هل جربت يوما أن تستيقظ باكرا، في الثامنة مثلا، وتجد قطرات المطر جلست خلف زجاجة غرفتك، والجو بات مليئا بالغيوم الرمادية، لتتجه نحو المطبخ وتختار أجمل كوب وتصنع القهوة بينما رائحتها تمتزج مع هدوء الصباح وتتلاءم مع هذا الجو الشتوي الغائم؟.
وتختار بعدها أفضل موقع من البيت وتجلس باسترخاء تام دون أن تنظر إلى الساعة بينما حرارة الكوب قد انتقلت إلى راحة كفك ونبهتك بأن ترتشف منها القليل لتأخذ طريقها إلى أحشائك الداخلية ويأخذ الكافيين دوره مع خمولك الصباحي هذا..
هل جربت أن تختار لنفسك الأفضل، أو تعيش لنفسك قليلا في صخب هذه الحياة.
أن تجلس جلسة حميمة مع ذاتك وتحاورها بطريقة لطيفة وشاعرية للغاية وتصل معها إلى حلول تنقذك من هذه الصراعات الداخلية التي تعيشها بين وقت وآخر، وتصل إلى الرضا وتكون قانعا بما آتاه الله لك؟.
أو تشاهد معها فلما رومانسيا وتتجرد من كبريائك ولا تقاوم مشاعرك في المشاهد المؤثرة وتبكي قليلا إذا أردت ذلك..
أو تذهب إلى السوق وتشتري لها ذلك الملبس الذي تجده غير مناسب لعمرك وترتديه في البيت من أجل نفسك فقط، ما الضير لو عشت لنفسك وأسعدت قلبك بهذه الأشياء البسيطة؟
أو تفعل اشياء كبيرة كالدعاء الصادق النابع من صميم القلب مثلا؟، كأن تدعوا الله لها أن تكون صابرة في لحظات المحن والمواقف التي يختبر الله بها عبده، ليتمكن اجتيازها بالقوة والايمان، أو أن تطلب من الله البصيرة كي لا تضيع في دهاليز الدنيا ويختلط عليك الحلال والحرام في زمن كثرت فيه الشبهات، فلا تعرف على أثره الحق من الباطل.
وما الضير لو طلبت من الآخرين الدعاء لك إذ أن الله عز وجل أوحى إلى موسى عليه السلام بأن يدعوه بلسان لم يعصه به، فقال النبي ومن أين لي ذلك، فقال الله عز وجل: ادعني بلسان غيرك، أي الناس.. فهو لم يعص الله بلسان الآخرين.
ولو فكرت بنفسك أكثر وأحببتها ذلك الحب الخالص، لفعلت من أجلها الكثير وهذبتها من دنس الدنيا وشهواتها، وأزلت عنها وسخ الكذب والنفاق، وطهرتها بنور الايمان والتقوى، وحفظت عيناك الجميلة من الحرام، وبيضت وجهك بالصلاة والعبادة، وفتحت على قلبك مصراع العشق الإلهي وأطلقت العنان لقلبك أن يرى طريقة إلى ملكوت الله..
الروح أيضا تحتاج إلى الاهتمام والعناية كالجسد، فإذا حقا تحب نفسك يجب أن تنقيتها من شوائب الدنيا، اهتم بها واعطها فرصة نقية وحقيقية مع الله، وعش لنفسك قليلا، وتذكر دائما أنك تستحق علاقة أفضل مع الله.
اضافةتعليق
التعليقات