نظراً إلى الأعدادِ الهائلة للسكان الذينَ قَد يَقطِنُونَ بُقعَةٌ مُعَينَةٍ، في أَيّ مَكانٍ مِن الكُرة الأرضية، تَجِدَهُم حَتى في اقترابهم هذا، وَمُجاورتِهم لِبَعضِهم الآخر. يختلفون في أساليِب عَيشِهم وفي تفكيرهم!، وَقَد يكون هذا الأختلافُ سلبياً أو إِيجابياً.
بِطَبيعَةِ الحالِ.. الأِنسْانُ يُعتَبَرُ كائِناً اجتِماعِياً، لا بُدَ لَهُ مِنْ أَنْ يَكونَّ ضِمنَّ فِئَةٍ تُشْابِهَهُ أَو تَتَفِقَ مَعَهُ فِكرِياً، أَو عاطِفياً، وَهوَّ بِذاتهِ يَكونُ نُسخَةً مُكتَسَبَةً مِنْ غَيرِهِ، وَمِنْ مَجتَمَعِهِ، وَما تُحِيطُ بِهِ مِنْ ظُرُوفٍ، وَقَدْ لا يَكونُ أَيضاً هَذا التَشابُهُ ثابِتَاً!، فَعَقلُ الاِنسانِ يُمكِنُ أَنْ يَتَمَيّزَ عَنْ غَيرِهِ في كَثيِرٍ مِنَّ الأمورِ وَالأفكار التي لَم يَسبِقَهُ غَيّرَهُ فِيها.
قَدْ يَكونُ لِهذا الحالِ حَسَناتٍ وَسَيئاتٍ، فَالحَسَناتِ تَكونُ مِنْ خِلالِ اتِفاقِكَ مَعَ تِلكَ المَجموعَةِ الَتي تَرى بِأَنَكَّ قادِرٌ عَلى التَفاعُلِ مَعَها بِكُلِ شَيءٍ، وَتُشَجِعَكَ حَتى تَصِلَ إلى هَدَفِكَ الأساسِ.
وَأَما المَسَاوئِ أِنَكَّ قَدْ تَكونُ مَعَ فِئَةٍ تُمِيتُ الرُوحَ المُبدِعَةَ في دَاخِلِكَ مِمّا تُؤَديِ بِكَّ إلى أَنْ تَكونَ شَخصَاً لا فَائِدَةَ مِنْهُ فِي أَغلَبِ الظُرُوفِ، وَإنْ كُنْتَّ قَد دَخَلتَ إلى هَذِهِ الفِئَةِ عَنْ طَرِيقِ الخَطَأِ وَالسَهوِ فَلَنْ يَكونَّ لَكَ القَدْرَةُ في الاِنْفِصالِ عَنهَمْ، إلا بِطُرُقٍ صَعّبَةٍ، وَتَحْتاجَ إلى وَقتٍ طَويِلٍ حَتى تَفصِلَ ذاتَكَّ عَنهمْ..
وَلَكِن، إذا أجَتَمَعوا عَلى فِكَرَةٍ مُعَيَنَةٍ، وَكُنتَ أنت المُختَلِفَ عَنهُم!، لَن يُمكِنُكَ مُواجَهَةُ كَثرَتِهِم!، فَهُناكَ دَوامَةٌ سَتَحصُلُ في بُقعَتِهم، وَالتي قد تَشمِلُ حَتى بُقعَتَكَ التي تَعيشُ فيها، والتي تُحِيطُ بِكَ، كُلَما حاوَلتَ السَيرَ عَكسَ تِلكَ الدَوامةِ سَتَجرُفُكَ رَغمَاً عَنكَ، لِتُعِيدُكَ إلى الطَريقَ الذي تَسيِرُ هيَّ عَلَيِهِ!، لِأَنَهم بِنَظَرِهم ما هُم عَلَيه هوَ الصَواب، وَما أَنتَّ عَلَيه هو الخَطأ بِعَينهِ، وَأَنّتَّ عِندَما تُلغي ذَاتَكَ لِلسَيرِ مَعَ تِلكَّ السَيّئاتِ، فَقَدْ أَلغَيّتَ ما مَلَككَ بِهِ الرَبُ سُبحانَهُ وَتَعّالى، وَمَيّزَكَ بِعَقلِكَ وَبِأَفكارِكَ وَشَخْصِيَتِكَ، وَلا تَعّتَقِدَ يَومَأ بِأَنَّ وَصفَةَ النَجاحِ هيَّ أَنْ تُماثِلَ غَيّرَكَ.
حَلِل المَوضوع أوَلاً، ثُمَ فَسِرهُ عَلى حَقيقَته، وَأنظُر إليهِ مِنْ كُلِ الجَوانِب، لَيسَ فَقَط مِنْ جانِبِكَ.
لا تُحاوِل بَتاتَاً أَنْ تُواجِهَ تِلكَ الَدَوامَةُ بِمُفرَدِكَ، كَأنْ تَبذُلُ قُصارى جُهدِكَ في تَغييرِ مَسيرِها!، أستَجمِع قِواكَ بِداخلكَ، وَحَدِد أساسَاً لِأنطِلاقِكَ، وَحَدِد خَطواتَكَ بِالتَدريج، وحَاوِل بِجُهدٍ واسعٍ أَنْ تَكونَ مُتَفَوِقَاً بِنَجاحِكَ، وَتَلفُتُ إلَيِكَ أَنظارَ الذيِنَ يَقُودُونَ الَسيرَ بِتِلكَ الدَوامَةِ، وَحاوِل أَنْ تَكوُنَ كَما يُرِيدُونَّ!، لكنْ بَأِختِلافاتٍ لَيسَتْ بِواضِحةٌ.
فَكُلَما زادَتْ نِسبَةُ نَجاحِكَ سَتَكسِبُ فُضُوَلَهُم، وَتَجذِبُ أَفكارَهم إلَيكَ، وَيَنظُرُ إلَيّكَ كُلَ مَنْ مَوجُودٌ في تِلكَ الدَوامةْ، كُلَ وَاحِدٍ مِنهُمْ سَيُحاوِلُ أَنْ يَكُونَ شَبيهَاً، أَو قَرِيِبَاً عَلَيِكَ، لِيَكُونَ نَاجِحَاً.
في مُقابِلِ هَذاْ، يَجِبُ أَنْ يَكوُنَّ لَكَ عَزِيِمَةٌ، وَأِصرارٌ عَلى تَحقِيقِ هَدَفِكَ، وَأَنْ تَتَحَلى بِصِفَةِ الَصبر، عَلى المُواجَهَةِ، وَتَحَمُلَ التَبِعاتِ إلى النِهايَةِ..
دَعكَ عَنْ تَشابُهِ النّاسِ!، وَلا تَمشيِ مَعَ قَوافِلِهمْ، وَدَوامَتِهمْ الخاطِئَةِ التَيْ يَصنَعُونَهَا!، إنَما كُن المُمَيزَّ عَنهُم بِصَوابِكَ.
اضافةتعليق
التعليقات