وكأن شيئاً ما يُدار بعناية لطمس شخصية وعقلية الإنسان في الفترة الأخيرة وسحقه ورميه خارج حدود الزمن والحضارة!
فهل تلاحظون معي كيف كنا وإلى أين وصلنا وكيف سنكون؟
ففي عصرنا هذا الذي تتسارع فيه وتيرة الحياة وتتداخل أبعاد الواقع الافتراضي مع المادي، أصبح الإنسان معرّضًا لسيولٍ جارفة من المعلومات والمحتوى عبر منصات التواصل الاجتماعي. هذه المنصات، التي صُممت في جوهرها لربط البشر وتيسير التواصل، تحولت تدريجيًا إلى أدواتٍ قويةٍ لا تُحصى تأثيراتها على الفرد والمجتمع. فمن جهة، تتيح فرصًا غير مسبوقة للتعبير عن الذات وتبادل الأفكار والمعرفة. ومن جهة أخرى، تُثير تساؤلاتٍ عميقةً حول كيفية تغيير العقول، وطمس الهويات، وتشويه الحضارات في ظل ما يُعرض ويُبث من محتوى، غالبًا ما يكون موجّهًا ومخططًا له.
إننا اليوم أمام معضلةٍ حقيقيةٍ تستدعي وقفةً تأمليةً وتحليليةً معمقةً لفهم الآليات الخفية التي تعمل بها هذه المنصات على صياغة الوعي الجمعي والفردي، وتحديد مستقبل ثقافاتنا وحضاراتنا في عالمٍ رقميٍّ لا يعترف بالحدود.
بالطبع، إليك مقترحًا لبداية مقال عالي المضامين والطرح يتناول موضوع تغيير العقول عبر السوشيال ميديا وطمس الهوية والحضارة:
فمن خلال الشاشات يُعاد تشكيل الإنسان بشكل كامل ولم يعد هناك سوى ملامح مُغبرة تدل على ان هناك عادات قيمة ولابد من تطبيقها فكما نلاحظ لم تعد الحروب الحديثة تُخاض بالسلاح والبارود، بل صارت تُدار عبر شاشات مضيئة تحمل رسائل ناعمة الملمس عميقة الأثر. في عصر السوشيال ميديا، لم تعد السيطرة على العقول ضربًا من الخيال أو نظرية مؤامرة، بل أصبحت واقعًا يوميًا يتسلل عبر الإعجابات والمقاطع القصيرة، يعيد تشكيل الوعي، ويعيد صياغة القيم، ويطمس تدريجيًا ملامح الهوية والحضارة. فما بين فيديو ساخر ومحتوى ترفيهي عابر، تُزرع أفكار وتُستبدل أخرى، في عملية تبدو عفوية لكنها ممنهجة في جوهرها.
وقد باتت حتى (الخرافات) تنتشر كالنار في الهشيم؟ عبر حسابات وهمية بالمئات، وربما بالآلاف، تملأ الفضاء الرقمي، تدافع عن الخرافة، تروج للجهل، وتضع العقبات أمام كل محاولة للتفكير أو التغيير؟!
وفي الجانب الاخر ما الذي يدفع مئات التعليقات الزائفة لتبرير محتوى رخيص او رث أو مهاجمة فكرة إصلاحية؟ لماذا أصبحنا نرى كل حركة واعية تصوّر على أنها (مؤامرة) أو (شبهة)؟
هناك من لا يريد للمجتمع أن يتحرك، لا يريد له أن يفكر، يريد أن يبقى راكداً، خاضعاً لكل ما هو مضلل!
من المستفيد من هذا الركود؟ من يقف وراء هذه الجيوش الوهمية التي تدافع عن الرداءة وتقاوم علاج اخر نبض متبقٍّ في المجتمع؟ ومن يزرع في عقول العوام افكار زائفة.
الهدف من كل هذا ليس نشر الجهل فحسب ، بل هو أكثر خبثاً. هي محاولة لتحويل العقول إلى أداة خاوية، جاهزة للتصديق والانصياع، بدلاً من أن تكون منارة فكرية!
يتم دفعنا تدريجياً لنقبل أن التفاهة والخرافة هي (الطبيعي)، وأن أي محاولة للخروج عن هذا المسار تقابل بسيل من التشبيهات مثل: جاهل، غير متحضر، غير مثقف، وغيرها ؛ ومرات أخرى تهاجم كرامتك وشخصيتك بشكل فج ومباشر!
المحتوى التافه، الخرافي، المضلل، ليس مجرد مضيعة للوقت وليس فهمه بهذه البساطة! هو أداة تم دراستها بعناية لتغيير المزاج العام، لتحويل الإنسان إلى كائن بلا غاية، بلا معنى، أشبه بماء راكد لا حياة فيه! وهذا مايحصل الان.
اضافةتعليق
التعليقات