“أحلكُ الأماكنِ في الجحيم هي لأولئك الذين يحافظون على حيادهم في الأزمات الأخلاقية".
مقولة مارتن لوثر كنغ، لن تستطيع أن تتجاوز هذه الجملة التي افتتح بها دان براون روايته الشهيرة شيفرة دافنشي... الحياد والأزمات الأخلاقية.
الحياد لغوياً هو عدم المَيْل إلى طرف من أطراف الخصومة، أي أن تبقى في الوسط، أن لا تنصر الحق، أن تقف هكذا مليئا بكمٍ من النفاق تجاه نفسك والاخرين، عدم قدرتك على قول لا النابعة من كم من الخوف والجبن هي خيانة كبيرة لذاتك نفسها، خيانة لكيانك وفكرك.
أن تطمس نفسك في العميق، أن تخفي رأيك في الظلمات، أن لا تجاهر به أبدا مهما احتدم الصراع وتطور الموقف، هذا كله لا ينم سوى عن كم هائل من عدم النضج والخوف.
قد يكون الحياد ذكاء عندما يكون الصراع بين شرٍ وشرٍ أو ظالمٍ وظالم إلا إنه بالتأكيد لن يكون إيجابيا إن التزمت الصمت واخترت الحياد عندما ترى شخصا يضرب طفلا أمامك أو يعتدي على عجوز، لن يكون حيادا إن التزمت الصمت وأن ترى شخصا يسرق أو يحرق فأنت بذلك لا تفعل شيئا سوى أن تثبت أنك سارقٌ ومعتدٍ ومخرب كهؤلاء، روحنا لا تفضل الصمت ولا تميل إليه في هذه المواقف، عندما تلتزم الحياد على حد قولك فأنت تخون طبيعتك البشرية لا غير!.
الحياد هو أقل موقف أخلاقي يمكن للمرء أن يلتزمه هذا إن كان أخلاقيا من الأساس بل هو أكثر موقف انتهازي، قبيح، عنيف وخطير، بالتزامك الحياد الدائم أن تؤذي مجتمعا بأكمله بل وتساهم في هدمه، أن تكون في المنتصف على مسافة من الطرفين هذا ما تقنع به ذاتك وإلا إنه لا منتصف في كل شيء... أن لا تنصر الحق يعني أنك مع الباطل ببساطة فالحياد هو شرعنه للباطل وقبول صريح بالظلم.
تذكرت قولا هنا واقتبس منه: "فلسفيا ودينيا ليس هناك حياد في هذا العالم، إذا لم تكن مع الحق فانت حُكما مع الباطل وكل متدرجاته!" وأرفقهُ بقول الله عز وجل (فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ)1 .
حتى إن الإمام الكاظم (عليه السلام) قال: قل الحق وإن كان فيه هلاكك، فإن فيه نجاتك... ودع الباطل وإن كان فيه نجاتك فإن فيه هلاكك.2
وفي هذا الحديث بيان واضح وصريح عن مدى أهمية بيان الموقف في أي موقف أخلاقي يتطلب ذلك، فنحن جميعا تقع علينا مسؤولية ردع الظالم، منع الظلم والوقوف بوجهه ونصرة من يحتاج إلى نصرة بأي طريقة كانت لفظية جسدية أو قلبية وذلك أضعف الإيمان وجميعنا نعرف ونشأنا على مقولة الساكت عن الحق شيطان أخرس.
اضافةتعليق
التعليقات