إنها الساعة التاسعة صباحا الآن، أو ربما ليست التاسعة، لا أعلم حقا ف قد توقفت منذ مدة مضت عن النظر إلى الساعة عند استيقاظي.
ها أنا في شرفتي الصغيرة يرافقني كوب الشاي الساخن هذا، يتناهى إلى مسامعي صوت القرآن الذي اعتادت جارتي ذات الخامسة عشر من العمر أن تبدأ به كل صباح.
عبد الباسط عبد الصمد، أحب صوته كثيرا، يبعث إحساسا غريبا بالطمأنينة، الرأي الوحيد الذي اتفقت عليه مع عائلتي، من الغريب أني لم أشتق لهم إلى الآن، قالت أمي قبل أن تغلق بابها في وجهي للمرة الأخيرة أنني لن أحتمل يوما ب دونهم، ها قد مرت أربعة أشهر وخمسة أيام يا أمي، والشيْ الوحيد الذي ينقص حياتي هو عراككم الدائم.
فور مغادرتي بيتنا الكبير ذاك، أحسست أني "رابونزل" التي لم تر العالم الخارجي قط ورميت فجأة في وسطه، توجهت وقتها إلى صديق أبي الذي توفي قبل عامين من الآن وترجيته أن يحصل لي على عمل ما، قام بعدة اتصالات ليخبرني بعدها أنه حصل لي على عمل ب صفة أمينة مكتبة في المنطقة المجاورة براتب يعتبر جيدا نوعا ما.
ما زلت أمينة مكتبة لليوم، يحتاج البعض سنين عديدة لمعرفة أن أفضل مكان تدفن فيه نفسك هو بين الكتب.
بدأت تمطر، هل لاحظ أحد من قبل أن المطر يبعث فينا إحساسا غريبا بالوحدة؟ حسنا لأدخل الآن.. يكفي أن أكون وحيدة، لا ينقصني أن أكون مبللة أيضا.
أظن أني لمحت كلبا ما هناك في أسفل الشارع.. نزلت بسرعة لأتأكد.. هل أخبرتكم أني أخذت فضولي هذا عن والدي! إنه كلب بالفعل... يا له من مسكين، إنه صغير جدا.
هل يكون أضاع أمه.. أم أنه مطرود ك حالتي أنا؟
أخذته إلى الشقة، أعطيته بعض الحليب الدافئ، لم أعلم ما الذي يجب أن يأكله، لكن يشرب الجميع الحليب، أليس كذلك؟
لطالما أحببت نوڤمبر، اعتادت الحياة دوما أن تهديني شيئا فيه. هاتفي يرن، رقم غريب!
_ ألو .. منو؟
_السما دتبچي.
حسنا، إنها أختي الصغيرة، اعتادت أن تخبرني مزحتها السخيفة هذه كلما أمطرت.
عاد إلي صوتها مجددا، إنها تخبرني أنها اشتاقت، أخبرتكم أني لم أشتق أليس كذلك؟
حسنا للأصوات قدرة مدهشة على تكذيبنا، لقد اشتقت... اشتقت حقا!
هديتي الثانية من نوڤمبر... صوت أختي.
اضافةتعليق
التعليقات