قبل حديثنا عن التنمية الاجتماعية لنعرف أولا ماهي التنمية «التنمية» تمثل الدفعة القوية لكي تخرج المجتمع من حالة الركود. وهذه الدفعة هي عكس عملية التطور والتدرج، إن التغير الذي يحدث على عملية النمو يكون ضئيلاً. بينما التغير الذي يسبق عملية التنمية أو يتحصل عنها فهو تغير يتناول الجوانب البنائية والوظيفية أي أنه أقرب إلى التغير الكيفي منه إلى التغير الكمي١.
إن التنمية الاجتماعية هي مفهوم حديث تحدث عنه الغرب وهي حسب هوبهاويس هي تطور البشر في علاقاتهم المشتركة وهذا ما يسميه بالتوافق في العلاقات الاجتماعية، فتغير البناء الاجتماعي لا يعنى شيئا بالنسبة له ما لم يحدث تغيير في طبيعة العلاقات الاجتماعية، ولهذا ينظر إلى التنمية الاجتماعية على أنها تنمية علاقات الإنسان المتبادلة.٢
هنا سنعود بالزمن إلى ما قبل ١٤٠٠ عام وتحديدا إلى فترة حكم الامام علي (عليه السلام) ونرى أفعاله وأقواله، فقد كان عليه حسب ما تذكر الكثير من الروايات أنه كان خليفة على المسلمين في عدد كبير من الولايات كما تسمى سابقا.
و قام الإمام (عليه السلام) بإستمرار الفتوحات الخارجية وبدأ بالعمل على تنظيم المجتمع الإسلامي واستقرار أساسه ومواجهة الفتن الداخلية، حيث كان (عليه السلام) يواجه المتمردين على الدين، والمخالفين للمذهب، إضافة إلى التجار والعمال وغيرهم ممن يخالفون شريعة السماء لإرضاء نزواتهم الشخصية، فقد كان يواجههم بالحجج والدين تارة وبالسيف تارة أخرى، عندما لا ينفع كلام فيجعلون الحسام حدا للنقاش.٣
إن المعيقات للتنمية الاجتماعية هي الاستغلال والغش وما ينتج عنهما من عدم الثقة بين أفراد المجتمع والأخلاق الذميمة كالعصبية وتعارض المصالح وكذا الطبقات الاجتماعية ومنزلتها والفجوة التي تحصل بين الطبقات.٤
ونلاحظ أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد واجه هذه التصرفات والأعمال مواجهة شديدة، وهنا الكثير من القصص منها قصة المرأة مع بائع التمر، وقصة بائع اللبن، وغيرها الكثير وكتب التاريخ والروايات أكبر دليل على ذلك.٥
ولو دققنا في قضاء أمير المؤمنين (عليه السلام) لرأينا أيضا العجب العجاب في أغلب القضايا الخصومة بين شخصين يشجع الطرفين على التصالح فيما بينهما وحل المشكلة بمفردهما وعندما يراهما يطلوبان منه الحكم بالعدل هنا يطبق العدل الإلهي بأجمل وبأبهى صورة نسمعها ونذوق لذة العدل التي فقط سمعناها ولم نرها في زماننا الحاضر.٦
وان أكثر المعيقات التي تؤثر بشكل كبير على المجتمع وهي أساس تخلف وتراجع كثير من الحضارات والأمم هو الفساد الإداري. ٧
وأمير المؤمنين (عليه السلام) كان دقيقا على عماله وولاته على الولايات التي تحت سلطته فكان ما إن يأتيه خبر من الرعاية بعد الانصاف لهم أو إسراف الولاة في أموالهم حتى يكتب للولاة سألهم إن كان ثبت الكلام فتنحى، ورسالته (عليه السلام) لمالك الأشتر النخعي، بعد أن ولاه مصر تبين مدى عظمة الخليفة في العمل بوصايا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومدى جلالة الدين الاسلامي، وسمو مبادئه وأخلاقياته وسلوكياته، وكيف أن الله تعالى أعلم حيث يجعل رسالته. ٨ ٩
اضافةتعليق
التعليقات