كان العراق، والمعروف في العصور الكلاسيكية القديمة بلاد ما بين النهرين، موطناً لأقدم الحضارات في العالم، بل ويتمتع بتاريخ من الحضارة يمتد لأكثر من 10 الاف سنة، وقد عرف بهذا اللقب، فقد كان مهدا للحضارة، وكانت بلاد ما بين النهرين تمثل الجزء الأكبر من دول الهلال الخصيب، كما كان جزءا كبيرا من الشرق الأدنى القديم طوال العصر البرونزي والعصر الحديدي.
الى ان إجتاز أعظم الامبراطوريات ومنها السومرية والبابلية والآشورية وكل منها قد نحتت حضارتها على الأرض بطريقة فريدة.. وهكذا حتى لم تفتأ هذه الديار بإدهاش العالم الى أن أصبح في يومنا هذا الموطن الأم الذي يحتضن الأرض بأكملها بين أحضانه وإن ضاقت!.
إنها المعجزة العظيمة التي سيتغنى بها الأجيال القادمة والتي تجاري التمدن الكاسر الذي عُرِف به العراق على مدى السنين، فحتى الآن وإلى هذه الساعة لم توجد بلاد تُرحب بكافة بلدان العالم وتطعمهم وقد تأويهم في منازلهم لأيام معدودة بلا مقابل.. ويتوافد عليها العرب والعجم والترك والهنود وسائر المليات ودون تعطيل لمعاملاتهم ودون ان يأتوا معهم بالمال والأمتعة ودون ان يخافوا وجود المسكن والمأكل، فخدام الزوار قد هيئوا لهم كافة وسائل الراحة!.
فضلاً عن المعنى الأوحد الذي يشترك به الجميع في المسير، فلا ألم يدوي ولا آهٍ ترتفع ولا تراجع او تقاعس، فالقبلة المرجوة هي المبتغى وفرحة الوصول هي الهدف الأسمى وكأنهم بذلك يلبون دعوته اللاهبة في يوم الحزن؛ هل من ناصر ينصرنا؟!
وكل ذلك لإجتياز طريق الحب إلى كربلاء موطن الأحرار، صوت الروح، صوت الإنسانية الفذة التي لم يخنقها الظلم ولم تحبس نبراتها التعتيم وها هم الأنصار يتوافدون اليها لكي يرفعوا نداء المعشوق الجهوري هيهات منّا الذلة ويسعون جاهدين لإعطاء الإنسانية بذلك بروازاً آخراً سوى الأهواء سوى الماديات والسطحيات والبهرجة الوقتية ويرتقون بالجوهر الإنساني الى المنبر الذي يليق به، إنها المعاملة الإنسانية الوحيدة التي تقوم في العالم بلا ماديات سوى الحب، الحب الخالص..
وإن عانى العراق وتفّتت اعضائه وسالت دمائه وإغتيلت فرحته، فلم ينقص ذلك اي رحمة من قلوب مواطينه فها هم على رغم جراحهم يسيلون المودة والرحمة والكرم والعطاء لضيوفهم كالماء في الأنهار غير منتظرين اي مقابل سوى الدعاء والأجر.
أقدامٌ متعبة تُدلّك، طعام فاخر في المسير، خيم مجانية للزوار، أيدي ممتدة بالطيبات، وسائد وافرشة للراحة، ماءٌ نقي يوزَّع، كلماتٌ تحفيزية كالبلسم واخيراً فرحة الوصول ولقيى الحبيب وإكتمال السرور بذلك.. نعم إنه العراق، إنه بلد المليون زائر!.
اضافةتعليق
التعليقات