كورونا مرض استطاع أن يحتل العالم بسهولة وفي غضون بضعة أيام وعلى أثره الحياة شبه متوقفة في البلدان المصابة بالمرض، وعلى أثر ذلك توقفت المصانع والشركات والصيد والنقل بأنواعه، مما قلل من التلوث البيئي.
فمع اختفاء القوارب والسفن السياحية وإقفال أكشاك الهدايا التذكارية، أدى الإغلاق الناجم عن تفشي فيروس كورونا المستجد في مدينة البندقية بشمال إيطاليا إلى تحول في قنوات "لا سيرينيسيما" المائية، ما يعني أن الفيروس أحدث تحولا بيئيا وطبيعيا إيجابيا في المدينة الشهيرة.
ومن ينظر إلى مياه قنوات مدينة البندقية يرى الأسماك الصغيرة وسرطان البحر والحياة النباتية متعددة الألوان، في مؤشر لعودة الحياة إلى القنوات المائية.
وقالت غلوريا بيغياتو، التي تملك فندق "متروبول" الشهير على بعد خطوات قليلة من ساحة سانت مارك ولها إطلالة على بحيرة البندقية، "المياه زرقاء وواضحة، إنها هادئة مثل البركة، لأنه لم تعد هناك موجات تسببها القوارب الآلية التي تنقل السياح المتجولين عبر قنوات المدينة المائية، وبالطبع اختفت سفن الرحلات البحرية العملاقة".
وبموجب قواعد مدينة البندقية أو "فينيسيا" الصارمة للعزل الذاتي لمنع انتشار فيروس كورونا، تم حظر جميع الرحلات ماعدا الخروج لتنزيه الكلاب أو شراء الطعام.
وبعد أيام قليلة من الإغلاق، لوحظ تحسن كبير في درجة وضوح ونقاء المياه، وعادت طيور البجع والطيور المائية إلى الغوص بحثا عن الأسماك التي يمكنها رؤيتها الآن، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.
وفي محطة "بيزالي روما" في المدينة، صنعت طيور البط عشا لها، وهو حدث لم يكن متوقعا منذ سنوات طويلة.
وقال الباحث البيئي في معهد علوم البحار، دافيد تاغليابترا، لمحطة تلفزيون محلية إن النظافة الواضحة للمياه ليست في الواقع بسبب نقص التلوث، وإنما عدم وجود وسائل نقل آلية، التي عادة ما تؤدي إلى تحريك أرضية القناة الموحلة..
وفي إيطاليا فقد انخفضت مستويات التلوث، وخصوصا تلوث الهواء، بسبب تفشي المرض وما نجم عنه من إغلاق تام للمصانع وحظر السفر، في شمالي إيطاليا.
وكشفت صور الأقمار الصناعية أن تلوث الهواء في شمالي إيطاليا انخفض بشكل حاد.
وتعد الصور مثالا مدهشا على كيفية قيام الوباء بخفض انبعاثات غازات الدفيئة من النشاط البشري.
وأظهرت الصور التي التقطتها وكالة الفضاء الأوروبية "إيسا"، لأوروبا وشمال إيطاليا انخفاضا ملحوظا في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين، وهو غاز ضار ينبعث من محطات توليد الطاقة والسيارات والمصانع، وفقا لما ذكرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية.
وقال كلاوس زينر، الذي يدير القمر الصناعي "كوبرنيكوس سنتينل 5 بي" الذي التقط الصور إنه "على الرغم من احتمال وجود اختلافات طفيفة في البيانات بسبب الغطاء السحابي وتغير الطقس، إلا أننا واثقون جدا من أن انخفاض الانبعاثات الذي يمكننا رؤيته يتزامن مع الإغلاق في إيطاليا الذي تسبب في انخفاض حركة المرور والأنشطة الصناعية".
وكذلك الصين فمن المعروف أنها وبعض مدنها من بين أكثر دول ومدن العالم تلوثا، حيث ترتفع نسب تلوث الهواء فيها بصورة كبيرة، مثل الارتفاع في غازات الدفيئة ومن بينها ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد النيتروجين، وهو الغاز الضار الذي ينبعث من السيارات ومحطات توليد الطاقة والمنشآت الصناعية.
ورغم التداعيات السلبية لانتشار كورونا، فقد كشفت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" عن جانب إيجابي لانتشار المرض في الصين، حيث قالت إن صورا التقطتها الأقمار الاصطناعية أظهرت أن الإغلاق ساهم في تراجع حدة التلوث في الصين بصورة كبيرة وانخفاض مستوياته بشكل هائل.
كما ساهم في انخفاض ثاني أكسيد النيتروجين بشكل كبير، حسبما ذكر موقع "سكاي نيوز".
وبهذا ترسل الطبيعة رسالة شكر الى كورونا حيث ساهم بتقليل نسبة التلوث البيئي في تلك البلدان وما يتبعها من بلدان أخرى أصيبت بذات المرض.
اضافةتعليق
التعليقات