قال الإمام السجاد (عليه السلام) في مناجاة الشاكين فيقول: "إلهي إليك أشكو نفساً بالسّوء أمّارة، وإلى الخطيئة مبادرة وبمعاصيك مولعة، ولسخطك متعرّضة، تسلك بي مسالك المهالك، وتجعلني عندك أهون هالك كثيرة العلل، طويلة الأمل". (1)
النفس هي نواة الإنسان، وهي مكان الجهاد الأكبر، وبصلاحها يصلح الإنسان كله وبفسادها يفسد الإنسان كله، فطبيعة الإنسان يمر دائماً في حياته اليومية بمد وجزر وسعادة وحزن، ويشعر بنشاط وحيوية وكسل وعدم الرضا، وهذه الأمور طبيعية في النفس البشرية، فلا ثبات في كل الوجود، ولكن من غير الطبيعي أن يركن الى ذلك الشعور السلبي ولا يسعى لتغير تلك السلوكيات السيئة.
قد افلح من زكاها
قال الله تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا 7 فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا 8 قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا 9 وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا 10﴾ (2).
عندما يُشمر الإنسان عن ساعديه، ويعقد النية على اتباع الطريق المستقيم، ويزكي نفسه التي استغرقت في ملذاتها وشهواتها، فإنه سيصطدم بمجموعة من العراقيل التي تقف حجر عثرة امامه وأخطر هذه الموانع وأشدها أذى على الإنسان هي نفسه التي بين جنبيه كما قال الرسول (صلى الله عليه واله وسلم): أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك. (3)
مراحل برنامج مجاهدة النفس
المرحلة الأولى: التخلية
ويقصد به تصفية الباطن من الأنا والأهواء والصفات الرذيلة والأخلاق السيئة الناتجة عن حب النفس والدنيا وتعلق بهما وسعي المتواصل لتحصيل أكبر قدر ممكن من المنافع الدنيوية مثال: قساوة القلب وحب الجاه والغفلة وطول الأمل، وفي هذه المرحلة يتم محاربة الصفات الرذيلة والاخلاق الذميمة عن طريق العمل بأضدادها فمثلاً التكبر ضده التواضع والغضب ضده الحلم والطمع ضده القنوع.
المرحلة الثانية: التحلية
ويقصد به التحلية النفس بالصفات الحميدة والاخلاق الحسنة.
المرحلة الثالثة: التجلية
في هذه المرحلة الأخيرة تظهر نتيجه التخلي عن الأخلاق السئية والتحلي بالأخلاق الحسنة، وبعد أن يخلي الإنسان ساحة نفسه ويطهرها من التعلقات الدنيوية وتحليها بالصفات الحميدة تصبح النفس أرض صالحة لإستقبال نعم الله تعالى وإحسانه واستجابه لدعاءه، باعتبار أن الله تعالى هو المتصف بكل الصفات الكمالية، فهو الخالق والعالم والقوي والغني، وحيث لا يكتمل إيمان عبد ما لم يكن متوكلاً على الله سبحانه وتعالى في كل أموره في صغيرها وكبيرها فعن الإمام علي (عليه السلام) قال: الإيمان أربعة أركان: التوكل على الله عزوجل، والرضا بقضائه، والتسليم لأمر الله، والتفويض إلى الله. (4)، وعن الإمام علي (عليه السلام): ليس لمتوكل عناء.(5)
اضافةتعليق
التعليقات