأن في اتحاد الناس اتفاقا عليه وإضعافا له وكشفاً لأمره أما إذا كان السيكوباتي يدخل في دائرتك الخاصة جداً زوج أو شقيقة أو ابنة... إلخ، فالأمر يكون في غاية الصعوبة وغاية الألم! وهنا يختلف موقفك ويتجه إلى الإحاطة والرعاية والحماية ... وبعد حمايتك لنفسك وحماية الآخرين يجب أن تفكر كيف نحميه هو من نفسه؛ لأنه في النهاية سوف يؤذي نفسه، وينتهي به الأمر إلى الموت أو السجن أو الفضيحة أو الفصل من عمله أو الطلاق.
أنا زوجة وبيت مكسور!
ولا تتورط مع سيكوباتي في شركة أو مشروع أو تجارة أو نسب تعامل معه في أضيق الحدود الواجبة لا تعمق صلتك به، لا تدخله بيتك. لا تأتمنه على أسرارك وإذا. أتيحت لك الفرصة لتحاشيه أو الابتعاد عنه فلا تتردد. تأكد أن الاقتراب منه خسارة، ليست خسارة مادية فحسب ولكن خسارة نفسية معنوية روحية، فهو يؤذي النفس، يلوث الروح يحطم المعنويات، إنه من المفسدين في الأرض، إنه لا يصلح أبدا! وإذا اضطررت للعمل معه فراقبه بدقة ولا تثق به على الإطلاق واحذر فهو مخادع وممثل جيد وسيكون كل همه أن يقنعك أنه طيب وأمين! وهو وراء معظم الجرائم التي نقرأ ونسمع عنها كالقتل والنصب والسرقة والتجسس وهو وراء كل الجرائم الخفية التي لا يعاقب عليها القانون كالنميمة والدس وترويج الإشاعات وتأليفها والوشاية والطعن في الظهر والإيذاء بلا رحمة حتى لأقرب الناس إليه!.
اضافةتعليق
التعليقات