أجمل ماقيل في الحُب: إنّ الله إذا أراد أن يجمع بين قلبين سيجمع بينهُما ولو كان بينهما مداد السماوات والأرض ..
سيجد كل محب حبيبه ولو كان بينهما أي شيء يمنعهما من ذلك حتى الموت! لذلك نجد القلب يجد تلك الطمأنينة عندما يفكر بالحبيب بعيدا عن التفاصيل الأخرى ، سنشعر بهذا الحب حتى وان أصبنا بفقر اللقاء ، سيرفع القلب أياديه إلى السماء قبل أيادي الجسد و يدعو لمحبوبه.
ستضم الروح ذلك الاسم في ثناياها وتحافظ عليه كما كانت تحافظ زوجة زكريا جنينها التي رزقت به بعد يأس وعقم مع تلك الدهشة، القلق والأمل سيجمع الله بيننا ولو كان أحدنا في مشارق الأرض و الآخر في مغاربها وهذا من لطف الله عزوجل على عباده لأن الأرواح جنود مجندة فقد جندتُ أن أكتب سطور عن شخصية عظيمة لم أرها ولكن بالتأكيد هناك سر عظيم يدفعني لأخطو هذه الخطوات رغم فقر اللقاء ، يدفعني أن أحب، أدعو، أزور المراقد العظيمة و أذكر هذا الاسم بين طيات قلبي و جذوري التي لا يراها أحد .
ماسبب هذا الحب؟
كيف باستطاعة المرء أن يسكن قلوب الآخرين دون أن يراهم أو يروه ؟ كيف باستطاعة المرء أن يكون مؤثرا إلى هذا الحد؟ هنا يقف الزمان والمكان و تكل الألسنة عن الجواب ، ما نراه و نلمسه ليس إلا جزء بسيط من العالم ، وماوراء الغيب ونشعر به السبب الأساسي للحركة والتقدم وكل شيء في الحياة.
بعد حادث السيارة نُقل الراكبين إلى المستشفى وبينهم سيدة فقدت حياتها في طريقها إلى زيارة سيد الشهداء (عليه السلام) ، رأيت حالة إحدى صديقاتي تنعى صديقتها، وبعدئذ وجدت نفسي أزور نيابة عن المرحومة و أقرأ سورة الفجر قربة الى سيد الشهداء نيابة عنها و أوصي الآخرين لذكر اسمها في المجالس.
(خديجة بدر) زوجة الرادود الجليل علي بوحمد ربما لأنها بذلت مالديها كمولاتنا وسيدتنا خديجة (سلام الله عليها) لأن (لكل امرئ من اسمه نصيب) فهي بذلت نفسها في طريق سيد الشهداء (سلام الله عليه) و هي أغلى ممتلكات الإنسان لأجل احياء الشعائر ونصرة الدين .
الزوجة الصالحة
كانت نعم الزوجة في طاعة الله ولم تشكو على كثرة سفر زوجها بما انه رادود حسيني و بطبيعة الحال يكون كثير السفر ولم تشكو على صعوبات الطريق نحو التطور بل كانت رفيقة حسينية تعرف أهمية الغاية و تسعى لأجلها بشتى الطرق.
بر الوالدين
من أبرز صفات المؤمنين برالوالدين حيث تحث الآيات والروايات و العلماء على احترام الوالدين حيث انه المفتاح الذهبي لنيل الدرجات العالية فقد ورد عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) - من دعائه لأبويه -: اللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف، وأبرهما بر الأم الرؤوف، واجعل طاعتي لوالدي وبري بهما أقر لعيني من رقدة الوسنان، وأثلج لصدري من شربة الظمآن، حتى أوثر على هواي هواهما.
فقد كانت بارة بوالديها و عطوفة لمن حولها ويشهد الجميع بذلك ، وقد أصدقت خالتها هذه الميزة و نعتتها ببنتي خديجة من شدة احترامها لها و طيبتها اتجاهها.
مربية الأجيال
من أهم ما يقدم المرء انشاء جيل صالح ليكمل المسيرة بعده ، كما ورد في خطبة الغدير (فليبلغ الحاضر الغائب والوالد الولد إلى يوم القيامة) فتبليغ الولاية مسؤولية كبيرة على عاتق الجميع ولا يستثنى منها أحد ، فكانت تجمع الصغار على حب السيدة رقية وتقدم لهم الهدايا و تعتني بهم وتزرع الحب في نفوسهم منذ نعومة أظفارهم .
كانت تخدم في حوزة الأطفال بالتفاني و تخدم في أقسام أخرى من الحسينية بكل حب و دون شكوى حيث قلن فيها (ذهب، طيبة صافية حنونة ما تاذي أحد وتحب الجميع.
التواضع والإخلاص
أولى الدين اهتماما بالغا بهذه الصفة و قال نبينا الكريم (صلى الله عليه وآله): إنّ التَّواضُعَ يَزيدُ صاحِبَهُ رِفعَةً، فتَواضَعُوا يَرفَعْكُمُ اللّه .
من أبرز صفاتها انها كانت متواضعة بحق ، فشهدت على ذلك جميع من حولها و قالوا بأنها لم تذكر يوما كلمة (أنا) بل سحقت الأنا في طريق تربية النفس و تزكيتها ورفعها الله و أصبحت عزيزة القلوب حتى اللذين لم يروها بعيونهم أبصروها بقلوبهم بسبب إخلاصها مع سيد الشهداء (عليه السلام).
خادمة زوار أباعبد الله الحسين
كانت تهتم بضيافة زوار أباعبدالله الحسين بأبهى صورة ، تحضر لهم الطعام و تلبي حاجاتهم و ترفعهم فوق كل شيء حبا لسيد الشهداء وتتأخر في الذهاب الى الزيارة أحيانا حتى تنهي واجباتها ، وقد كانت حسينية بحق قولا وفعلا ، وتقيم مآتم العزاء وتشارك في المجالس وعندما تضجر البعض عن كثرة المجالس ، وعدم استطاعتهم الحضور ترد قائلة لا ندري المحرم القادم سنتوفق لإقامة المآتم أو لا فلنغتنم الفرصة .
وكأنها كانت قلقة و تعرف انها آخر المجالس التي تحضرها وقد نالت ما تمنت و لقيت حتفها في الطريق الى الحبيب ، سأل رجل الامام الصادق (عليه السلام:):
فما لمن مات في سفره إلى (الحسين)؟
قال: تشيعه الملائكة وتأتيه بالحنوط والكسوة من الجنة وتصلي عليه إذ كفن، وتكفنه فوق أكفانه وتفرش له الريحان تحته وتدفع الأرض حتى تصور من بين يديه مسيرة ثلاثة أميال، ومن خلفه مثل ذلك، وعند رأسه مثل ذلك، وعند رجليه مثل ذلك، ويفتح له باب من الجنة إلى قبره، ويدخل عليه روحها وريحانها حتى تقوم الساعة .
قال رسول الله (صلى الله عليه واله) لمولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) أن الله سيخلق للحسين شيعةً يبكونه ويذكرونه ويحيون أمره ما بقي الدهر فقد خُلقنا لأجله كي نبكي عليه و نحيي أمره ونردد كما ورد في الحديث القدسي (زيارة عاشوراء)
عليك مني سلام الله أبدا مابقيت وبقي الليل والنهار .
سنرحل و نودع الحياة ولا يبقى منا سوى ذرات غبار تنعى الحسين (عليه السلام) وتحوم حول حرمه الشريف، ربما نتمسك بكعب أقدام أحد زواره كي نتشرف لزيارته أو نلتصق فوق عباءة إحداهن لتقلنا إلى حيث الحياة ، أنا حتى داخل القبر أنادي ياحسين!
اضافةتعليق
التعليقات