إنه الصباح... صوت اغلاق باب المنزل.. لقد غادر الى العمل..
نهضت اميرة من سريرها.. خرجت من غرفتها الى غرفة الجلوس، لاح لها مبلغ من المال وضعه لها زوجها على الطاولة وبجانبه ورقة كتب فيها ما يحتاجه هو لكي تجلبه معها عند خروجها..
اعدت الفطور وايقظت اطفالها.. اخبرتهم ان يتناولون فطورهم ويجهزوا انفسهم بسرعة لينطلقوا للتسوق..
في التاسعة صباحا.. خرجت برفقة اطفالها الثلاثة..
في محطتهم الأولى التي توقفوا فيها.. مول خاص بالملابس، اخذوا يتجولون هنا وهناك ويشترون ما بدا لهم.. لاح لها من بعيد صديقتها وهي تقترب منها مع زوجها واطفالها.. سلّمت عليها.. سالتها عن زوجها ولمَ لم يخرج معها للتسوق فأجابتها بانه مشغول ولا يستطيع ترك العمل.
فردت عليها " ولا يوم في الشهر؟!"
ربما اعتادت اميرة ان تخرج وحدها وتلبي احتياجاتها واحتياجات اطفالها، ومنزلها لكنها اليوم تشعر بالفراغ اكثر من أي يوم مضى، تشعر بان المال ليس مهما رغم ان زوجها أعطاها فوق ما تحتاجه بأضعاف لكنها احتاجت لوجوده معهم..
أكملت اميرة مشوارها وكلّها ترقب لمن حولها لا حسدا، ولكنها ارادت ان تكوّن فكرة تستطيع من خلالها ان تتناقش بها مع زوجها.. فشاهدت رجلا يتسوق وهو على اتصال بزوجته يخبرها عن اللون والسعر والقياس، وأخرى تلتقط صورا بهاتفها وترسلها لزوجها..
اخبرتها احدى السيدات بانها في حيرة من امرها أي اللونين تأخذ، فهي دائما ما تخرج برفقة زوجها.. ويتشاركان في الاختيار..
احسّت بالوحدة.. لم تشعر ان معها ثلاثة.. هواجس من الأفكار تدور في رأسها.. لم تعلم لمَ القدر يبعث بهؤلاء امامها، الا يوجد سيدة وحيدة هذا اليوم غيرها..
أكملت مشوارها في السوق وعادت مع اطفالها الى المنزل..
قررت ان تتناقش مع زوجها وتطرح عليه ما شاهدت وكيف ان الأزواج يخرجون معا، ويتشاركون في لحظات التسوق.. وهذا بالفعل ما فعلته تلك الليلة..
اخبرته بانها تمتلك الكثير من المال وتشتري ما يحلوا لها لكنها تحتاج الى من يهتم بما تشتري وما تلبس وما تضع في المنزل، تحتاج ان تتشارك معه في أمور خارجة عن اطار تأدية الواجب اتجاهه واتجاه اولاده، تحتاج الى وجوده فالمال لا يكون بديلا عنه..
تناقشت معه لساعات.. برر عن نفسه بانه يعمل لساعات إضافية لتشتري ما بدا لها بلا عناء ولا تعب.
لكنها أصرت على كونها تحتاج وجوده معها في تلك الساعات... تحتاج ان يتشارك معها الطعام.. ان يجلس لمشاهدة نشرة اخبار التاسعة، ان يقبّل الأطفال قبل ان يناموا.. ان يتكلما قليلا قبل ان يغفوا من التعب.
اخبرته انها تحتاج الى ما تفتقد... تحتاج الى لحظة من الاهتمام!!
وانا أخبركِ سيدتي لو تناقشتِ مع زوجك في الأمور التي تجدينه مقصر بها تجاهك، او بما يظنه انه يفعل لأجلك واجل العائلة ناسيا او غير ملتفتا الى الراحة الفعلية التي يضيفها اهتمامه ووجوده معكم.. لو جلستما معا وتناقشتما في النقاط المظلمة والسوداء التي تعتلي في بعض الأحيان علاقتكما وتسبب في زعزعتها واضأتما العتمة.. لو ابعدتما الغشاوة عن قلبيكما بالمناقشة والحوار.. لحصل كل منكما على ما يحتاجه.. كما حصلت اميرة على ما احتاجته وهو الاهتمام...
فمشاعرنا المكبوتة عادة، واهمالنا للتعبير عنها، السكوت والرضا بما يجري وتقبّل الوضع العائلي وان كنا نحس بالغبن بسببه، عدم المناقشة بين الزوجين وتجنب طرح الأفكار للوصول لحل يرضي الطرفين خوفا من المشاحنات والشجارات، يبدد علاقتنا شيئا فشيئا لنصل الى مرحلة من الاعتياد على الوحدة والابتعاد عن المشاركة بسبب الانزواء والعزلة والاستسلام لدائرة الإهمال.
اضافةتعليق
التعليقات