يقول أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): "نعم المحدّث الكتاب".
في عالم يتسارع فيه كل شيء، تبقى القراءة ملاذ الأرواح الباحثة عن السكون والمعرفة، إنها ليست فعلًا عابرًا، بل احتفاء بالحياة في أعمق صورها، وبهجة لا تنضب، ولأن الكلمة تزرع في القلب بذور الوعي، وتفتح أمام العقول بوابات الحلم، نظم نادي ريحانة للفتيات برنامجًا خاصًا بمناسبة يوم الكتاب العالمي في 21 شوال 1446هـ الموافق 19 /4 / 2025م احتضنته مكتبة دار الكتب، ليكون يومًا استثنائيًا تنفّس فيه الجمال من بين دفّتي كتاب.
رحلة مع الحرف
بدأ البرنامج بجلسة تحت عنوان "تجربة في عالم القراءة"، قدمتها الكاتبة زينب الأسدي، التي روت للفتيات -بأسلوب مشوّق وصادق- كيف كان الكتاب رفيق دربها منذ الطفولة، وكيف صاغ ملامح فكرها وشكّل وجدانها، تحدثت عن القراءة لا كعادة، بل كحالة عشق، ومصدر قوّة، ومفتاح لفهم الذات والعالم، الجلسة، التي امتدت لنصف ساعة، كانت بمثابة شرارة ألهمت الحاضرات بأن لكل إنسان قصة تبدأ حين يفتح أول كتاب.
قراءات عمرية... لكل زهرة لونها
توزعت بعدها الفعاليات حسب الفئات العمرية للفتيات، حيث قُدّمت قراءات تناسب اهتمامات كل مرحلة.
للفئة المتوسطة، قدّمت الكاتبة ضمياء العوادي قراءة في كتاب عصر المسيح، وتناولت أبرز محاوره بأسلوب سلس وعميق، فتحدثت عن شخصياته، والرسائل القيمية التي يحملها، وفتحت باب النقاش مع الفتيات، اللواتي أبدين تفاعلًا رائعًا وأسئلة تعبّر عن وعي وثقافة.
أما الفئة الابتدائية، فكان لهن موعد مع كتاب أميرة النور، قدمته الأستاذة أفراح الحسيني بأسلوب قصصي ممتع، جعل الصغيرات ينغمسن في عالم الحكاية ويتعلّقن بأميرة القصة، التي تمثل النقاء والخيال والجمال، قرأت لهن، وحاورتهن، وزرعت بينهن محبة الكلمة منذ نعومة الأظافر، امتدت كل فقرة لنصف ساعة، ولكن أثرها كان كالعطر، لا يُنسى بسهولة.
من الرفوف إلى الأرواح
وفي ختام البرنامج، تجوّلت الفتيات في أرجاء مكتبة دار الكتب، برفقة المرشدات، حيث تعرفن على طرق ترتيب الكتب، وأسس التصنيف، وكيفية البحث عن الكتب باستخدام الفهارس. فتحت هذه الجولة لهن بابًا لفهم المكتبة ككائن حي، نابض بالنظام، وحافل بالكنوز، لم تكن الجولة مجرد حركة في المكان، بل عبور نحو ثقافة التنظيم والاحترام لعالم الكتب.
خاتمة الحكاية
غادرت الفتيات المكان وقلوبهن تحمل شيئًا جديدًا، مختلفًا، ربما بذرة حلم، أو نداء قلم، أو فضول لقراءة أول كتاب من اختيارهن، كان يومًا مميزًا بالنسبة لهن زُرعت فيه الحروف في تربةٍ خصبة من الوعي، على أمل أن تثمر غدًا أرواحًا قارئة، مفكرة، ومبدعة، فالقراءة ليست ترفًا، بل هوية، وعندما نغرسها في قلوب الفتيات، نؤسس لجيلٍ يعرف كيف يُنير دربه بالحرف، ويكتب تاريخه بوعي وكرامة.
والجدير بالذكر أن نادي ريحانة للفتيات تديره جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية والذي يهدف الى بناء شخصيتهن فكريا ومعرفيا وثقافيا ويستمر على مدار السنة اسبوعيا.
اضافةتعليق
التعليقات