اتسعت فرحة العراقيين أمام صمود أبنائهم المرابطين في سوح المظاهرات بصبر ورؤية واضحة لتحركاتهم ومطالبهم، وأسهموا باستيقاظ روح المواطنة بداخل كل عراقي أصيل بعد أن كانت كسولة خائرة القوى. فلم يثنهم العنف والقوة المفرطة من قبل القوات الأمنية ولم يفكروا بالانسحاب وهم يشاهدون أصدقائهم ومن معهم يتساقطون شهداء ودمائهم تراق على الإسفلت.
مشاهد الموت المؤلمة والدموع التي ذرفت زادتهم ثبات وتشكلت من عمق هذه التضحيات والمآسي هدف وهاج موحد يدفعهم إلى الصمود والاستمرار، مرددين (تملون ولا نمل) ولا رجوع أو تخاذل بعد أن حملنا بأيدينا أحبتنا إلى المقابر وجرحانا إلى المستشفيات، وهي نتيجة عكسية لم تتوقعها الحكومة الغافلة عن قوة اصرار مواطنيها، أرادت بوحشيتها أن تبث الرعب والرهبة في قلوبهم، فتسلل الثبات ودق أوتاره في عقولهم.
كل أنواع العنف المستخدم هي طرق همجية تكشف سذاجة عقولهم وسطحية تفكيرهم ومدى اجرامهم وبعدهم عن أهداف وغايات ومطالب هذا الجيل، وأساليب استخدمتها جهات منتفعة لا تريد للثورة ان تنتصر، مثل الجيوش الالكترونية التي استهدفت المظاهرات، والراقصات التي ارسلت من بؤر فسادهم، وما فعله المخربين والمندسين بحرق وتدمير المباني الحكومية، والالتفاف على المتظاهرين عن طريق اختيار متحدث رسمي باسمهم ليبيعوا قضيتهم، فكان الشباب لهم بالمرصاد بوعيهم الكامل، يتزاحمون على رصاصة الموت (لا أريدها أن تقتل صاحبي بل تقتلني) .
وكشفت مجموعة كبيرة منهم بأنهم قد شكلوا فرقة نساء مهمتها تأديب أي امرأة تنوي الرقص في ساحات الأحرار، وأعلنوا برأتهم من كل شخص يخرب ويدمر، وهبوا لتنظيف الشوارع وازالة الاطارات المحروقة ووضع بدلها الاعلام العراقية وتلوين جدران المباني والانفاق برسومات تروي حكاياتهم وتكشف آمالهم وأحلامهم المسروقة وتخبرنا كم هم شباب واعي محب للتغيير ومستعد له، وأعلنوا أنهم أحرار ولم يكلفوا أي جهة كمتحدث رسمي عنهم، وبعد أن احتاروا أمام هدير الشباب لجئوا لطريق آخر برعاية ذيولهم وهو اغتيال الناشطين المدنيين لتكميم أفواههم لتكون وصمة عار تضاف على أعمالهم الدنيئة وتكشف خيبتهم وقلة حيلتهم.
جيل اليوم الذين استهان بهم الفاسدون ونهبوا خيرات بلادهم، مستمرين بالاحتجاجات والاعتصامات ويرفضون أن يحكمهم الجاهل والأناني والخائن والعميل، وعلى الطريق هم ثابتون ليحيا المواطن ويحيا الوطن.
اضافةتعليق
التعليقات