عندما تدخل أرض النجف ومشارقها البهية التي تنورت بوجود ضريح أمير المؤمنين عليه السلام وما أن تضع أقدامك بها حتى تخطف أنظارك كثرة المواكب الحسينية التي نصبت في كل جهات طرقها المؤدية إلى كربلاء المشرفة، وعندما تتحدث إلى هؤلاء الذين سهروا وأسهروا راحتهم وبذلوا كل ما لديهم من أموال وطاقات في خدمة الزوار لماذا كل هذا الجهد؟! والبذل فيجيبون بكلمات تتراقص نظرات العشق معها ويقولون: (إنه الحسين) فهنيئاً لقلوب ولج فيها حب الحسين عليه السلام.
ومن بين أصحاب المواكب تحدثت لنا أم عماد التي تعمل في موكب أطفال الحسين هي وزوجها وأولادها وعوائلهم حيث تقول: إنا بدأنا بالعمل والتجهيز في موكبنا منذ الأول من محرم وعندما يبدأ توافد الزوار في الاربعين نقوم بغلق بيوتنا ونبقى مستقرين في موكبنا لخدمة زوار أبي عبد الله الحسين حتى نهاية الأربعين، وأشارت وهي تقلب يديها المتشققتين من العمل أن عملهم هذا وخدمتهم أقل ما يمكن أن يقدموه لخدمة السبط الشهيد، وموكب أم عماد الذي يقع على شارع رئيسي ألا وهو شارع المطار الذي يتوافد عليه أغلب الزوار القادمين من خارج العراق وقالوا أن معاناتهم الوحيدة هي في ملكية الأرض التي بني عليها الموكب الأمر الذي أعاق عليهم تطوير الموكب وبنائه.
وتحدث الأخ حيدر الخفاجي عن موكب أصحاب سفينة النجاة وقال: نحن في كل سنة نهيئ الموكب بكل لوازمه من الأكل والشرب وكل مايحتاجه وكذلك المبيت وقد دأبنا كل سنة بتطويره بما يخدم الكم الهائل من الزوار التي تتوافد علينا، وفي قضية المبيت قال: عندما لا تكفي سعة المواكب نقوم بنقلهم إلى بيوتنا ونوفر لهم وسائط النقل المجانية إلى بيوتنا حيث نقوم بنقلهم للراحة فيها ليلاً وفي الصبح نعيدهم إلى نفس النقطة التي أخذناهم منها حرصاً على أن لا يضيع عليهم ثواب تلك الخطوات بنقصها.
وأما عن المبالغ والمصروفات التي تصرف في خدمة الزوار قالوا أنه بالنسبة لهم لا يوجد لديهم أي دعم من الدولة وأن الدعم فقط على نفقتهم الخاصة التي يقومون بتجميعها خلال سنة كاملة في دخل قد أوقفوه للموكب الحسيني وإن هذا كله بفضل بركات الإمام الحسين عليه السلام فكل ما لدينا هو بفضل إحياء هذه الشعيرة المباركة.
وأما وجبات الطعام كانت تتراوح بين الثلاثة والأربعة وغالباً ما تصل إلى خمسة فنحن إضافة إلى وجبات طعام الإفطار والغداء والعشاء نقوم بتوزيع بعض الفواكه وغيرها من شتى أنواع الطعام في أوقات تتخلل هذا الوجبات الرئيسية.
وفي السؤال عن كيفية ترتيب أوقاتهم خصوصاً أنهم أصحاب وظائف والتزامات وبعضهم يخرج على باب الله كما يعبرون أي سعياً في طلب رزقه قال: بالنسبة للموظفين يرتبون أمورهم وأوقات تواجدهم وكذلك كلنا على هذه الوتيرة نبقى حتى تنتهي فترة الزيارة حيث يبدؤون بتهيئة المواكب قبل حلول شهر صفر وغالباً يبدأ توافد الزوار من بعد وفاة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام الذي يكون تاريخه في السابع من شهر صفر.
ولكون موقعهم استراتيجي حيث يبقون حتى بعد ذكرى استشهاد الرسول صلى الله عليه وآله حيث تعود جموع الزائرين من كربلاء بعد زيارة الأربعين لتعزية أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام بوفاة أخيه وابن عمه رسول الله صلى عليه وآله حيث يكون تاريخها بعد تاريخ زيارة الأربعين فزيارة الأربعين تكون في يوم عشرين من شهر صفر وأما وفاة الرسول صلى الله عليه وآله فهي في الثمانية وعشرين منه.
وفي ختام اللقاء عندما تسألهم لماذا تخدمون الإمام الحسين عليه السلام يقولون: أن الحسين وقضيته غنية عن التعريف وهذا أمر لا شبهة فيه وإن لم نخدمهم لأجله فعلى الأقل لأنهم ضيوف عندنا فما أجملها من أخلاق يحملها هؤلاء الحسينيون.
اضافةتعليق
التعليقات