عزيزي الكسول إذا كنت تعتقد بأن أعظم إنجازاتك هي الشهادة الجامعية بتقدير مقبول فهذا المقال ليس لك أو كنت تعتقد بأن راتبك الذي لا يتجاوز ال300 دولار هو انجاز لا يُعلى عليه فهذا المقال ليس لك أيضاً، أنصحك بأخذ جولة في موقع بشرى حياة وقراءة مقال عن استثمار عقلك أو تطوير مهاراتك والاقتناع أن الشهادة الجامعية لا تكفي للعيش.
هذا المقال هو للأشخاص الطموحين الذين يمنعهم طموحهم اليقظ عن الحياة، النوم، العائلة، السفر، ولقاء الأصدقاء وعن السعادة بحد ذاتها، مرت ثلاث سنوات وأنا أعمل بشكل دؤوب وشاق لأحقق جزء من متطلبات حياتي كشابة عشرينية طموحة جداً قرأت الكثير من الكتب لأنني على يقين بوجود العلاقة الوثيقة بين التعلم والكسب المالي وفعلاً كانت هذه نظرية صائبة لكنني في قبالة ذلك خسرت متعة الحديث مع مَن يوازيني في العمر كزملاء الجامعة أصبحت ألاحظ أن أحاديثهم التافهة هي طبيعية ومناسبة لعمرهم وحين كونت صداقة مع من هم أكبر مني سناً بعشر سنوات أو أكثر وتلذذت بالحديث معهم فجأة وجدتهم يختفون لكثرة أشغالهم ومسؤولياتهم.
وهنا وقعتُ في فجوة الوحدة الشاحبة والمؤذية، إن الوحدة هي تمرد على فطرة الإنسان كونهُ خُلق اجتماعياً وكانت الوحدة هي أحد أسباب شهور الاكتئاب التي مررت بها وحين فكرت ما هو السبب الذي أوصلني لهذا الحال فهمت أنه الطموح والعمل الشاق المبالغ فيه.
أتذكر جيداً الفترات الطويلة التي كنت أنام فيها لأربع ساعات وأستيقظ فجراً لأكمل عملي ثم أدرس لبضع ساعات بعدها أذهب للجامعة ثم العمل لأعود للبيت كنحلة ذابلة من الاجهاد ليس لدي صلاحية النوم لساعات طويلة أو صلاحية المرض، كنتُ مجبرة على الاهتمام بصحتي الجسدية لأن ذلك سيؤثر على دراستي، عشت ثلاث سنوات داخل دوامة الشعور بالذنب إذا ما شاهدُت فلماً أو مسلسلاً، الحرص على الاستيقاظ عند السابعة صباحاً في يوم الجمعة علماً أنَّ يومي يبدأ في بقية الأسبوع عند الثالثة فجراً، وتطبعت بحالة حساب الوقت حتى بدأت الشعور بأن دقة الوقت والساعات التي يحتسبها دماغي هي لعنة مرضية لأنها تعدت من كونها حرصا، بدأ عقلي يخنقني من شدة التفكير والاستمرارية التي يعمل بها والأسوأ أنني بلحظة حماس ورطت نفسي بالتزامات مالية خانقة لم أفهمها إلا بعد حين.
في لحظة بدأ كل شيء ينهار أولها صحتي النفسية ثم الجسدية، قدرتي على العمل انخفض وساءت الإنتاجية، أدخلتُ نفسي في دوامة التزامات أكبر من طاقتي وهنا حاولت تدارك الموضوع والوصول إلى أسبابه الأساسية فمعرفة السبب هو الطريق لمعرفة الحل، اكتشفت أن الطموح قد يهلك صاحبه وهذا ما حدث معي، قررت التخفيف من الاتزامات الوظيفية قدر الإمكان واستبدالها بساعات من التسلية، أخذتُ قسطاً جيداً من النوم لعدة أسابيع فليس من الضروري الاستيقاظ قبل شروق الشمس بساعتين، مارست الرياضة وبت أعمل على إيقاف الشعور بالذنب في أوقات التسلية والأهم هو التخلص من لعنة حساب الوقت البغيضة من خلال خلع الساعة اليدوية بعد أن كانت تلازمني طيلة اليوم، اكتشفت أنه من الجيد الخروج مع أصدقاء الجامعة حتى لو كانوا مملين بعض الشيء واكتشفت أنه ليس من الضروري أن تكون كل حواراتنا هادفة وذات قيمة بل يمكننا التحدث بأشياء عادية.
لذا نصيحتي للأشخاص الذين تعمل عقولهم على مدار الساعة: خذوا قسطاً من الراحة واخلعوا ساعاتكم اليدوية فالعمل لا ينتهي والسعادة هي جزء مهم لزيادة الإنتاجية والحفاظ على جودتها، جالسوا أصدقائكم، مارسوا شيئاً جديداً، اذهبوا في سفرة سياحية إذا استطعتم، من يدري كم سنعيش، خفضوا قليلاً من طموحاتكم فالنوم دون قلق بات همي الأول بعد ثلاث سنوات من الضغط النفسي، ففي الحياة أشياء جديدة وجميلة لكن وهم ضيق الوقت قد جعلنا نغفل عنها، لكل شيء وقتهُ المناسب والمثالية هي ضرب من الخيال، احرصوا على أن تستمتعوا وأنتم تعيشون حياتكم.
اضافةتعليق
التعليقات