تمكنت الكثير من النساء على مر التأريخ أن يبرزن في مجتمعاتهن من خلال التصدي للعديد من المسؤوليات المهمة والحساسة، وقد زخر الماضي والحاضر بأسماء المئات من النساء المبدعات ممن حققن طموح النجاح والإبداع.
فالتواجد المكثف للمرأة في مجالات الحياة أعطى صورة عميقة المعنى فيعد دخولها إلى معترك العمل بشتى أنواعه طموح أخذ بالنمو عند شرائح نسائية عدة تمتلك الثقافة والتنوير فإننا بحاجة ماسة إلى الإيمان بالتجدد وأيضا إلى استثمار الطاقات المتاحة إلى أبعد الحدود, فنجد المرأة اليوم قد مضت قدما في الركب الحضاري لتعتلي منصات النجاح لتثبت للعالم ولبلدها بما يمكن أن تقدمة لخدمة المجتمع, ولبيان أهميتها وجدارتها وقيادتها.
نساء ملهمات
وقد أعلن مؤخرا عن قائمة 100 امرأة ملهمة ومؤثرة من جميع أنحاء العالم اللاتي أحدثن تغييرًا وفرقًا خلال عام 2020 وتحديدًا في هذه الأوقات المضطربة, حيث قدمن قصص بطولية يحكى عنها لسنوات طوال خلال فترة جائحة "كورونا" وما رافقها من تحديات صعبة خلال فترة الحجر المنزلي والتعلم والعمل عن بُعد, كما شملت القائمة مجموعة من النساء العربيات ومنهن:
العراقية نسرين علوان وهي طبيبة وأكاديمية مقيمة في بريطانيا، تجري بحوثا في مجال صحة المرأة والأطفال، وتركز على مواضيع متعلّقة بالحمل.
وخلال تفشي وباء كورونا، نشرت التوعية حول حاجة الدول لعدم الاكتفاء بقياس معدلات الوفيات فقط، بل أيضا دراسة الأمراض طويلة الأمد التي تسبب بها الفيروس (بما في ذلك مرض كوفيد طويل الأمد).
فالأشخاص الذين يعانون من مرض كوفيد-19 طويل الأمد، بلّغوا عن أعراض تضمنّت شعورهم بالتعب والصداع وضيق التنفس.
والإماراتية سارة بنت يوسف الأميري وهي وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة، رئيسة وكالة الإمارات للفضاء، لقيادتها وتأثيرها اللافت في مجال "المعرفة"، حيث تشغل معاليها حاليًا منصب وزيرة دولة الإمارات للتكنولوجيا المتقدمة كما وترأس وكالة الإمارات للفضاء.
أما السورية صفاء الكمري هي عالمة فيروسات نباتية، تبحث عن حلول للأوبئة التي تدمر المحاصيل.
وبعد اكتشافها بذورا تتمكن من ضمان الأمن الغذائي في بلدها، سوريا، خاطرت د. صفاء بحياتها من أجل إنقاذ هذه البذور في مدينة حلب.
بينما اليمنية إيمان الهاملي أشرفت على إدارة مجموعة تضم 10 نساء نصبن محطة توليد كهرباء عبر الطاقة الشمسية، لتوفير طاقة نظيفة بتأثير منخفض. الشبكة المصغّرة هي واحدة من 3 شبكات أنشئت من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مناطق خارجة عن خدمة الشبكات في اليمن. وهي الوحيدة التي تديرها نساء بالكامل.
حقق ما تؤمن به
ومن النساء الملهمات والمؤثرات طالبة الفلسفة المصرية نادين أشرف والتي تؤمن بوسائل التواصل الاجتماعي كأداة للتغيير, حيث لديها حماس كبير لنشر المعرفة بحيث تكون متاحة للجمهور العام.
أسست صفحة على إنستغرام اسمها "أسولت بوليس Assault Police" تشارك من خلالها نساء مصريات بنشر قصص عن حوادث تحرش مررن بها, وتعتبرها الآن الحركة النسوية شخصًا أساسيًا في التغيير الاجتماعي والنضال ضد التحرش الجنسي.
تقول نادين: "نشأتُ محاطة بنساء كرسن حياتهنّ للدفع من أجل التغيير، ولم أعتقد يوما أنني سأتمكن من إعلاء أصواتهن أكثر, يمكنك دائما أن تحققي ما تؤمنين به".
"أريده أن يصبح عبرة للجميع لأن الرجال عندنا لا يخافون"
أما الصومالية لواد إلمان وهي قيادية شابة تتصدر عملية صنع السلام في الصومال، ولها ثقل دولي في مجال إنهاء الصراع والمصالحة بين المجتمعات المحلية.
عندما كانت في عمر العشرين، ساهمت في تأسيس أول مركز لأزمة الاغتصاب.
وخلال العقد الماضي، أصبحت إلواد بطلة لصنع السلام بفضل مساعيها بأن يمنح كل شخص تضرر، خاصة النساء والفتيات، مقعدا على طاولة الحوار لإبداء الرأي.
وتقول: "قدم الوباء درسا سريعا للعالم في معنى التعاطف, رأينا نساء أخذن مواقع قيادية، في حين أخفق آخرون في القيام بذلك.
لا يجوز بعد اليوم أن تعامل النساء القياديات كخيار ثان، بل لابد أن يصبحن هن الأولوية".
أما الناشطة النسوية والصحفية اللبنانية حياة مرشاد هي من مؤسسات منظمة (Fe-Male)، وهي حراك جمعي نسوي رائد في لبنان.
تكرس حياة وقتها وجهدها لضمان حصول النساء على العدالة والمعلومات والحماية والحقوق.
تنشر حياة رسالتها عبر منابر عدة، من بينها تنظيم مسيرات تشمل البلاد بأسرها، وحث الجمهور على الوقوف بوجه الأنظمة الأبوية الفاسدة، والمطالبة بالتغيير.
وتقول حياة: "رغم كل المصاعب والكبوات، ناضلت النساء عبر التاريخ. سنواصل هذا الكفاح من خلال التضامن والحب، وسنرفع أصواتنا ونعزز مطالبنا بمستقبل تسوده العدالة".
ماما ماغي
بينما كرست المصرية ماغي جبران حياتها لتغيير حياة الأطفال المهمشين في مصر، فتركت حياة الترف ومهنة أكاديمية مميزة لكي تكرس كل طاقاتها لتراقب الأولاد وتغسل أقدامهم ولتقول لهم وهي تنظر في عيونهم إن حياتهم مهمة.
ومنذ عام 1989، وفريق ماما ماغي يتبع طريقًا متكاملًا غيّر حياة مئات آلاف الأطفال بفضل تزويدهم بالدعم النفسي والتعليم والعناية الصحية والأهم من كل هذا: الكرامة.
تقول ماما ماغي: "عندما تتصالح مع نفسك ستتصالح مع السماوات والأرض".
ومن النساء الملهمات أيضا السورية نادين كعدان، التي تعيش حاليا في لندن، وهي مؤلفة كتب أطفال ورسامة حائزة على عدة جوائز.
نشرت كتبها في عدد من البلدان وبأكثر من لغة، وتقول إن مهمتها تتمثل في الدفاع عن الحق بتمثيل الجميع في كتب الأطفال، فهي تريد أن يتمكن كل طفل من رؤية نفسه في القصص التي يقرأها.
عملت مع لاجئين من فئة الشباب بهدف التخفيف من الصدمة التي مروا بها والتي ترافق مرحلة ما بعد الصراع.
يتطرق كل من كتابيها "Tomorrow" و"The Jasmine Sneeze" إلى التراث الثقافي السوري العريق الذي تفتخر به، إضافة إلى جوانب من حياة اللاجئين.
ورُشّحت لنيل ميدالية "كيت غريناواي"، وهي الفائزة بجائزة المركز الثقافي العربي البريطاني عام 2019 .
تقول نادين: "خلال وباء كورونا وأثناء الصراعات، تستمر النساء بلعب دور القائدات وصانعات السلام. وبالرغم من ذلك، فإن الأنظمة مصممة لتكون ضدهن. يجب أن يستمر النضال من أجل إعادة تصميم هياكل هذه الأنظمة كي تتمكن النساء من التعبير عن أنفسهن بشكل كامل".
لا تتخلي عن الامل
وعد الخطيب وهي ناشطة سورية وصحفية ومصورة ومخرجة حازت على عدة جوائز دولية، من بينها جائزة إيمي عن تقاريرها الإخبارية عن مدينة حلب. عام 2020، فاز فيلمها الطويل الأول (من أجل سما) بجائزة البافتا عن فئة أفضل فيلم وثائقي، كما رشح لجائزة الأوسكار عن نفس الفئة.
ويصور الفيلم حياة صحفية وطبيب وابنتهما الصغيرة يعيشون في مدينة حلب السورية تحت القصف.
وقالت وعد عن فيلمها: "نحاول إلقاء الضوء على ما يحدث وإخبار الحكومات وصانعي القرار. آمَل أنْ يتمخض كل هذا التقدير عن موقف واضح. إننا لا نتحدث عن كائنات فضائية، إنما عن أشخاص مثلهم".
ومنذ أن هُجرت وعد من حلب عام 2016، تقيم مع زوجها وابنتيها في لندن حيث تعمل مع القناة الرابعة الإخبارية وتقود حملات مناصرة.
تقول وعد (وهذا اسم مستعار): "نخسر فقط عندما نتخلى عن الأمل.
أقول لكل امرأة أينما كانت: استمري بالنضال في سبيل كل ما تؤمنين به، تجرأي على الاستمرار في الحلم، والأهم من كل هذا، لا تتخلي أبدا عن الأمل".
اضافةتعليق
التعليقات