يعيش الشارع العراقي اليوم صخب جماهيري عام بمظاهرات شعبية تطالب بالحقوق الشرعية التي تنص على وطن آمن يحفظ للمواطن كرامته، ولكن الفراغ القيادي الذي نعاني منه اليوم يأزم الأمر ويصعب حركة التجمعات الشعبية وتوجيههم وفق خطة شعبية مدروسة واحدة.
ولا يمكن الانكار بأن هنالك أخطاء مترتبة في انحراف سياسة التظاهرات التي تحصل في البلد اليوم، بالإضافة الى خوارق معينة تعود أسبابها لوجود اشخاص مندسين يحاولون حرف مسير التظاهر السلمي لأهداف معينة، ولكن هل تم الكشف عن هؤلاء الأشخاص؟
لا زالت أجهزة الأمن تحاول البحث عن الأفراد الذين كانوا السبب المباشر في قتل الأرواح البريئة سواء بالرصاص الحي أو بطرق أخرى، ولكن إلى هذه اللحظة لم يقدم أي شخص أو أي حزب أو أي جهة إلى مقصلة التهمة..
ومن هنا يتبين وجوب تعيين قائد أعلى يكون محل ثقة الشعب لتسيير هذه الاحتجاجات الشعبية العامة وهذه الجموع الغفيرة من المواطنين من قبل شخص واحد يمثل قلب الشعب، بدلا من أصحاب الصفحات العامة والخاصة والشخصيات المؤثرة في المجتمع سواء بالسلب والايجاب على مشاعر الشعب فإذا كان القائد عارفا بحق المواطنة ومن نخبة الشارع العراقي ومتفق عليه من قبل الشعب ومؤمن بوطنه وشعبه حينها وبلا شك سيتم تسيير هذه التظاهرات بتوجيه عقلاني ومدروس والأهم من كل هذا موحد ودقيق وهادف، وفي حال تعرضت المظاهرات لأي اختراقات من قبل المندسين سيتم التعرف عليهم والكشف عن هويتهم أمام الشعب نفسه لأن عملية الكشف سيكون أسهل باختراقهم للتوجيهات وفضح النوايا والعمل بالفعل المضاد إذ انهم لم يعملوا وفق التوجيهات العامة وانحرفوا عن المسار العام في سلمية التظاهرات وبهذا سينكشف الحابل من النابل.
وفكرة عدم الايمان بوجود قائد حقيقي واحد يستحق أن يمثل الشعب هي بدعة، فمن عاش الألم والأسى في الحقب المأساوية التي مرت على العراق وضاق طعم المرار وضنك العيش وعرف عدالة الله حق المعرفة وتوفرت فيه المؤهلات اللازمة للقيادة يستحق أن يكسب ثقة الناس ويقودهم إلى الوحدة والحرية، فهنالك الكثير من النخب الذين لازموا الشوارع من الأطباء كي يعالجوا أبناء بلدهم وهنالك من ترك قضاياه في المحكمة ولحق بالشارع كي ينادي بحقوق أبناء شعبه، والكثير الكثير من النخب المهمة في المجتمع اهتز وجدانهم وتخلوا عن كل شيء وصرخوا للحق.
إذاً يمكن أن يتم ترشيح عدد من نخب المجتمع العراقي ممن تتوفر فيه المؤهلات اللازمة للقيادة بشرط مهم جدا ألا وهو أن يكون (محل ثقة الشعب)، ويتم اختيار شخص واحد يتفق عليه الشعب ويؤمن به وبقدراته ليقودهم إلى وطن حر.
وعلى طول الأجيال السابقة نلاحظ بأن أكبر الثورات التي هزت التاريخ بنجاحها واشترت الحرية كانت بإشراف قائد محنك عمل وفق إرادة الشعب وقادهم نحو الخير والحق..
فإن الاحتياج إلى قائد يعود إلى عدة أسباب مهمة منها استقطاب جهود الأمة وتوجيهها توجيها موحدا نحو الحرية والحق وفي محاولة لشد بعضهم ببعض بما يكون أكثر قوة وأمتن رباطا.
ولا يمكن ذلك إلا بعد أن يعين قائد أعلى لهذه الثورة المليونية ليكون مرجع لكل حركة ومنتهى كل خلاف ومفتاح لكل أزمة حيث تتضارب الرؤى وتتعارض الأهداف والآراء وتضيع الجهود بدخول العابثين والمندسين الذين اراقوا دماء الشباب وزرعوا الفتن بين أبناء الشعب الواحد دون الوصول إلى معرفة هوياتهم الشخصية، إضافة الى الفئات المشتتة التي لا تفقه الهدف الحقيقي الذي ضحى من أجله الشباب بأرواحهم، ولا تعرف المطالب الواقعية التي خرج من أجلها الشعب إلى الشارع ونادى بها، فمهمة القائد هو تحديد الأهداف الحقيقية والعمل على تحقيقها.
وكذلك مواجهة المفسدين مواجهة حقيقية (وجها لوجه) ووضع دستور يلبي مطالب الشعب ودراسة وضع الشارع والتوصل إلى حل مفصلي يعيد للعراق عافيته.
وعندما يكون التوجيه والحركة واحدة حينها سيصل البلد إلى هدف واحد ويحقق جميع أهدافه التي يطمح لها ويصنع بيده الوطن الذي يليق بنا وبأجيال العراق القادمة.
اضافةتعليق
التعليقات