قلمي هو أنيس غربتي وهو يدي اليمنى التي لا تخذلني عندما احتاجها، تمسّكتُ بصديق عمري قلمي ورجوته واستعطفته كثيرا، علّه يساعدني لأكتب سطورا تليق بهذه السيدة، الصغيرة الكبيرة!.
لكنه عاتبني قائلا: ماذا تكتبين عن طفلة وُلدت في 57 هـ واستشهدت في 61 هـ أي انها لم تبلغ من العمر خمس سنين؟.
فأجبته: نعم انها لم تبلغ خمس سنوات، ولكنها في هذه المدة القصيرة، قدَّمت ما يفوق قدرة البالغين على تقديمه!.
فاطمة ستولد من جديد، رقية هي فاطمة ثانية، ستصبح أم أبيها، تقتدي بجدتها لتذوب في حب مولاها وامام زمانها...
عند سماع اسمها ترفرف روحي تارة بين بيوت بني هاشم في المدينة، عند مسقط رأسها، وتارة في أرض الطف، نقطة بداية مآسيها، وتارة بين ازقة دمشق حيث سجلتْ موقفها الرصين.
تلك الصغيرة التي علّمتْ الأجيال أن حب أمام زمانها واجب، وسيكون وساما يرتقي به الإنسان ويعرج به الى العلياء.
اقحوانة تبعث رسالة الى العالم، وتكشف عن خطة دقيقة ومتقنة لبناء مستقبل زاهر لترشدهم الى الصلاح والإصلاح.
من كان يصدق أن طفلة صغيرة باستطاعتها أن تهز أركان الظلم؟ يتيمة أسيرة في الخربة، دمرت بنيان قصر يزيد الطاغية وحولت ذلك القصر المرعب الى خراب! فيما جعلت الخربة قصرا من قصور الجنة في الأرض.
بيديها الصغيرتين تفتح عقدا يعجز الكثيرون عن فتحه، إنها صغيرة في العمر، ولكنها كبيرة في العطاء، فهي سلسلة الدوحة المحمدية، وهي شمعة أهل البيت (ع)، المؤمنون يعرفون أن ضوءها لم ينطفئ على مر الدهور، فهي وان كانت صغيرة العمر، لكنها تحمل عطر أبيها الحسين (ع)، وتعلمت من كفاحه، ونهلت من صبره، ولذلك قامت بدور، قد يعجز الكبار عن القيام به رغم صغر سنها، حدث هذا ببركة سيد الشهداء، وعطر الدوحة المحمدية.
إنني أشعر أن الكلمات تنساب من قلمي سلسة مطاوعة، وهي تسجل بعض ما يجب أن أقوله في حق (رقية) هذه الصغيرة التي بقيت كبيرة على مر التاريخ، فهي منبع البركة ومنهل العطاء، وضوء الجنان، وعطر أهل البيت عليهم السلام، لا تخذل من يستنجد بها، ولا ترد من يطلب منها شيئا ما، فهي إبنة الكرم الجليل، فطوبى لبنت الحسين (ع)، وطوبى لحضورها وغيابها ومواقفها وتاريخها الذي سجل مواقفها بأحرف من نور.
اضافةتعليق
التعليقات