تعمل أي شيء من اجل ان تبقي عجلة الحياة مستمرة، المرأة العربية والمجتمع الذي يبقى حاملا ترسبات الماضي السحيق، والذي فرض عليها ان تعيش تحت وطأة الظلم والقسوة...
في بغداد هناك الكثير من النساء الأرامل واليتامى ملئوا الشوارع. وبيروت ايضا لا يزيد حالها عن أختها بغداد، أما غزة والضفة الغربية فهما تهللان فرحا بكل شاب يسقط ضحية للاحتلال الغاصب الصهيوني.
لنتكلم بصراحة وان كان الكثير لا يوافقني على ما أكتبه لكن الحقيقة يجب ان تقال وهي ان الأقوياء (الرجال) يتصارعون لتكن في النهاية المرأة هي الضحية متحملة للمسؤولية بشكل او بآخر.
زينة فاضل شابة من العراق فقدت والدها في حرب 1991 ابان اجتياح الكويت وبقيت مع اخواتها ووالدتها المريضة في بغداد من اجل ان تعيش حياة حرة وكريمة، لكن وبحلول عام 2005 وبالتحديد في الشهر الاول من تلك السنة فقدت زينة أختها التي استشهدت وهي بطريقها للعودة الى منزلها في منطقة الغزالية، تتذكر زينة مأساة ذالك اليوم حيث تقول: كان الجو بارد، واتصلوا بي من هاتف أختي وانا بدوامي المسائي في الجامعة المستنصرية، قال لي مسؤول الاستعلامات في الطب العدلي أنتِ أخت سعاد؟
أجبت: نعم...
قال: انا من الطب العدلي وأرجو ان تأتين لأخذ أختك من هنا.
ذهلت ولم اعرف ما أقول له، وعلى الفور سألته، الطب العدلي! وماذا تفعل أختي عندكم؟ هل هي أضاعت الطريق!
رد علي وقال لا يا أختي الكريمة بل أن أختك .....(البقاء في حياتك)؟!
وخرجت من الجامعة دون اعرف كيف أتصرف. ذهبت للبيت واعلمت والدتي التي كان قلبها قد اعلمها قبل ما أخبرها بخبر وفاة أختي سعاد. ولم يكن حظي وافرا في تلك اللحظة لان والدتي قد سقطت على الأرض وأصيبت بجلطة في الدماغ، ونقلتها الى المستشفى وذهبت لإكمال مراسيم دفن ومعاملة وفاة أختي، وبعد يومين بالتحديد فقدت والدتي.
كانت تتكلم والعبرة مختبئة تحت صدرها وعندما قالت فقدت والدتي كسرت العبرة في صدرها وخرجت بدموع على خديها ليلمعان مع ضوء الشمس.
وفي بيروت تقضي سجينة سابقة ساعات طويلة يوميا جالسة أمام منزلها تصمم حقائب اليد وتخيطها وتفضل هذه المرأة البالغة من العمر 36 عاما في احدى قرى صيدا في لبنان عدم ذكر اسمها واخفاء وجهها لانها.. سجينة سابقة.
ولكنها تتحدث بحماس عن مهنتها التي ساعدتها في تجاوز اثار السجن والعودة للاندماج في المجتمع.
وبدأ الامر قبل بضع سنوات عندما كانت السجينة السابقة تقضي فترة عقوبتها فالتقت بالمصممة اللبنانية الشابة سارة بيضون التي كانت بصدد افتتاح متجر لبيع حقائب اليد في بيروت وتحتاج لعاملات. واتفقت سارة مع مجموعة من نزيلات السجن في ذلك الوقت على صنع الحقائب مقابل أجر.
وبالرغم من أن صناعة حقائب اليد لا تدر دخلا كبيرا الا انها تكفي لمساعدة السجينات السابقات على استعادة حياتهن الطبيعية وقالت السجينة السابقة أشعر انه اصبحت لدي قوة لأواجه المجتمع وأواجه نفسي وأؤمن مستقبلي. لي سبع سنوات مع سارة .. خرجت من السجن بلا عمل.. لكن سارة كانت موجودة وساعدتني وأمنت لي شغل ووقفت بجانبي.
وذكرت سارة أن المبادرة بدأت قبل عدة أعوام بخمس سجينات ثم اتسع نطاق العمل منذ ذلك الحين.
وقالت المصممة الشابة في متجرها الانيق بمنطقة جميزة في وسط بيروت في السجن... كل واحدة تعمل وندفع لها اجرها. كان هناك تجاوب سريع لان هناك حاجة للنقود ولاحظت السجينات لاحقا ان العمل فيه ابداع فاقبلن عليه وبعضهن واصلن التعاون معنا بعد الخروج من السجن
وأصبح حاليا لكل واحدة من السجينات السابقات اللاتي تعاون مع سارة بيضون في بداية الامر فريق يضم بين ثلاث و15 امرأة يعملن معها ويحصلن على أجرهن بالساعة. ووصل العدد الإجمالي للنساء اللائي يشاركن في المشروع زهاء 100 امرأة.
وغير المشروع حياة السجينات السابقات اللاتي قد لا يجدن قبولا من المجتمع بعد خروجهن من السجن لكنهن يستطعن على الأقل أن يحققن الاكتفاء الذاتي في الوقت الحالي..
اما في قطاع غزة وبالتحديد في منطقة رفح هناك أم توفت وهي تردد اسم نجلها الأسير في سجون الاحتلال سميرة محمد دياب سبع العيش البالغة من العمر (49 عاما) جراء إصابتها بالفشل الكلوي وعدم تمكنها من اخذ العلاج اللازم جراء الحصار المفروض على قطاع غزة بقيت تتصارع مع المرض وكانت تردد باسم ولدها محمود سبع العيش والمعتقل منذ ستة أعوام والمحكوم 15 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي وقد منعت من رؤية ولدها منذ سنتين وكانت لها أمنية واحدة وهي رؤية ابنها قبل ما تلحق بالرفيق الاعلى ولكن من دون جدوى حيث أغمضت سميرة عينيها وبقي الحلم بداخلها ولم يتحقق لها ابدا واخذت ذلك الحلم البسيط معها في السماء كي يضيء كالنجمة الساطعة في ليل مظلم ومختفي فيه القمر لانه نهاية الشهر العربي.
اضافةتعليق
التعليقات