في حوار بين فتيات تتراوح أعمارهن بين 25 وال35 ، ممن يعشن في ظل اسر يتراوح المستوى المعيشي لها من الوسط فما فوق، ويمتلكن عملا خاصا يقمن به او وظيفة حكومية توفر لهن دخلا ثابتا.. كان موضوعهم هو الخوف من الزواج او بشكل اخر الخوف من القيود التي يفرضها الزواج.
تعتقد اغلب الفتيات اللاتي يمتلكن دخلا خاصا بهن ان الاقدام على الزواج يمثل خطوة نحو التقيّد، فيعتبرن الزواج امرا يقيد الحرية ويقلل السعادة التي يحصلن عليها من جراء الخروج المتكرر مع الاهل والصديقات، ويعتبرن الأزواج بمثابة فخ يقع به من يشعر باليأس او الضائقة المادية او من نزعت منها الحرية في بيت الاهل، غير ملتفتين الى ان الزواج هو اكمال الدين، وبه تحل النعمة وتتم البركة وتستبدل الاحلام المفردة بأحلام مشتركة تتحقق بالمؤازرة والتعاون والتشارك.
ان من ينظر الى الزواج من ثقب اسود ينعكس ذلك على تصوراته خلف ذلك الثقب فيرى الارتباط كقيود ويرى الشراكة استغلال للطاقات، ويرى العمل داخل المنزل مسألة انتهازية من قبل الرجل للمرأة التي تعتبر ضعيفة بالنسبة له، ويرى الامومة مجرد اكمال لدورة الحياة التي يجب ان تكتمل بتكوين الاسرة.
اما من يستبدل الثقب الأسود ببوابة من نور ينظر من خلالها الى ان الارتباط بمثابة التعاون، والمشاركة تحت سقف واحد قوّة والعمل داخل المنزل جزء من الجمال والكمال للفرد، ويرى الامومة نعمة عظيمة من نعم الله عز وجل بها تطلق المشاعر الدفينة التي تبقى متلهفة لتلك اللحظة.
فاختلاف الرؤية قلبت الموازين واستبدلت الأفكار واطلقت منظارا جديدا لرؤية أوسع واشمل بعيدا عن الرؤى السلبية التي تقضي على الموضوع قبل انطلاقه.
ولكن بالرغم من ذلك تبقى الفتاة خائفة من المجهول... حيث تعتقد ان ما سينتظرها قد لا يتوافق مع ما تطمح اليه فتبات رافضة للفكرة ومصرة على رأيها رغم الالحاح ممن حولها لتصل الى سن معينة، تبدأ عندها بالشعور بالوحدة والندم على تضييع الفرص التي قد لا تتكرر مرة أخرى خلال حياتها.
ولمعالجة هذه الحالة التي طالت معظم فتياتنا اليوم وتسببت بزيادة العنوسة داخل المجتمع... يجب مايلي:
أولا: توعية الفتاة توعية دينية وتعريفها كيف ان الإسلام حث على الزواج ففي القران الكريم قال تعالى:
"وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" سورة النور.
وقال جل اسمه العظيم: "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً " سورة الروم.
ولا تخلو الاحاديث الشريفة من الحث على الزواج فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير).
وعن الإمام أبي عبدالله عليه السلام: ( ركعتان يصليهما المتزوّج افضل من سبعين ركعة يصليها أعزب).
كذلك حث الإسلام على الإسراع بتزويج الفتاة فقد ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله قوله: ( من بركة المرأة سرعة تزويجها).
ثانيا: محاولة تغيير نظرة الفتاة حول الزواج من خلال تقديم امثلة للنساء المتزوجات الناجحات في المجتمع، فالعديد من النساء وصلن الى اعلى المراتب العلمية او الإدارية بفضل الدعم المتواصل والمساعدة التي قدمت من ازواجهم.
ثالثا: التشجيع من الام للفتاة التي تعاني القلق والخوف من الزواج، وان تكن هناك فتيات يرفضن الزواج بسبب ما تعرضت له امهاتن من ظلم واضطهاد وسلب للحرية وتعدي على الحقوق من قبل الاب، فيعزفن عن الزواج لتجنب وقوعهن في نفس الموقف، لذا يكون دور الام مهم جدا في التوضيح لابنتها بان والدها لن يتكرر وما حصل للأم ليس بالضرورة ان يحصل لابنتها فلكل رجل شخصية مختلفة وأسلوب مختلف في التعامل مع زوجته.
رابعا: الصداقة ودورها في البقاء من دون زواج ، فقد تشعر الفتاة بانها تمتلك ما يكفي من صديقات، يشاركنها الحياة والنزهات والمتاعب والفرح والحزن والسفر معتقدة بان ذلك يجعلها في غنى عن الزوج والأطفال، الى ان تأتي لحظة تجدهن قد انشغلن بتأسيس اسرهن والحفاظ عليها، فتشعر بالوحدة وتلتفت الى مافعلته عند تلك النقطة.
خامسا وأخيرا: لا تترددي ايتها الفتاة بقبول الزوج الجيد، وان كنتِ تأملين بالحصول على افضل منه لاحقا، فالفرصة قد تعود وقد لا تعود، لذا اغتنمي الفرص وابدأي بمشوارك دون الخوف من المجهول فالزواج رباط مقدس يخضع لرعاية الله تبارك وتعالى... وهل هناك افضل من شيء تتوّجه العناية الالهية.
اضافةتعليق
التعليقات