بعد انتشار كوفيد-19 وازدياد الضغط على قطاع الاتصالات أصبحت الاتصالات أمام اختبار مفاجئ لمستوى كفاءتها في استيعاب حاجة الأعداد المتزايدة من الموظفين العاملين عن بعد، نتيجة تطبيق الشركات حول العالم سياسات العمل عن بعد، واستخدام المنصات الرقمية لمواصلة نشاطها، خلال إجراءات حظر التجمعات والتجول والتنقل للحد من تفشي فيروس كورونا.
وهذا الارتفاع المفاجئ في الاستخدام والطلب قد يحمل الشبكات الافتراضية الخاصة فوق طاقتها في دولٍ عدة، وأن خدمات النطاق العريض أصبحت تحت الاختبار أيضًا، لأن استخدامها لا يقتصر على الوصول إلى الشبكات الخاصة أو الإنترنت من أجل النشاطات التجارية فحسب، بل يشمل أيضاً إقبال الناس على الخدمات الترفيهية، كما أن إجراء الاتصالات من جميع أنحاء العالم يسهم ببطء وانخفاض جودة الخدمة، مما سيضطر الشركات غير المُستعِدة لهذه اللحظة إلى ترقية معداتها وبنيتها التحتية لتخفيف الضغط على شبكة الإنترنت.
وبين تقرير أطلقته مؤسسة دبي للمستقبل أن عدم السماح باستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية في بعض الدول العربية، سيمنع الشركات من استخدامها لمواصلة اتصالاتها التجارية الدولية عبر شبكة الإنترنت وقد يؤدي اضطرار الموظفين إلى العمل من المنزل وتعليق الرحلات الدولية، إلى مراكمة ضغطٍ هائل على اتصالات الشركات، من ناحية ارتفاع التكلفة وانخفاض الكفاءة، ما قد يفاقم أعباء الشركات التي تواجه أصلاً انخفاضاً في الطلب.
وتناول التقرير الوضع الحالي بإيجابية، مشيراً إلى أن ما يحدث يوفر فرصةً للهيئات الحكومية وشركات الاتصالات لتقييم أثر التغييرات المحتملة في اللوائح التنظيمية مستقبلًا، وتحديد مدى حاجة البنية التحتية إلى الترقية، ودراسة إمكانية السماح باستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية أو نقل الصوت عبر بروتوكول الإنترنت.
ونوه التقرير إلى أن جهود تطوير البنية التحتية في العالم العربي على مدار العقد الماضي، يجعل معظم الأسواق الإقليمية مهيأةً للتعامل مع الوضع الحالي، ورأى أن معظم الدول العربية؛ وتحديداً دول مجلس التعاون الخليجي، تعمل على تكييف وتطوير الأنظمة والتشريعات الحالية، بما في ذلك إدخال أطر ناظمة جديدة لخدمات الحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء، مؤكدا أن ترقية الشبكات وتوظيف الجيل الخامس، يحمل أهمية كبيرة للمضي في تحويل العمليات وتوسيع نطاقها والسماح بتوفير الخدمات المطلوبة عن بُعد.
وأشار التقرير إلى أن منصات التجارة الإلكترونية مثل "أمازون" شهدت خلال الأسابيع القليلة الماضية إقبالاً كبيراً في دلالة على قدرة التكنولوجيا على تعويض الضغط على القطاعات الاقتصادية التقليدية.
كما أن الطلب العالمي الكبير على خدمات البث الرقمي عبر الإنترنت مثل يوتيوب ونتفلكس تسبب بضغط كبير على البنية التحتية لخدمات النطاق العريض نتيجة تحول مئات ملايين الأشخاص إلى العمل من المنزل التزاماً بإجراءات الحد من تفشي فيروس كوفيد-19، ما قد يفرض تحديات تفرض تقنين حجم البيانات المسموح بها في حال عدم قدرة قطاع الاتصالات على تلبية حجم النمو المتوقع في المستقبل.
وبالرغم من استجابة خدمات مثل نيتفليكس ويوتيوب وأمازون لفكرة خفض جودة الفيديو، كما قالت شركة سوني إنها ستبدأ في تقليل سرعة تنزيل ألعاب منصة (بلاي ستيشن) PlayStation في أوروبا لإدارة مستوى حركة المرور.
وإن البنية التحتية لشبكة الإنترنت لديها في الوقت الحالي القدرة الكافية للتعامل مع الطفرة في الطلب التي تسبب بها فيروس كورونا المستجد، إلا أن المحللين يحذرون من أنه قد تكون هناك مشاكل في المستقبل، وخاصةً في ظل عدم معرفة إلى متى سيستمر الوباء، إلى جانب عدم معرفة الوقت الذي ستستغرقه عمليات الحجر التي تسبب فيها على الصعيد الوطني.
وقد يكون من الصعب على شركات الاتصالات الحفاظ على عمل كابلات النحاس والألياف الضوئية والمعدات الأخرى اللازمة لتقديم النطاق العريض في حال جرى وضع مهندسي شركات الاتصالات في حجر صحي إجباري.
اضافةتعليق
التعليقات