أشعر بالغثيان، أقف يوميا على عتبة باب الحمام في محاولات متتالية لتفريغ معدتي التي تسممت من كلام الناس، فمن يعاني من القولون العصبي يعرف جيدا عن ماذا أتحدث!.
سوء الوضع النفسي والتقلبات المزاجية كلها عوامل أساسية لتهيج ذلك العضو الصغير الذي يقبع في جسد الإنسان.
أبقى ساعات طويلة في سريري أتلوى من الألم أحاول أن أتجاوز كل ما مررت به خلال اليوم عسى أن يهدأ الوجع الذي بات ينخر عافيتي، ولكن عقلي الباطن يهزمني ويصور أمامي كل المواقف السيئة والكلمات الجارحة التي سمعتها في حياتي!.
فتزداد حالتي سوءا وتبدأ معدتي بالانقلاب وأفقد السيطرة على نفسي وأتجه سريعا نحو الحمام لأفرغ كل المواقف المنتهية صلاحيتها في داخل المرحاض!
قالت لي صديقتي التي تعرفت عليها في المدرسة وبقيت على علاقة وطيدة بها حتى الجامعة بأنني فتاة عاجزة ولا أتحمل المسؤولية ونعتنني بصفات قبيحة على سبيل المزاح أمام الشباب والبنات في الصف الدراسي!.
شعرت بالحرج وعندما حاولت أن أعاتبها فيما بعد قالت لي بأن كل ما قالته كان من باب المزاح وكان كلاما عاديا جدا، وأنني أصبحت حساسة زيادة عن الحد الطبيعي!
هل فعلا أن تسخر مني صديقتي أمام ٢٤ طالبا هو أمر اعتيادي؟، هل من الطبيعي أن يضحك ١٣ شاب و١١ فتاة على طريقة لفي للحجاب بعدما علقت عليه صديقتي بأنه يشبه لف العقال وأن رأسي يشبه رأس المعزة!.
تأذيت في داخلي والتزمت الصمت في وقتها وصدقت كلامها عندما قالت بأن الأمر طبيعي وانني أصبحت أتحسس من كل كلام يقال لي!
ولكن هنالك شيء ما يعتصر في داخلي ربما هو إحساس يفرزه عقلي الباطن الذي لا قدرة لي على التحكم به!
لماذا تفعل صديقتي كل هذا؟، لماذا تحاول أن تترصد الفرص كي تنتقص مني أمام الناس؟ وأنا التي أسمع شكواها على مدار أربع وعشرين ساعة!
فعلا؟، لماذا أسمع شكواها؟، لماذا أرفع سماعة الهاتف على أثر اتصالها في الساعة الثالثة فجرا وأنا في عز نومي فقط كي استمع لمشاكلها التافهة مع خطيبها الجديد؟
لماذا لا أرفض طلباتها عندما تريد مني الخروج لشراء حاجيات كمالية وأنا مريضة وراقدة في الفراش؟
لأني باختصار شديد لم أتجرأ أن أرفض لها طلبا طيلة سنوات معرفتي بها! كم أنا بلهاء؟ هل هي السبب في كل هذا أم أنا؟
لماذا بقيت على علاقة مع انسانة سلبية تنقل اليّ مشاعرها السيئة وتفرغ فيّ داخلي جزعها وطاقتها الميتة؟
ماذا استفدت من هذه الصديقة سوى الإهانة والشعور الدائم بأني تابعة لها؟، كيف سمحت لها بكل هذا الاستنقاص، كيف استمرت علاقتي بها وأنا أعرف بأنها تنقل إلى الطلبة كلاما سيئا عني وتحاول أن تشوه صورتي أمام الجميع!
هل صديقتي من جنس الثعبان؟ أم أنا البلهاء التي رضيت أن أستمر في علاقة سامة!، إذ اكتشفت بأن علاوة على التسمم الغذائي هنالك نوع آخر من التسمم اسميته التسمم اللفظي، أصيب على أثره بالغثيان وأحتاج إلى غسيل روح حتى أعود إلى صحتي النفسية!.
إنها تسممني يوميا وأعود إلى البيت اعاني من هذا التسمم اللفظي وأتقيأ وجعا في قاع المرحاض ثم ألقن نفسي بأن ما يحصل أمرا عاديا وأعود في اليوم التالي وكأن شيئا لم يكن!
ولكن غدا، سيكون شيئا كان، فمن الغباء أن أستمر في علاقة مع صديقة بهيئة ثعبان واجعلها تدس سمها في حياتي وتخرب لحظاتي الجميلة وتجعلني تابعة لها، يجب ان أنهي هذه العلاقة السامة قبل تنهي حياتي!.
كان يجب أن ألتزم بكلام أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما قال: "إياك ومعاشرة متتبعي عيوب الناس، فإنه لم يسلم مصاحبهم عنهم"[1].
فلو كنت التزمت بكلامه لما حصل ما حصل، وكنت عرفت كيف انتقي صديقاتي وأميز الصالح من الطالح، ولكن لله الحمد الأوان لم يفت بعد، وباب السعادة مفتوح ما دام لنا صراط مستقيم نتبعه في السراء والضراء ودليلا يرشدنا إلى حياة أكثر طمأنينة تحت ظل الله.
اضافةتعليق
التعليقات