الشي العزيز والشيء الثمين له مكانة خاصة.. وعندما يكون هذا الشيء واحداً ستكون حريصا في الحفاظ عليه أكثر، ستهتم به أكثر وستشعر بالسعادة الحقيقية أكثر، و”بالإنتماء له“ أكثر.
الشعور بالـ "الإنتماء" هذا الشيء هو مفقود في الكثير من العلاقات الزوجية الحالية،
الإنتماء هو أن ترتاحي بوجوده، أن تشعري بالأمان بجانبه، أن تشعرها أنها عزيزة وأنها لا تعوّض ولا تبدّل بأي شكل من الأشكال بالنسبة له.
هي.. هو.. ليسا شيء، ليسا جماد، إذا كُسر أخذنا غيره، بل إذا كسر أصلحناه ولم نستبدل به غيره.
الإنتماء هو أن لا أن يكون محباً للتغيير في كل فترة وفترة.. بل أن يكون مكتفياً بكِ وتكونين أنتِ أيضاً مكتفيه به.
نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) لم يتزوج في حياة السيدة خديجة، لأنه كان يشعر بالإنتماء لها.. وعندما ماتت (سلام الله عليها) بعد ثلاث سنوات من وفاتها تزوج النبي بأمر من الله تعالى وأغلب زوجاته كن أرملات وكبيرات في السن، لأنه لم يكن يهتم للملذات، فالهدف كان نشر الإسلام فقط.
ماهو الإنتماء؟
يُعرّف ”الإنتماء“ بشكل عام بأنه مشاعر داخلية تُحرّك في الإنسان واجب دعم شخص أو منظمة أو فكرة أو كيان ما، وهو مقياس للإلتزام الذي يُبديه المرء حسب درجة رضاه عن الخدمات أو الأداء الذي يحصل عليه. إذ هو مفهوم عام يعبّر عن إخلاص المرء ومدى تمسكه وارتباطه بالفكرة التي يدين بالولاء لها، وقد تكون هذه المشاعر تجاه شخص أو منظمة ووو..
يُعرف الإنتماء لغةً بأنه الإنتساب إلى شيء ما، أما الإصطلاح فهو الإرتباط الحقيقي والثقة والمحافظة على الإرتباط به وجدانياً، وفكرياً، ومعنوياً، وواقعياً، مما يدل على قوة الصلة التي تربط بين الفرد، والشيء الذي ينتمي له.
ماهي نتائج الإنتماء؟
إنّ الإنتماء يعلّم الإنسان الإلتزام، والتفكير بأهمية أن تكون جزءاً من الشيء الذي تريد أن تنتمي إليه وأن تلتزم ”بمبادئها“. وهو مظهر من مظاهر ”التقدير والإخلاص“.
ليس من السهل أن يكون الإنسان مخلصاً، وليس مستحيلاً أيضاً، إن أراد أن يكون كذلك عليه أن يفكر كثيراً في ”المستقبل“ وبمدى تأثير الأفعال التي تبدر منه على ”شريك حياته“ وماهي النتائج..
هل يستحق الأمر أن أخسر علاقتي الدائمة مع شريكة حياتي التي تحملتني في كل أوقاتي وحالاتي والتي هي بجانبي دائماً من أجل لذة ساعة؟.
عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام): ”كم من شهوة ساعة أورثت حزنا طويلاً”. ١.
نعم، أورثت حزناً طويلاً للطرف الآخر وسببت في خراب العلاقة وبرودها، بل وانتهائها.
فالإنتماء أن يعطي الإهتمام اللازم وبشكلٍ صحيح لشريكه الذي يحتويه، وهذا بدوره يشكل مسؤولية وبعد نظر، وهي ليست إلا ”مهارات“ يتعلمها الإنسان ”بإنتمائه“.
عندما تتعلم كيف ”تنتمي“ سيعلمك هذا الشعور كيف تكون ”قائداً جيداً“ وناجحاً في حياتك الزوجية، أن تحترم الشريك، وبالمقابل سيحترمك الشريك، فتشعر بأنك ”مرغوب“ في عائلتك.
إذ عند تكوينك هذا العنصر المهم بدرجة قهارة ”الإنتماء“ ستكون العلاقة فيما بينكم حقيقية وعميقة، وتكوّن لديك ”ذكاء وسرعة بديهة“ عندما يتعلق الأمر بالقيام بالأمر المناسب في نجاح وديمومية العلاقة.
الشعور "بالإنتماء" يساهم في زيادة التعاطف بين الشريكين وخصوصاً عند الإعتماد على نشر المبادئ الأخلاقية، مثل: الوفاء والإخلاص والكرم والتواضع والإحسان والإهتمام والمودة والرحمة واللين وغيرها..
عندما ينجح الزوجين في الإنتماء سيصلان في علاقتهما الى ذروة السعادة والراحة النفسية. إذ هو عامل مهم جداً في بناء المجتمع السليم وازدهاره.
فعندما يشعر أحد الزوجين أنه منتمي لشريكه سيشعر بالراحة العميقة والنشاط والطاقة العالية، بالتالي يبتعد عن التقصير في القيام بواجبات الشريك.
كيف أولّد شعور الإنتماء في نفسي لأصلّح العلاقة؟
كلما مارس الإنسان إظهار الإنتماء سيصبح هذا الأمر جزءاً من طبيعته مع مرور الوقت.. وبالتالي سيـُضفي سهولةٍ بالغة في تطوير العلاقات وبالأخص علاقة الزوجين الطويلة، فيجعلها قوية ومتينة وجميلة.
عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام):
” إن لم تَكُن حليماً فَتَحَلَّم، فإنه قلّ من تَشَبّه بقومٍ إلّا أوشكَ أنْ يَكون مِنهُم” . ٢
لكن هنالك أمور لا أريد الآن التطرق لها، وسأقولها بشكل مختصر.
إن لم يحدث إنتماء بيننا وبين الشريك ماذا نفعل؟ في حالة واحدة الإنفصال عن الشريك محبب، هو أن ترى أنّ هذه العلاقة ”مسمومة“ وتجرك للقاع وهي السبب في انخفاض طاقتك ومستوى إيمانك وبعدك عن الله تعالى.
نحارب ماذا؟
يجب على كلا الرجل والمرأة أن يحاربوا شهوتهم و“يتحكموا بها“.
لماذا نتحكم بها؟ أيحاسبنا الله على شيء خلقه فينا؟! وهو في الأصل موجود في ذواتنا؟؟
الله جلّ جلاله جعل الشهوة لكي يمتحن قلوبنا، ليرى كم يجاهد نفسه وكم تجاهد نفسها وكم وكم سيحاربون هذه الخصلة السيئة (عندما تكون في غير محلها) ليقضوا عليها؟ كم سيعملون على أنفسهم ليرضوا ويقنعوا بما لديهم؟ ليرى بعد ذلك إنتصاراتهم وهم يسحقونه فيباهي بهم ملائكته.. كل هذا ليتمحن الله قلوبنا ويراها كيف تتصرف؟ وكيف تنجي نفسها من هذا المرض المزمن؟
قال الله تعالى في محكم كتابه: ”فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً”. ٣
وقال تعالى: “وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ”. ٤
فالأمر واضح للذي يريد أن يعرف الطريق، وإن تغابى سيظل في هذه الدوامة المدوخة إلى أن يرى نفسه غارق في حب الذات والشهوات وابتعد كل البعد عن مقام العليين.
ولنفترض إن كانت لشريكته/شريكها خصلة سيئة تؤذيه ولا يقدر على الإنفصال، إذا تحمل وصبر ورضي بما قسمه الله له، سيرفعه الله.
عن النبي (صلى الله عليه وآله): ”من صبر على سوء خلق امرأته أعطاه (الله) من الأجر ما أعطاه داود عليه السلام على بلائه، ومن صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها مثل (ثواب) آسية بنت مزاحم”. ٥
أحد العلماء المعروفين كانت امرأته تضربه! وكم حاولوا مريديه إيقاف هذا الأمر لكنه كان يقول: ”هذا الشي يمنعني من العجب بنفسي وهو لصالحي”.
فعندما يكون الأمر وكأنك عالق في دوامة وليس هنالك من مخرج، تذكر قول الله تعالى:
”وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ”. ٦
الخيانة هي لمن؟
الخيانة هي لكلا الشريكين، فقد أصبح في هذا الزمن للمرأة أيضاً.
كم سنعيش في هذه الدنيا المؤقتة لنؤذي قلباً؟ إن لم نريده فلماذا نعيش معه؟ لماذا نعذبه ونعذب أنفسنا؟ إن كنّا لا نطيقه لماذا نكون في بيته لنخونه؟!
نحتاج لوعي ودراية في مجتمعاتنا الإسلامية، بل نحتاج لإيمان قوي يردعنا عن كل ماهو رديء وعن كل ما هو مؤذي للطرف الآخر.
هل الأمر يستحق أن تكسر قلبها/تكسري قلبه؟ فالشريك ذكي لأبعد الحدود سيشعر ويعرف من خلال الفراغ العاطفي، وحتى من النظرات!
وإن كان الأمر من باب التسلية فقط كما يحصل للقادة الفاشلين في حياتهم.. فأنتم تلعبون بالنار وستقتل/ستقتلين علاقتك وحياتك الزوجية بملئ إرادتك. وحتى إن كانت هذه العلاقة فقط عبر مواقع التواصل الإجتماعي، فلا داعي للحديث مع أجنبي في غير علم زوجك/زوجتك، وستعتبر هذه خيانة.
أنكم تقضون على الحميمية التي من المفروض أن تكون طويلة بينكم من أجل لذة ساعة!
هل يستحق هذا الأمر؟
صدقوني لن تخرجوا منه بسهولة، إنه كالمستنقع يأخذكم للأسفل، والخروج منه سيكون بصعوبة بالغة. سيخرب قلبكم تجاه بعضكم البعض، لن تشعروا بالسعادة بعدها وستخرب سمعتكم، بل وفي معظم الحالات سيكون نتيجته الإنفصال. فلماذا كل هذا العذاب والمأساة منذ البداية؟
عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام):
”الخير كله في صبر ساعة واحدة، تورث راحة طويلة، وسعادة كثيرة”. ٧
فالإنسان العاقل لديه بُعد نظر لما هي نتائج أفعاله وهو ليس طماعاً وليس عبد لشهوته.
بل هو إنسان حر، عبد لله فقط، مكتفي بشريكه، وفي، بل ”منتمي“ له.
لأنه يعلم أن الدنيا زائلة فلماذا كل هذه الوحشية في إتباع الشهوات والغرائز الحيوانية؟ إذن فما فرقنا مع البهائم؟.
اضافةتعليق
التعليقات