يولد الإنسان في هذه الدنيا وفي حوزته عدة أدوات وهبها الله إياه وأعطاه حق التصرف المطلق فيها تارة والمحدود تارةً أخرى، ومن هذه الأدوات "ريموت كونترول" تتحكم فيه بخياراتك بالحياة بعد أن كان في يد والديك بفترات معينة.
الخطأ الذي يقع فيه الكثير منّا، هو تسليم هذا الجهاز الثمين فيما بعد، لأيدٍ أمينة وغير أمينة حتى، كرهاً أو طوعاً، ضعفاً أو خوفاً أو قلة ثقة أو تكاسلاً ربما.
نعم من الممكن أن نُعير هذا الجهاز لأحٍد في ظرفٍ ما، أو موقف، أو مشكلة أو عند مفترق طرق، ولكن يجب أن يرجع إلى صاحبه أخيراً.
مع بالغ الأسف، وقد نمارس هذا بشكلٍ غير واعٍ أحياناً، نحن نوعز الكثير من الخيارات وأخذ القرارات فيها إلى الآخرين، منها: الدراسة، العمل، دائرة العلاقات، حدودها، شكلها، الزواج، الانجاب، السفر، وتطول القائمة.
القبول مثلاً بقرار أبويك في اختيار تخصص ما عنك، تلبيةً لرغباتهم المدفونة منذ الصغر، أو بحسب تفكيرهم أنّ هذا المجال هو لمصلحتك وهو الأكثر وجاهة بين المجتمع.
لكن تذكّر، إنها حياتك يا صديقي، والدراسة والعمل فيما بعد في مجال لا تحبه أو غير متمكّن منه، هو مضيعة لوقتك وإهدار لطاقتك وسبب لتعاستك.
"خير البلاد ما حملك" كما يقول أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، الهجرة تفتح آفاقاً للكثير، لكنها قد لا تناسبك، وحتى اختيار وجهة السفر يجب أن تكون وفق مايلائمك أنت، فجو البحر أو الجبل جميل، لكن لشخصية وظروف صديقك النفسية أو حتى المادية، فلا تقس على نفسك بذات المسطرة.
الزواج مسؤوليتك أنت، معاييره أنت تحددها، والانجاب هو اتفاق بين الشريكين فقط، ولا يحق لأحد من العائلة الكريمة _الصغيرة والكبيرة_ التدخل في الوقت وحتى العدد المرغوب فيه من قبلهم.
وفي النهاية، جهازك يختلف عن جهاز غيرك، قد يتشابه في بعض الجزئيات، لكن الكثير منها قد لا تكون متاحة أصلاً في كلا الطرفين.
نعم، وبلا شك، الاستشارة مهمة، ورأي الكبار مهم جداً، ولا سيما في الأمور المصيرية، وقد تكون نظرتك للأمور ضيقة، والمؤمن مرآة المؤمن، والسعيد من يملك شخصاً حكيماً في حياته، ولا بأس بالسؤال عن تجارب الآخرين وجمع الخيارات، لكن في المحصلة، لوحة التحكم يجب أن تكون بيدك أنت.
"الريموت كونترول" هو عقلك وهو خير مستشار، وقد يكون في مواقف معينة قلبك، فالارتياح الداخلي أو عكسه والحدس والشعور نِعم، وقد يكون عندها كلمة الفصل، وقد منّ الله بها علينا لتسهّل وتختصر علينا الكثير من الطرق.
في 2025، أعد النظر في تخطيط وإدارة حياتك، خذ زمام القيادة، ولا تسمح لأحد بأخذ القرارات عنك، أنت وحدك من تعرف أعماقك والسبل التي تنتمي لها، وأدرى برغباتك وتوجهاتك وسِعة قابليتك، لا تسمح لأي عابر بالتدخل في شؤونك، وكن حازماً في ذلك ف"القلب المرتجف لا يصنع قراراً، كما أن الأرجل المترددة لا تصل".
لو أعدت النظر في حياتك، في 2024 وقبلها، كم من خيار اتخذه الآخرون عنك؟ وتجاهلت نفسك، ماذا تحب، أين تجد نفسك، شغفك، روحك وراحتك؟
هل مازال "الريموت كونترول" خاصتك في يد غيرك؟ أرجعه في السنة الجديدة واحتفظ به، ليكن هذا إحدى أهدافك، وأنت تتحمل نتائج ما تختاره سواء كانت لك أم عليك، فالأخطاء واردة ونحن لسنا معصومون.
أنت لا تملك سوى حياتاً واحدة، لا تهدر ممتلكاتك، اختر الثقة بدل الخوف، ولا تنسى معيّة الله، والتوكل عليه، الحرية لها قيمة كبيرة، فلا تتنازل عنها.
اضافةتعليق
التعليقات