الأدب الشرقي له دور وبراعة في تصوير الواقع والوجدان في المجتمعات والغاية منه هو الارتقاء بالمثل بالعليا والقيم الإنسانية لفعاليته في التغيير وتأثيره في الأفكار، فالأدلة التاريخية تبين أن المرأة كان لها دورا مشهودا في بناء حضارة أدب عربي عريق في محل يليق بها ومن سمات شعر المرأة الشرقية أنها برعت في تصوير لوعتها ورثائها ونقدها.
وتنقل لنا الشواهد من الأدب العربي في فترة حكومة ابن أبي طالب (عليه السلام) لدور المرأة المبدعة في نقل قيم ثقافية معينة ذات علاقة بطبيعة المرأة، مثل قيم الايثار والتضامن فبرز ولمع اسم في سماء الأدب ممن حمل في قلبها وعقلها قضية وهموم المجتمع هي ضبيعة بنت حزيمة بن ثابت الأوسي، شاعرة، فصيحة ومن المؤمنات التي نصرت بمواقفها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فرثت أباها خزيمة بن ثابت عندما استشهد في واقعة صفين فقالت فيه:
عَيني جُودي على خُزيمة بالدَّمعِ مـع قتيلِ الأحـزان يـومَ الفُراتِ1
وخزيمة ابن ثابت بن عمارة بن الفاكهة بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عباد بن عامر الأوسي ، يكنى أبو عمارة(2)، لقبه النبي ب(ذا الشهادتين) بسبب حادثة وهي أن الرسولﷺ اشترى ناقة من اعرابي فأنكر الإعرابي البيع منه فقال النبي من يشهد أني اشتريت من هذا الاعرابي ناقة فلم يشهد سوى خزيمة فقال له (كيف شهدت ياخزيمة فقال خزيمة يارسول الله لقد صدقناك بخبر من السماء ولم نصدقك بخبر اشتراء ناقة)(3) فسماه الرسول ﷺ حينئذ بذي الشهادتين، وجعل شهادته كشهادة رجلين، شهد بدراً والمشاهد كلها مع رسول الله ﷺ، وكان من السابقين الأوائل لبيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم يفارقه وشهد صفين مع علي بن أبي طالب، وقتل يومئذٍ سنة سبع وثلاثين للهجرة.
فرثته قائلة:
قَتلـوا ذا الشَهـادتـين عُتُـوّاً * أدركَ الله مـنهــم بـالتِّــراتِ
قَتلوهُ فـي فِتيـةٍ غيـر عُـزْلٍ * يُسـرعُـونَ الـرُّكـوبَ للدَّعَواتِ
نَصُروا السيّد الموفّـق ذا العَـدْ * لِ ودانُـوا بـذاكَ حتّـى الممـاتِ
لَعـــنَ اللهُ مَعشــراً قَتلـوهُ * ورمـاهُم بالخِـزي والآفـاتِ4
اضافةتعليق
التعليقات