ما إن يهل هلال محرم الحرام وإذا بجمرة تشتعل في قلوب شيعته ومحبيه حزناً وجوىً على ما أصابه، يظهر صوت الحزن بادياً على كربلاء من صغيرها حتى كبيرها، فتتعالى أصوات المجالس وهدير البكاء والنحيب استنكاراً وحزناً على ما مرَّ به أهل بيت النبوة من القتل والظلم وهتك الحرمات واستباحة الدماء الطاهرة وغيرها من مظاهر الأسى والأذى .
فنستنتج من كونية عاشوراء وكل ما قدم فيها الحسين (عليه السلام) أن الله أعطاه ما لم يعط أحداً من العالمين إذ ربط دمه بعالم التكوين، وهذا يعظم المسؤولية علينا نحن كشيعة ومحبين له ومن جملة تلك المسؤولية أمران :
الأمر الأول: التعريف بالإمام الحسين (عليه السلام) وشرح قضيته وبيان أهدافها وتبيين مبادئ نهجه الذي سار عليه، وكشف ما جرى عليه وعلى آله وصحبه لجميع الناس في شرق الأرض وغربها .
ومن وسائل ذلك إقامة عزاء الإمام الحسين والتشجيع على إحيائه بمختلف الأشكال المشروعة.
أما الأمر الثاني: فيتحدد - بعد إتقان مقدّمته في الأمر الأول - بالاقتداء متابعة أهداف الإمام الحسين (عليه السلام).
فالتعريف بالحسین عليه السلام وقضيته من خلال إقامة مجالس العزاء والشعائر الحسينية من جانب والعمل على تحقيق هدف الإمام المتمثل بإنقاذ العباد من جهالة الكفر وضلالة الباطل والمعاصي التي يرتكبها الإنسان بحق نفسه فالجزئية الأكبر من معركة الطف هي إنقاذ الإنسان مما هو عليه إلى نور الحق والإسلام والإيمان والتعاملات الصحيحة التي ترتكز على الأخلاقيات القويمة من جانب آخر هما ضمن المسؤولية الملقاة علينا تجاه الإمام الحسين (عليه السلام) .
فلنشمّر عن ساعد الجِد وخصوصاً في شهري محرم وصفر، ولنعد ونستعد لنستثمر طاقاتنا في هذا السبيل من أجل أن تتحقق المبادئ العليا المتمثلة بسيرة أبي عبد الله الحسين عليكم وذلك من خلال المواكب والشعائر والمجالس والأفلام الرمزية المسجلة والشبكات المعلوماتية والفضائيات والمنابر والندوات، وسائر الوسائل المتاحة، فهذه جميعها تشكل جزءاً من مسؤوليتنا الوارد ذكرها في قول الإمام الصادق حين يخاطب جده الحسين عليها: «وضمن الأرض ومن عليها دمك وثارك» فما أكثر الناس الذين لا يعرفون الإمام الحسين وقضيته وأهداف نهضته، وما أثقل مسؤوليتنا تجاههم؟
وهنا يأتي دور تجليات العولمة واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي في توصيل القضية الحسينينة بأبهى صورها وأدق الصور التي خلدوها الشيعة الموالين لأهل البيت والأهم نقلها بطريقة تمثل أخلاقيات ديننا القويم من الإحسان والإيثار والتسامح .
اضافةتعليق
التعليقات