بتلبد الغيوم تحجب الشمس وتبدو أكثر خجلا وطيبة بالتعامل مع السماء وشعور التفاؤل يغمر الجميع بأن الأمطار قادمة، فيطرب الشعراء بها، وتستفيق الذكريات، وتجتمع العوائل في المنزل، وهناك من يأخذه التهور فيخرج ليلاعب قطرات المطر.
هذه المشاعر الدافئة بهتت ملامحها في العراق فغدى المطر يُتَهيء له من قبل أسبوع بشتى أنواع التحضيرات من تغليف أعمدة الشوارع ومن فرش أسطحة المنازل بالنايلون، ومنهم من لا يستعد سوى للعمل بتخريج المياه من منزله، وما إن تهطل الأمطار حتى تعزف الموسيقى في المنازل بصوت المياه المرتطمة بأسقف المنازل متسللة إلى أعماقها، وما إن يأتي النهار حتى نرى البحيرات تسللتْ لزيارة شوارعنا وتتمايل فيها معانقة أترابنا وأترابها، هذه المياه لم تكتفِ بذلك بل أعجبها أن ترى الأجواء الإمتحانية فزارت مدارسنا وطبعت بصمتها على ملابس الطلاب لتضع علامة العراقة عليهم.
فتعايش الطلاب وسط هذه الأجواء وفي وقت من المفترض أن تهيء سبل الراحة لهم لأن يعيشوا جو إمتحانات مريح، فصارت ضمن راحتهم أن يصحبهم الأب وسط عربة بناء ليصلوا بسلام آمنين، ومنهم من يفرغ شحناته السلبية بواسطة السير في الوحل، ومن أجمل ما يحدث في أثناء ذلك أن تزل قدمه ويسقط على وجهه مستقبلها بضحكة من قِبل زملائه، وما يطمئن بسلامة التعليم أن تستمر المدارس بخوض الإمتحانات في وسط شطآن الصف حيث تتدلى أرجل الطلاب في المياه، وتدخل المُدرسة بكل ثقة لتوزع الأسئلة وتوضحها وتسألهم عن أهم حقول النفط!.
والأجمل أن نقدم ضحايا في سبيل ذلك منتهية حياتهم بأعمدة الكهرباء، وغيرها من الحوادث المرورية وسباحة السيارات في الشوارع وغرقها بالأنفاق.
هذا الواقع الكوميدي الذي يعيشه العراق، نخاف من أن نضحكه كثيرا، حتى لا يُبكينا أكثر، فمن غير الممكن أن نبقى نراقب هذا الحال بوقفة الإعتياد على ما نحن عليه وبالتالي يتردى الوضع يوما بعد آخر.
رغم الحملات التطوعية التي قام بها عدد من المحاولين لإنقاذ أرواح العديد من الناس، لكن نحتاج الى من يدرس ذلك دراسة حقيقة بعيدا عن (جكسارته) المظللة، نحتاج لمن ينزل إلى الشارع ليراه ليحاول ولو محاولة حتى لا يضطر الشعب لأن يكسر حاجز صبره منتفضا عليهم بشراسة، على الأقل ليس من أجل الشعب فرضا من أجل أن تبقوا بين زجاجكم الأسود.
فإلى متى نبقى نعاشر الماء البني ونستقبله ضيفا يحل علينا متى ما جاء الشتاء، وإلى متى تستمر هذه الزيارة، وهل سنراه ضيفا خفيفا يوما ما... هذا ما ستعرفونه في الحكومة القادمة!.
اضافةتعليق
التعليقات