لايخفى اليوم اننا نعيش في مجتمع تكاثفت فيه غيوم الظلم واشتدت فيه رياح الاستبداد وامطرت سماءه بالنفاق لتتشبع ارض من سقمت روحه برذاذ النفاق ليصبح مريضاً به فيدخل في كل امر من امورهم، حتى باتوا لايستطيعون ادارة امورهم دونه حيث اتخذ اشكال متعددة في المجتمع واستعمل بصور شتى ليتفشى بصور تعكس الغاية من ارتشافه ولأنه مرض خطير واخذت العدوى انتشارها الواسع بصورة غير مسيطر عليها كثرت اعداد المصابين به ممن يملكون نفوساً ضعيفة يملؤها الفراغ ثم ليتركوا دون علاج شاف لهم حيث ثبتت ان اعراضه تكون واضحة على الشخص المصاب من حيث طريقة كلامه وافعاله التي يقوم بها وعدد الاقنعة التي يرتديها من شخص الى اخر كي يقوم بنقل مايريد ان يصله اليهم.
كما عرف النفاق بأنه أن تقول ما لا تفعل وتظهر عكس ما تخفي في قلبك، أن تظهر الخير وتكتم الشر، أن تذيع الحب والاحترام وتخفي الكره والحسد والشر، والمنافق هو الشخص الذي يتسم بهذه الصفة لأنه يمتلك وجهان يظهر أحدهما حسب الموقف الذي يمر به، فالنفاق من أسوأ الصفات التي يتصف بها الشخص فهي تنشئ البعد والكره بين الناس وتفرّق بينهم، وقد ذكر صفات المنافقين وذمهم الله تعالى في كتابه الكريم قال تعالى: (ومنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ*).
وكذلك اشار اليهم النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) في حديث له انه قال "علامات المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا اؤتمن خان".
وبهذا فقد بينت وحذرت الرسالة الاسلامية من المنافقين وبينوا صفاتهم وطلبت الحذر منهم وعدم التعامل معهم لأنهم لا يأذون فقط انفسهم فمن اتعبهم من غير علم ولا دراية يقع تحت تأثير الضلالة والعمى وبالتالي يؤذي نفسه، فالنقاق هو التظاهر باتباع الفضيلة والاخلاق الحسنة والحميدة واضمار السمة والنزاعات الحقيقية للشخصية المنطوية على غير الظاهر منها حيث نستطيع أن نجد النفاق متجلياً بصورة واضحة في الاطارات الاخلاقية والأمور الدينية التي تتطلب الاخلاص فيما يقوم باظهاره ليعكس صورة حقيقية عما يكن داخله لكنهم اتخذوا منه ذريعة للوصول الى غاياتهم ملوثين قلوبهم بالباطل المسيطر عليهم تاركين خلفهم اناساً يدعون عليهم ماطلعت شمس وما غاب قمر.
بقي ان هناك صورة واسعة الانتشار في المجتمع للنفاق ليخرج بنتائج غير محمودة العاقبة حيث إن النتائج السلبية للنفاق الاجتماعي تمثلث:
مسبب غير مباشر للعنصرية، فإدعاء مجموعة من الأفراد بأشياء ليست حقيقية فيهم، ينتج اختلاف طبقي ونظرة دونية لمن ليسوا مثلهم.
_ ينتج عنها الكثير من المظالم وحرمان الاخرين من حقوقهم.
_ الابتعاد عن قيم العدل والمساواة.
_شعور بالنقص وقلة الثقة لدى الأشخاص الذين لا يمارسون النفاق الاجتماعي، مما يدفعهم للدخول في دوامته والابتعاد عن الأخلاق والقيم والمبادئ.
_ انتشار الحقد والكراهية بين الأفراد نتيجة المقارنات المستمرة.
_ضعف في المجالات الأخرى غير الاجتماعية، كمجال التعليم والثقافة.
_بحث الناس عن الكماليات والرفاهية دون الاهتمام بالأساسيات، مما يؤثر على الحالة الاقتصادية والراحة النفسية للأفراد، وبالتالي للمجتمع بشكل عام.
بعدها لابد من وضع كيفية وحد للانتشار من هذا المرض الذي بات ضحيته العديد ممن يملؤهم الجهل وتزينهم المظاهر المغرية تاركين ما يحيي بصيرتهم.
كيفية التغلب على ظاهرة النفاق الاجتماعي:
_ يبدأ ذلك من الأفراد أنفسهم، بالرجوع إلى القيم والمبادئ الدينية التي تحرم النفاق وتتوعد المنافقين بالعذاب، كما بتعليم النفس الرضا والقناعة والإيمان بأن الأرزاق بيد الله، وأن الإنسان محاسب لما في يده، مع الابتعاد عن المقارنات والحسد تجاه الأخرين.
_التركيز على المضمون وترك الماديات، فالفكر السليم ومكارم الأخلاق وحسن التربية والتعامل، هي من تفرض احترام الأخرين وتحدد مستوى الفرد عند من حوله.
_ نشر الثقافة والعلم، والتركيز على الإنجازات التي تفيد البشرية والابتعاد عن حصر التفوق بالجمال أو بالجاه والمال.
اضافةتعليق
التعليقات
2020-05-02