في دنيا مثل دنيانا الناقصة، لا نتوقع منها أبدا أن تكتمل من أجلنا لأننا ضمنّا جزء منها وكمالها من كمال سكانها وصلاحها من صلاحهم، لكن ماذا نفعل عندما نشتاق لعدلٍ في ظل ما يسود حولنا من ظلم، ماذا نفعل عندما نتلهف العيشة في دنيا يكون فيها المُكرم الأول هو الانسان، ويعتنق الجميع -على أختلاف انتماءاتهم وطوائفهم - يعتنقون دين الحب.
حيث التعامل على أساس القاعدة الذهبية للناس والتي وضعها أبا الانسانية ورمزها الامام علي -عليه السلام - "الناس صنفان، أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق".
حيثُ التقبل رغم الأختلاف، بل التقبل مع الأختلاف، بلا مزيد من الحقد والضغينة والكراهية التي باتت تُعطى للرضيع فتغذيه مع اللبن، ليكبر بقلب يسوده بقع الظلام للفئة الفلانية من البشر وللملة الفلانية من الناس سواء قربوا منه أو بعدوا، والمتأذي الأول من ذلك هو حامل القلب نفسه..
ماذا نفعل عندما نشتاق لدنيا نستغرب فيها وننتفض من سفك دم الحيوان قبل الأنسان، ونستغرب فيها موت أفراد قليلة سويا لا أن يصبح خبر موت العشرات والمئات من الأمور المعتادة، وأن يعمر فيها الانسان سبعين سنةً فما فوقها وعندما يغادر نحزن عليه ونقول لقد غادرنا سريعا وسنشتاق إليه، لا نقول إنه كبير في السن وهذا حد يومه فليستريح وليستريح منه أهله، في اليوم يموت الكثير من الشباب الحسافة والحسرة عليهم.
دنيا نأمن فيها لحامل الدين ونركن بسد عبائته، لا أن نترقب رفع عبائته لنعرف حقيقة أخلاصه لأنتمائه أم لمصالحه.
دنيا نعلم أنها موجودة وسنوجدها أو ينبغى أن نعمل على أيجادها وستوجد إن شاء الله، إنها دنيا العدل التي نعلم أنها ستتحقق حتما كما وجدت في ظل الرسالة المحمدية عند حياة الرسول -عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام- ، ستسود الأرض مرة أخرى وأبديه مع البقية الباقية من أهل بيته لكن ماذا نفعل عندما نستعجلها ونتمنى أن نعيشها ونشهدها مع صاحب عصرها وزمانها في يوم ما قريب، لكننا بشر ولنا صبر ولصبرنا حدود وربما نفقده أحيانا فعذرا عذرا مولاي ماذا نفعل عندما نشتاق؟!
سأخبركم ماذا سنفعل: كما يفعل كل العشاق عند الاشتياق، يستذكرون الأماكن التي وُجد فيها أثر الحبيب يوما، يذهبون إليها يناجونها، يطوفون في حضرة المقام وأرواحهم تطير حوله تحاكيه بكلام لا يمت إلى أي لغة بِصلة، كلام لن يفهمه أحد، لذا هم في غنى من مشاركته لبشر.
يجلسون على شاطئ أمل كل جمعة، يكتبون رسائل يبثون فيها ما تعتليه قلوبهم، أمنيات، دموع ، شموع، أشواق، وجدول مهام ممتلئ بالعمل والكثير الكثير منه عسى أن يَتقبلهُ منهم ويجعلهم من المنتظرين العاملين والممهدين.. وكلهم أمل ألا يكونوا من "الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا"..
اضافةتعليق
التعليقات