الظواهر الاجتماعية بارزة الأثر في ثورة الامام الحسين (عليه السلام) وهي متعددة بتعدد المجتمعات الانسانية، وهي مرافقة لحياة الناس رغم مصرع الحسين وأهل بيته وأصحابه، ويبرز دور هذه الظواهر في تفاعلها النفسي مع مسيرة الثورة ويتجلى أثرها في كونها عفوية الايماء، لا قسر معها ولا إكراه فهي تتبع من صميم النفس متجاوبة الاصداء في حياته الاجتماعية بعيدة عن العسر والتكلف فيما سنلمحه، وحديثنا الآن عن ظاهرة الحسرة والندم وقد بدأت بعد مصرع الحسين مباشرة وتتمثل في حياة أولئك الذين أتيحت لهم نصرة الحسين فأحجموا منها وسنحت لهم فرصة الالتحاق به.
فأعرضوا عنها فعاد ذلك الرفض الطائش غصة بين اللهاة والحلاقيم، اخذة بكظمهم ضاغطة على مشاعرهم، فهم في عناء مستمر وكابوس لا يرفع اذ رأوا نهج الحسين السافر في ارادة التغير الانساني، فلم يقتفوا أثره بعد أن سمعوا بأنباء مذبحة كربلاء فأنبتهم الضمائر كونهم سالمين، وكون أبناء رسول الله مجزرين في سبيلهم كالأضاحي، وقد تتعدى هذا البعد فتتحول الى لوعة لاذعة في قلب كل مؤمن يرى الحسين أضحية مجزرة الكرامة ولم يتسن له مشاركته في مصابه.
ولم يكن من المستشهدين بين يديه، فكم من زفرة اخترقت الاعماق بلهيب من انفاسها وكم من دمعة أنصبت من العيون تبل الاسارير بحرارتها وكم من متطلع لنصرة الحسين وهو عند مصرعه في عالم الذر من الارحام وأصلاب الرجال، ولسان الحال (يا ليتنا كنا معكم سيدي فنفوز فوزا عظيما).
وفي الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآلة وسلم) “إذا كان يوم القيامة نصب لفاطمة (عليها السلام) قبة من نور وأقبل الحسين صلوات الله عليه، رأسه في يده، فإذا رأته شهقت شهقة لا يبقى في الجمع ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد مؤمن إلا بكى لها، فيمثل الله عز وجل رجلا لها في أحسن صورة وهو يخاصم قتلته “بلا رأس“ فيجمع الله قتلته والمجهزين عليه، ومن شرك في قتله، فيقتلهم حتى أتى على آخرهم ثم ينشرون فيقتلهم أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم ينشرون فيقتلهم الحسن (عليه السلام) ثم ينشرون فيقتلهم الحسين (عليه السلام) ينشرون فلا يبقى من ذريتنا أحد إلا قتلهم قتلة، فعند ذلك يكشف الله الغيظ، وينسي الحزن”.
اضافةتعليق
التعليقات