إن الانسان يدور في داخله العديد من المشاعر وقدرة الشخص على التعبير عن مشاعره -سواء الإيجابية منها أو السلبية- عن تمتعه بقدر كبير من الاتزان الداخلي، فضلا عن كونها مقياسًا للصحة النفسية الجيدة، في حين يؤدي كبت المشاعر إلى التنفيس عنها بطرق ذات أضرار بالغة على الصحة العامة، كإيذاء النفس أو الانعزال أو تناول الطعام بشراهة.
ويعد التنفيس الانفعالي في الطعام، أو ما يسمى "الجوع العاطفي"، أخطر أنواع التنفيس النفسي، نظرًا لأنه يُدخل الكثيرين في دوائر مفرغة من الحزن والسمنة والندم، خاصة في فصل الشتاء الذي يتسم بتقلبات مناخية تثير الشعور بالكآبة والحزن.
يقف المتخصصون في مجال الصحة النفسية والتغذية العلاجية على أسباب ودوافع المشكلة، مع بيان كيفية التعامل معها وفق أسس علمية وعملية.
ما هو الجوع العاطفي؟
الجوع العاطفي هو استخدام الطعام ليشعر الشخص بالتحسن من أجل سد الاحتياجات العاطفية، مثل الشعور بالتوتر أو عدم الراحة أو بالمشاعر السلبية، فيميل هذا الشخص إلى تناول الوجبات غير الصحية حتى لو لم يكن جائعاً، وفقاً لما ذكره موقع Helpguide
ولسوء الحظ فإن الأكل العاطفي لا يحل المشاكل العاطفية، وإنما يجعل حالتك أكثر سوءاً، إذ يمكن أن تشعر أيضاً بالذنب للإفراط في تناول الطعام.
كيف تجري دورة الجوع العاطفية؟
بشكل عام لا يعد تناول الطعام، لاسيما الوجبات السريعة، من أجل الاحتفال أو كنوع من المكافأة لنفسك أمراً سيئاً، لكنه يصبح كذلك عندما يصبح الأكل مجرد آلية من أجل التأقلم، مثل أن تتجه لفتح باب الثلاجة كلما شعرت بالتوتر أو الانزعاج أو الوحدة أو الملل.
في الحقيقة لا يمكن ملء الجوع العاطفي بالطعام، إذ إنّ المشاعر ستبقى على حالها حتى ولو تناولت كل ما تشتهيه، وغالباً ستشعر بالسوء بعد ذلك بسبب السعرات الحرارية غير الضروريّة التي استهلكتها ومما يزيد المشكلة تعقيداً أنك تتوقف عن تعلم طرق أكثر صحة للتعامل مع عواطفك، وسيكون لديك وقت أصعب في التحكم في وزنك، كما ستشعر بشكل متزايد بالعجز تجاه كل من الطعام ومشاعرك.
ولكن بغضّ النظر عن مدى شعورك بالعجز تجاه الطعام ومشاعرك، فمن الممكن إجراء تغيير إيجابي عن طريق تعلم طرق أكثر صحة للتعامل مع عواطفك، وتجنب المحفزات، وقهر الرغبة الشديدة في تناول الطعام ووضع حد للأكل العاطفي ..
ما هو الفرق بين الجوع العاطفي والحقيقي؟
الجوع العاطفي فوري وتتولّد لدى المرء رغبة آنية قوية في تناول الطعام. أما الجوع الحقيقي فيأتي بشكل تدريجي ويمكن للمرء التحكّم به أو تأخيره بسهولة مقارنة بالجوع العاطفي.
يشتهي الشخص الذي يشعر بالجوع العاطفي أنواع الطعام التي تُشعره بالراحة عند تناولها. أما الشخص الذي يشعر بالجوع الحقيقي فيُمكنه إشباع حاجته بتناول أي نوع من الطعام.
يُمكن إشباع الجوع الحقيقي بمجرد امتلاء المعدة. أما الجوع العاطفي فيدفع الشخص لتناول الطعام بكميات كبيرة ولفترات طويلة دون تفكير.
بخلاف الجوع الحقيقي، يمكن أن يؤدي الجوع العاطفي إلى الشعور بالذنب والندم لأن الشخص يُدرك جيداً بأنه استسلم لهذه الرغبة المُلحّة وتناول طعاماً قد لا يكون جسمه بحاجة له.
أعراض الجوع العاطفي
تتمثَّل أعراض الجوع العاطفي فيما يلي:
1. الشعور بالجوع عند زيادة الضغط
يُعدّ الشعور بالجوع عند زيادة الضغط، مثل: الدراسة أو العمل هو أحد أبرز أعراض الجوع العاطفي والذي يدعو الشخص إلى تناول المزيد من الطعام، خصوصًا أثناء الليل أو إذا كان الشّخص بمفرده بالرّغم من أنه قد يحدث صباحًا أمام الآخرين.
2. الأكل عند تغير المشاعر
يتمثَّل الأكل عند تغيّر المشاعر بذهاب الشّخص نحو مكان الطعام ليقوم بتناوله بشكل تلقائي دون التفكير، ومن المشاعر التي تدفع الشخص إلى تناول الطعام ما يلي:
الحزن.
التعب.
الشّعور بالملل.
الغضب.
الإحباط.
3. كثرة تناول الأطعمة الجاهزة
يقوم الشخص المُصاب بالجوع العاطفي بملء فراغه من خلال تناول الأطعمة الجاهزة، مثل: المثلّجات والمعجنات والبسكويت وأيّة أطعمةٍ أخرى تخلو من الفائدة الغذائية وغنيّة بالسّعرات الحرارية لسببٍ حتى الشخص نفسه يجهله.
4. صعوبة خسارة الوزن
تعدّ صعوبة خسارة الوزن أحد أعراض الجوع العاطفي، إذ وبالرّغم من أنّ الشخص يعلم تمامًا الأمور التي قد تساعده على خسارة الوزن، إلا أنّه لا يستطيع التخلّي عن عاداته في الأكل وبالأخصّ عند تغير مزاجه، لذا يصعب عليه الالتزام وخسارة الوزن.
5. تناول الطعام بالرغم من الشبع
يقوم الشخص المُصاب بالجوع العاطفي بتناول الطعام حتى ولو لم يكن جائعًا، كما قد يستمرّ في تناوله حتى مع معرفته بأنه يجب عليه التوقف، وقد يقوم بتغيير طريقه فقط لشراء الطعام.
6. الشعور بالسعادة عند تناول الطعام
يشعر الجميع بالامتنان عند تناولهم الطعام، إلا أنّ الشخص المُصاب بالجوع العاطفي يربط في كثير من الأحيان سعادته بالطعام، إذ إنه يستمدّ السّعادة من الطعام، ولا يُعده مجرد أمر ضروري لاستمرار الحياة كالتنفس وشرب الماء.
7. أعراض الجوع العاطفي الأخرى
يوجد عدد من الأعراض الأخرى للجوع العاطفي، مثل:
الهرب من التّعامل مع المواقف الصعبة من خلال تناول الطعام .
مكافأة النفس بعد إنجاز عمل ما من خلال تناول الطعام.
تناول الطعام عند الشعور بالسعادة .
التّفكير بالطعام حتى بعد الشعور بالشبع.
نصائح لمساعدتك على التحكّم بالأكل العاطفي
1. كن واعياً
إسأل نفسك لم تريد أن تأكل الآن، أو إن كنت جائعاً حقاً، فهذه إحدى أسهل الطرق وأكثرها فاعلية لمساعدتك على كبح جماح رغبتك في تناول الطعام بلا سبب واتخاذ قرارات أكثر وعياً بناءً على ذلك .
2. تناول وجبات خفيفة صحية عوضاً عن الوجبات غير الصحية
من أفضل الطرق التي ستساعدك على مقاومة عادة الأكل العاطفي هي إبعاد الأطعمة غير الصحية التي تشتهيها، كرقائق البطاطس والكعك، عن ناظرك لأن ذلك سيقلل من احتمالية تناولك لهذا النوع من الطعام. كما ننصحك باستبدال هذه الوجبات بوجبات خفيفة صحية، كالفواكه، والمُكسّرات، لتُساعدك على كبح جماح رغبتك .
3. اتبع وسائل أخرى للتحكّم بعادة الأكل العاطفي
تُعتبر بعض النشاطات التي تساعدك على الشعور بالهدوء أو تصرف انتباهك عن هذه العادة، كرياضة اليوغا، والتأمل، والقراءة، من الوسائل الجيدة التي ستُمكّنك من التغلب على المشاعر السلبية التي تواجهها. وحتى النشاطات البسيطة، كالمشي، أو التحدث لصديق لم تتواصل معه لفترة طويلة، يمكنها أن تُحسّن مزاجك وتُغنيك عن اللجوء للأكل العاطفي .
4. قم بإعداد سجل يومي لعاداتك الغذائية
من خلال تدوين ما تأكله من طعام بشكل يومي، يمكنك حساب كمية ونوعية الطعام الذي تتناوله وعدد مرات تناولك له على مدار اليوم. كما قد يساعدك تحليل هذا السجل على تحديد أنواع الطعام الرئيسية التي تُشعرك بالراحة عند تناولها ما يسمح لك بالتحكّم بها بشكل أفضل .
5. عالج السبب الرئيسي
أحياناً، قد تدفعك بعض المشاكل المؤقتة، كالخلاف مع صديق أو متاعب العمل، إلى اللجوء إلى الأكل العاطفي لمحاولة التغلب عليها. أما المشاكل المُزمنة، مثل الغضب المستمر، أو الاكتئاب، أو التوتر، فقد تكون السبب الرئيسي وراء عادة الأكل العاطفي طويلة الأمد. لذا، ننصحك بالتحدث لطبيبك أو اللجوء لاستشاري متخصص لمساعدتك على ضبط عادة الأكل العاطفي لديك وتحسينها .
اضافةتعليق
التعليقات