انا رجل صغير.. صاحب الكلمة، ممنوع ان ابكي امام النساء، ممنوع ان اساعد في اعمال البيت، يحق لي ان افعل ما اشاء كوني رجل، اضرب اصرخ كل شيء مباح لا احد يكلمني او يتذمر مني، من لم تنجب رجلا مثلي يعاقبها المجتمع ويطلق عليها (ام البنات) وسعيدة هي امي التي انجبت رجلا وتخلصت من هذا المصطلح فأصبحت (ام فلان) وابي كان ضعيف السند والان قوي الظهر عزيز النسب كتب اسمي في شجرة العائلة..
كل الدلائل تشير إلى كوني سأصبح رجل عربي، لا يعاقب على اخطائه فالخطيئة مغفورة لي، والبنت هي من تعاقب، وكأن الخطيئة مؤنثة، اعود بعد منتصف الليل لا احد يحاسبني فأنا رجل كما قالت امي، افشل في دراستي، لا يهم، من يسأل عن شهادتي وانا رجل، هكذا قال ابي الرجل في امواله لا في شهادته، تركت دراستي والتحقت مع ابي في محل صغير لا يتجاوز الخمسة امتار، أخطأت عدة مرات وقد اكون اقتربت من الخط الحرام ولم اجد غير التبريرات لي، انت رجل، الرجال قوامون على النساء، وللذكر مثل حظ الاثنيين، مثنى وثلاث ورباع، هذه الكلمات التي جعلتني افعل واستكبر من دون اي خوف او تردد، ولم اعرف تفسيرها فكثيرا ما كنت اسمعها من ابي وجدي، والان انا اتناول هذه المفردات، ولست الوحيد فكل رجل شرقي يعرف ان المجتمع معه ينصفه في كل احواله، وان اسرته تسانده وتدعمه في فرض شخصيته الرجولية ومهما كان لوني او فصيلتي ابقى رجل.
في المجتمع الشرقي تجد مكانة الرجل فوق كل شيء، فمنذ الصغر يتربى على كونه منفرد ومتميز ومدلل لا يرفض طلبه، بينما تعامل الانثى بمعاملة اقل منه وتحاسب وقد يجعل لها قيود تمنعها من ممارسة حقها في المجتمع ويعيش الذكر بكامل حريته فقط لانه كتب خلف هويته الشخصية ذكر.. فكيف ممكن ان يتربى الولد تربية تصنع منه رجل شرقي في المجتمع وهل هناك اخطاء في معاملته كرجل صغير..؟ وهل تتفق اساليب التربية مع هذه العادات؟
كل هذه الاسئلة يجيب عليها علماء التربية فيقولون ان التربية لغةً مشتقة من أصول ثلاثة:
الأصل الأول: ربا يربو، بمعنى زاد ونما، الأصل الثاني: رَبّ يَرُب بوزن مدّ يمُدّ، بمعنى أصلحه، وتولّى أمره، وساسه وقام عليه يقال: ربّ الشيء إذا أصلحه، وربّيت القوم أي: سُستُهم الأصل الثالث: رَبِي يَربىَ على وزن خَفِي يَخْفَى، بمعنى نشأ وترعرع وهم زينة للآباء في الدنيا وذُخر لهم في الدار الآخرة؛ وعليه قول ابن الأعرابي فمن يك سائلاً عني فإنـــي بمكّة منزلي وبها ربَيْـــت.
الأبناء لغة: جمع ابن، وأصله بنو، قال ابن فارس: الباء والنون والواو كلمة واحدة، وهو الشيء يتولّد عن الشيء كإبن الإنسان وغيره الأبوة والأمومة.
(تربية الأطفال) هي عملية تعزيز ودعم العاطفة والشعور والتنشئة الجسدية السليمة لدى الطفل، تعتبر الوراثة والمحيط والمجتمع والبيئة، من جملة العوامل الأساسية المؤثّرة في تشكّل شخصيّة الإنسان وبنيته الفكرية والروحية. وتتمتّع هذه العوامل بأهمّيّة ومساهمة عالية مؤثّرة في تربية الأبناء دينياً، هذه العوامل تشكّل الأرضية للتربية الدينيّة والأخلاقيّة وليست علّة تامّة لها. مع التسليم بتأثيرها على الكثير من الأبعاد التربوية في شخصية الصغير والكبير..
العوامل المؤثرة على تربية الذكور
الأسرة، هي من تعطيه الدور الكبير وتعظم شخصيته وقد تطلب منه ان يمثل دور الاب في غيابه ويصنع كما يصنعه الاب، مثل الاب الذي يدخن سيضع الابن القلم في فمه حتى يكون كأبيه.
البيئة، وتمثل الحافز الاكبر لهذه الاعمال فعندما يسمع من حوله كلمة انت رجل، انت رجل يعتاد ان يكون كما قالوا وان كان شي سلبي فقط ليرضي غروره وحتى لا يصاب بكلمة انت لست برجل..
المجتمع، هو ايضا ساهم في تعزيز وجود الرجل فقد عرض الكثير من المشاهد التي شارك فيها الرجل وسلط النور عليها وتجاهل في المقابل دور النصف الاخر. (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ، أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾.
وفي كتاب الله جاء ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ قال علي بن أبي طالب عليه السلام : «أي أدبوهم وعلموهم»، فعندما نجد ان القرآن الكريم والسنة النبوية حث على تربية الابناء تربية صالحة ولم يفرق بين الولد والبنت واعطى حق الاثنين فلم يجعل ذنب الرجل مغفور وذنب الانثى موجود بل يحاسب على الاعمال والافعال ان كان رجلا او انثى، كلاهما نعم الله عزوجل كما رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام) أنهُ قَالَ: "الْبَنَاتُ حَسَنَاتٌ، وَالْبَنُونَ نِعْمَةٌ، فَإِنَّمَا يُثَابُ عَلَى الْحَسَنَاتِ، وَيُسْأَلُ عَنِ النِّعْمَةِ".
اضافةتعليق
التعليقات