كان من المؤكد أن تفرض الحكومة والجهات المعنية حظر تجوال شامل أيام عيد الفطر المبارك، وفي الحقيقة سرني كثيرا هذا القرار، لم يكن سبب فرحتي هو الخوف من كورونا وإنما لأتجنب الكثير من أحتياجات العيد وما سيطلبه أطفالي من ملابس جديدة والذهاب إلى مدينة الألعاب وزيارة الأهل والأقارب أو قدوم زائرين الأمر الذي يرافقه إعداد وجبات طعام دسمة تليق بالضيوف لقد خففت جائحة كورونا عليَّ كل هذه الأمور.
كان لموقع بشرى الحياة زيارة لبيوتات متواضعة وتساءلت عن مدى انزعاجهم لحظر التجوال في العيد وكانت بعض الاجابات صادمة.
إرتياح
كانت أم حسين مرتاحة لقرار الحظر أيام العيد حين حاورتنا: لقد خدمتني كورونا كثيرا بدون قصد منها فأنا وعائلتي من البيوتات البسيطة لا نملك راتبا كي نفرح بالعيد بشراء ملابس جديدة والتنزة بمدن الألعاب والمطاعم وينتابني الحزن في أيام العيد السابقة حين أرى الحسرات في عيون أطفالي أما في هذا العيد فسيكون خفيفا ولن نسمع أو نشاهد ما يحزننا.
وكان علي جاسم رجل أربعيني يشعر بالارتياح أيضا مؤكدا، أن الفقراء يشكرون كورونا حين ساوى بينهم وبين الأغنياء بمكوثهم بالبيت، قائلا :- قد تكون كورونا منعتنا من ممارسة حياتنا الطبيعية إلا أنني ارتحت لقرار الحظر فكلما طالبوني أفراد عائلتي بملابس جديدة أجيبهم بأننا سنمكث بالبيت ولاحاجة لنا لشراء ما هو جديد فالضائقة المادية تجعلني في خجل كبير أيام العيد، فكورونا رفعت عنا هذا الاحراج!.
وكان لزينب صاحبة الإثنا عشر أعوام إرتياحا بعدم الخروج من المنزل بسبب كورونا حين أجابت:- نحن في الأعياد السابقة لا نخرج في العيد لأننا لا نملك المال الكاف لشراء ملابس جديدة والذهاب لمدينة الألعاب وحين تسألني صديقاتي بعد أنتهاء العيد أين قضيتي العيد وكيف بدت ملابسك الجديدة وتبدأ كل واحدة منهن تتحدث كيف كانت سعيدة بفستانها الجديد وذهابها مع عائلتها وأقاربها إلى المتنزهات واللعب، أما أنا فابقى صامتة لأنني لم أفعل شيئا في العيد.
طقوس العيد وكورونا
أكدت أم محمد ان كورونا ظرف طارئ وسيمضي ولم تؤثر كورونا على طقوسنا في العيد رغم التباعد الاجتماعي والاجراءات الوقائية المتبعة وحظر التجوال سنرتب البيت كالمعتاد وسنقوم بعمل الحلويات والكليجة العراقية ونتبادل الصحون بينا وبين الجيران قد تغيب عنها بعض طقوس العيد، لكنها لن تكون سببا في عدم الاحساس بفرحة العيد وإتمام صوم شهر رمضان بخير وبركة.
ويقول ابو أسعد:- تكمن فرحة العيد بجمع الشمل بين أفراد العائلة بوجودهم جميعا منعمين بالأمان والصحة والحمد لله عائلتي يجمعها بيت كبير وبالرغم من أعدادهم الكبيرة، مبادرا بالقول بأن عائلتي ممتدة بوجود أبنائي وزوجاتهم وأحفادي لا أشعر بأنني بحاجة إلى الخروج خارج المنزل لأشعر بفرحة العيد.
زيارة الموتى
بدت أم صادق المرأة الستينية حائرة ماذا تفعل في أول ايام العيد فقد اعتادت ان تشد رحالها مع ساعات الفجر المبكر بالذهاب إلى مقبرة وادي السلام بمدينة النجف الأشرف لتجلس بالقرب من قبر ولدها الشهيد وتقول له عيدك مبارك في الجنة يا ولدي، حين حدثتنا بدأت تنحب وتبكي وتقول لقد قضت عليَّ كورونا لا أستطيع أن أفارق ابني أيام العيد والجلوس بجانب قبره، فقد سمعت بأن أمواتنا تشاهدنا وتسمعنا أيام العيد وأنا أنتظر كل عام هذه الأيام كي يراني ولدي فماذا تراني فاعلة!.
أما أم جعفر فقد استسلمت لكورونا قائلة:- لا حول ولا قوة إلا بالله، أشعر بأن قلبي يتفطر لعدم قدرتي الوصول إلى أحبائي والجلوس بجانب قبورهم والترحم عليهم بسبب حظر التجوال سأكتفي بقراءة القرآن وزيارتهم من بعيد فلابد لأرواحهم أن تسمع صوتي ودعائي لهم، وسبحان الله الذي سيكشف هذا البلاء عن بلاد المؤمنين.
اضافةتعليق
التعليقات