أدامز كاتب ذكـي مـن الطراز الأول، لكن جملته الأكثر إفادة هي ربما الأقـل ذكـاء: الأسماء والأسماء والأسماء. فهذه الجملة مفيدة ويمكن تذكرها لأنها ملموسة بدرجة كبيرة، ولأنها أيضا مختصرة بدرجة كبيرة. يعطي هذا المثل وجها ثانيا للبساطة : الرسائل البسيطة أساسية ومدموجة.
لا تثير فكـرة الـدمج أي جـدل. ونادرا مـا تنصحون بجعـل مـوادكم الإعلامية طويلة وملتوية، إلا إذا كتبتم عـن كشوفات معدلات فائدة لشركة بطاقات ائتمان. النقطتان أهم من خمس نقاط. إنها مسألة خاصة بعرض الموجة فكلما قللنا من كمية المعلومات في فكرة معينة ، كلما كانت أكثر قابلية للرسوخ.
لنكن واضحين: إن الدمج وحده ليس كافيا. فبإمكاننا اعتماد رسالة مدموجة غير أساسية. بكلمات أخرى، لا يعكس الشعار البليغ نية القائد. فقد تكون الرسائل المدموجة قابلة للرسوخ، لكن هذا لا يعني شيئا من حيث قيمتها. يمكننا تصور رسائل مدموجة عبارة عن أكاذيب (الأرض مسطحة)، ورسائل مدموجة غير متلائمة (عنزة مثل الكرنب الصغير)، ورسائل مدموجة غير حكيمة (لا تترك يوما يمر من دون شراء حذاء).
في حالات أخرى، يمكن أن يبدو الدمج بذاته هدفا لا قيمة له فالكثيرون منا يتمتعون بالخبرة في مجالات معينة والتحول إلى خبراء في شيء مـا يـعـنـي أنـنـا أصبحنا مذهولين أكثر فأكثـر مـن الـفـوارق والتعقيدات هنا تتدخل لعنة المعرفة، ونبدأ بنسيان ما تبدو عليه عدم معرفة ما نعرفه. عند هذه الحدود، يمكن أن يبدو تبسيط شيء ما كالتقليص وبصفتنا خبراء، لا نريد أن نتهم بنشر الأصـوات أو بالسعي إلى الأرضية المشتركة الأدنى. إننا نخشى أن يؤدي التبسيط إلى تبسيط مفرط وبالتالي ضياع المحتوى.
إذً إن كنا سنحدد البسيط كأساسي ومدمـوج، فعلينا أن نؤكد لأنفسنا أن الدمج يستحق السعي لأجله. لقد حصلنا على الأساس، لمَ نـريـد مـا هـو مـدمـوج؟ أليست الأفكار المختصرة أقل فائدة من الأفكار المعدة بشكل كامل؟ افترضـوا أنـنـا سـرنا بالدمج إلى أقصى حالاته. فهل يمكن قول شيء ذي معنى في إطار مقطع صوتي؟.
عصفور في اليد
طوال آلاف السنين، تبادل الناس مقاطع صوتية تعرف بالأمثال. والأمثال بسيطة وإنما عميقة. ويعرف سرفانتس الأمثال بالجمل القصيرة المستقاة من التجربة الطويلة. لنأخذ المثل الإنكليزي: عصفور في اليد أفضل من عشرة على الشجرة . ما هو الأساس؟ الأساس هو التحذير من
تقـديـم شيء مؤكد مقابل شيء مشكوك فيه. المثل قصير وبسيط، لكنه يحتوي علـى مقـدار كـبـيـر مـن الحكمـة الـتـي هـي مفيدة في الكثير من الأوضاع.
تساعد الأمثال على توجيه القرارات الفردية في بيئات ذات معايير مشتركة. وغالـبـا مـا تكـون هـذه المعايير المشتركة معايير خلقية أو أخلاقية. تقدم الأمثال قـواعـد مبهمة لسلوك الأفراد. القاعـدة الذهبية "افعلـوا للناس ما أردتم أن يفعله الناس لكم". إنها عميقة لدرجة أنه يمكنها التأثير في سلوك يمتد مدى الحياة.
القاعدة الذهبية مؤشر كبير لما نتبعه كما وللأفكار السديدة رشاقة وفائدة تجعلانها تعمل إلى حد بعيد على غرار الأمثال. يعكس تعريف سرفانتس للأمثال تعريفنا للأفكار البسيطة: جمل قصيرة (مدموجة) مستقاة مـن تجـربة طويلة (الأساس). نحـن محـقـون في الشعور بالشك حيال المقاطع الصوتية، لأن الكثير منها فارغة أو مضللة؛ إنها مدموجة من دون أن تكون أساسية. لكن البسيط الذي نبحث عنه ليس مقطعا. صوتيا، بل مثل: مدموج وأساسي.
اضافةتعليق
التعليقات