تصبح الأيام ثقيلة والصباحات كئيبة إذا لم نتعلم أن نسامح أنفسنا، ولا سبيل للتعلم دون التجربة والتكرار وإن كان مصحوبا بالخطأ، تعلمنا المشي بعد أن سقطنا ووقفنا مرارا، وتعلمنا الكتابة بعد أن مسحنا وكتبنا واتسخت أوراقنا، وهويتنا الحقيقية ليست المحاولات الفاشلة وإنما هي ما أتقناه وأصبح من ضمن تصرفاتنا ومهاراتنا وخبراتنا.
يقول سيد المرسلين (عليه الصلاة والسلام): "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"، على الإنسان أن يكون رحيماً على نفسه، ولا يغرق نفسه بالندم، فإن أذنبت سيغفره الله لك حتى لو لم تغفر هذا لنفسك أو لم يغفره المجتمع لك، فالجميع معرض للخطأ وللهفوات والزلات والتقصير، إن العبرة ليست في الخطأ فهذا أمر طبيعي يمر به جميع البشر ولكن العبرة في أمرين مهمين وهما:
أولا، أن الإنسان يعمل ويتعامل بدون مسؤولية أخلاقية ودينية ويقحم نفسه في الخطأ ويرتكب المعاصي بإرادته ورغبته بحجة أن الله سيغفر له، فقد أمدنا الله بعوامل الإصلاح وعمل الخير وعلينا أن ننشغل بالأسباب لتحقيقها بدلا من إضاعة قدراتنا في الأخطاء والذنوب.
ثانيا، أن يتعظ ويستفد من التجربة ولا يعيد الكرة مرة ثانية يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين).
وعدم وجود هذان السببان فإن التخلي عن خيباتنا وهفواتنا وأخطاءنا وفرحنا الزائف وحزننا على ما مضى هو خير علاج للروح والعقل، فمن لا يحمل همومه في جيبه وينقلها أينما ذهب ويعطي للفرح وقته وللسعادة مدتها لتتغلغل في روحه حتى تشبع، ويتعلم كل مرة من كل ما يواجهه، ويتمسك حتى لو كان خيط عنكبوت، ولا يسمح أن يتم جرحه بسهولة، ويفسح الطريق للراحة والرضا لتقتلع الأمنيات الحائرة حتى يطيب له الطريقين، سيستلهم الهمم ويقف وهو أكثر صلابة وقوة من ذي قبل.
إن الحياة قاسية وعلى المرء أن لا يزيد من قسوتها، إن أخطأ عليه أن يعتبرها تجربة ويتعلم منها درسا ففائدة دروس الحياة تكمن بشدتها فكلما كانت قوية بوجعها استفاد منها الإنسان الحكمة والعبرة والتجربة وحولها إلى نصيحة يفيد بها الآخرين.
إن خسر سيعوضه الله خير تعويض، وإن تعرض للخذلان سينبت في روحه الحذر والحرص ويجيد التعامل مع العقبات فيتعلم ويعلم، فلا الندم ينفع ولا الحزن يبني آمال، ووراء كل شتاء يأتي ربيع وبعد الغيوم هناك شمس ستشرق.
إن مرحلة المصاعب والمآسي تثير الانفعالات وتولد اإاحباط واليأس، وإعادة الوقوف ثانية ومداواة الجروح تتطلب التغيير من الداخل، فالذكريات مثل البذور كلما استحضرت في الفكر نمت وتشعبت، وكلما ركزت عليها جذبت المشاعر والأحاسيس المحزنة مرة ثانية، وهنا تكمن ضرورة التغيير من الداخل وتنظيم الأفكار.
يقال: "إن كنت مسافرا في قطار الحياة ولا تتحكم بغرفة القيادة فما الغاية من وجودك وأنت لا تقدر على تحديد الوجهة التي تريدها؟". كن أنت المسيطر والقائد وحرك دفة تفكيرك بما يسعدك ويحقق أحلامك.
تذكر دائما نجاحاتك والمواقف المفرحة، والإنشغال بأهداف جديدة، وضع بدائل وحلول لمشاكلك، وكل عقبة هي خبرة وكل محنة هي تجربة تدعمك وتزيد من قوتك.
اضافةتعليق
التعليقات