على كرسي خشبي بمحاذاة باب القاعة الامتحانية جلست أم رفل مع مجموعة من النسوة بانتظار بناتهن بعد دخولهن إلى أداء الامتحان النهائي، كانت ساعات الانتظار تستنزف صلابتهن فذلك الوقت هو من سيحدد مصير كل فتاة بعد رحلة دراسية مكللة بالجهد والعناء وأسرة أفنت كل مسميات العطاء بما لا يقدر بثمن لترى نتاج ما بذلت لأجل أن يزهر ويثمر وهو نجاح أبنائها سواء الفتيات أو الفتيان.
تحدثت أم رفل قائلة: هذه المرة الثانية التي تحتضنني بها مقاعد الانتظار فقد أدت ابنتي الكبرى امتحانها قبل الآن غير أنها أجلت مادتين وها أنا أرافقها اليوم أيضا لاستكمال ما تبقى، شعوري وأنا أنتظرها مقلق للغاية حتى بعد خروجها من القاعة الامتحانية حيث نجلس لبضع الوقت ليتسنى لنا حل الأسئلة وتقدير الاجابات كمحاولة لمعرفة ما إذا كانت ستنجح بدرجات جيدة أو لا.
فيما أطلقت والدة الطالبة غدير حيدر على العام الدراسي تسمية (الكابوس المرعب) فهي أم لثلاثة اطفال جميعهم مراحل منتهية وهي اليوم برفقة ابنتها البكر في مرحلة السادس العلمي، قالت لنا: في الماضي كانت الدراسة مختلفة فالطالب يتمتع بتعليم ممتاز في مقاعد مدرسته وإن كانت امكانياته بسيطة، أما اليوم ظهرت وبكثرة معاهد التقوية والدروس الخصوصية التي يلجأ إليها أغلب الطلبة رغم توفر وسائل التدريس الالكتروني على منصات مواقع التواصل، أرى أن الأمر أصبح أشبه بالموضة فقد أرغمتني ابنتي على التحاقها بمعهد التقوية فقد عشت معها ذعر الدراسة منذ فصل الصيف فضلا عن متابعتي لإخوتها.
ختمت حديثها: على ما يبدو أن هذه الطقوس ستستمر إلى أن يتخرج أبنائي جميعهم من الجامعة.
من جانب آخر قالت الحاجة أم سرمد: أجلت ابنتي سهاد مادتين واليوم حضرت معها لتشجيعها والدعاء لها وهي داخل القاعة بأن تؤدي الامتحان بشكل جيد على أمل أن تنال معدلاً يتيح لها فرصة الدخول إلى جامعة حكومية جيدة دون كسر ظهر والدها بتكلفة أقساط الجامعات الأهلية.
رؤية تربوية
ويرى التدريسي تركي خادم/ مدير مدرسة الروان الابتدائية المختلطة في قرية الكمالية ناحية الحر بمدينة كربلاء المقدسة: إن ظاهرة مرافقة الأهالي لأبنائهم ظهرت بعد عام 2006 حيث انعدام الأمان في تلك الحقبة الزمنية وازدياد خوفهم مما جعلهم ينتظرونهم مطولا أمام أسوار المدارس لحين انتهاء الامتحان، وقد ازدادت هذه الظاهرة مؤخرا بكثرة.
كما أوضح، بأنه لا يمكن لإدارات المدارس منع أولياء الأمور من تواجدهم أمام المراكز الامتحانية، لأنها أصبحت من الأمور المعتادة خاصة للطالبات، ويعود السبب إما لأنها تشعر بالاهتمام والدعم من قبل الأهل او الغيرة من الأخريات، وبرأيي أنه لا حاجة لهذه المبالغة فالطالب أو الطالب يحتاج لتهيأة جو مناسب للدراسة مثل التغذية الصحية والهدوء وأخذ استراحة لتسهل للطالب من استعادة نشاطه من ثم مواصلة تحضير المادة الامتحانية بشكل أدق من دون أي ضغط من قبل ذويه.
صور مختلفة
رصدنا العديد من المشاهدات التي تنقل لنا صور مختلفة توحي على مقدار حرص الآباء ودعم أبنائهم نفسيا ومعنويا وهم يجلسون على مقاعد الانتظار، حيث ينشغل بعضهم بالدعاء والتسبيح وتلاوة بعض الآيات المباركة من القرآن الكريم تقربا إلى الله ليبث بداخل أبنائهم السكينة وتفتح بصيرتهم ليتمكنوا من الإجابة الصحيحة أثناء أداء الإمتحان وترافق دعواتهم أمنياتهم بالتفوق، ونحن أيضا نسأل الله أن يمنحهم النجاح الباهر ليحققوا ما يبتغونه فهم جيل المستقبل القادم.
اضافةتعليق
التعليقات