اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بوفاة المواطن الأمريكي جورج فلويد والذي أثار تداعيات خطيرة في الولايات المتحدة، إذ تم إعلان حالة الطوارئ في 25 مدينة واعتقال المئات من المتظاهرين، في وقت ندّد فيه الرئيس ترامب.
ويذكر أن فلويد البالغ من العمر 46 عاماً، مواطن أمريكي من أصول إفريقية، لفظ أنفاسه الأخيرة في ولاية مينيسوتا يوم الاثنين الماضي بعد أن وضع ضابط شرطة ركبته على عنقه لأكثر من ثماني دقائق.
وتم تداول شريط فيديو يوثق الجريمة على مدار واسع، وقد ألقي القبض لاحقاً على الضابط ويواجهه اتهام بجريمة قتل من الدرجة الثالثة.
من هنا بدأت الحكاية. في عام 1939 خصصت مشارب منفصلة للماء تفصل بين الأبيض والأسود، من هنا تعرف كيف بدأت العنصرية والتمييز.
فقد أُعطي الأمريكيّون البيض امتيازات وحقوقاً انحصرت بهم فقط دوناً عن كلّ الأعراق الأخرى، مُنح الأمريكيون الأوروبيّون (خاصّة البروتستانت الأنجلوسكسونيون البيض الأغنياء) امتيازات حصريّة في مسائل التّعليم والهجرة وحقوق التّصويت والمواطنة وحيازة الأراضي والإجراءات الجنائيّة طوال التّاريخ الأمريكي، ومع ذلك، فكثيراً ما عانى المهاجرون من غير البروتستانت الذين هاجروا من أوروبا، وخاصة الايرلنديين والبولنديين والإيطاليّين، من حالة إقصاء الأجانب وغيرها من أشكال التمييز في المجتمع الأمريكي وذلك حتّى أواخر القرنِ التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
بالإضافةِ إلى ذلك، واجهت مجموعات أميركيّة من الشرق الأوسط مثل اليهود والعرب تمييزًا مستمرّاً في الولايات المتحدة، ونتيجةً لذلك، لم يتمّ التعريف ببعض الأشخاص الذين ينتمون إلى هذه المجموعات على أنّهم من أصحابِ البشرة البيضاء.
واشتملت العديد من المؤسّسات الرئيسيّة المبنيّة على الأساس العنصري والعرقي على العبودية والفصل العنصري، واحتجاز الهنود الحمر، ووضعهم في مدارس داخلية، وقانون الهجرة والتجنس، ومعسكرات الاعتقال.
ولا تزال الطبقيّة العنصريّة موجودة في التّوظيف والإسكان والتعليم والإقراض والحكومة.
تمّ حظر التمييز العنصري الرسميّ بشكلٍ واسعٍ في منتصف القرن العشرين وأصبح يُنظر إليه على أنّه غير مقبول اجتماعيا وأخلاقيّاً، ولكن تبقى السياسة العنصريّة ظاهرة كبرى، ولا تزال العنصرية تنعكس في عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية.
وترى الأمم المتّحدة وشبكة حقوق الإنسان الأمريكيّة أنّ "التمييز في الولاياتِ المتّحدة يتخلّل جميع جوانب الحياة ويمتدّ إلى جميع الأعراق غير البيضاء".
فعلى سبيل المثال ذَكَر مقال نشرته ABC في عام 2007 أنّ واحداً من كلّ عشرة أمريكييّن أقرّ بأنهّ يحمل تحيّزاتٍ ضدّ الأمريكيين اللاتينيين واللاتينيين، وأنّ واحداً من كل أربعة لديه تحيّز ضد العرب الأمريكيين.
ووجد استطلاع للرأي أجرته YouGov / Economist عام 2018 أنّ 17٪ من الأمريكيين يعارضون الزواج بين عرقين مختلفين، و 19٪ يعارضون الزواج من المجموعات العرقية "الأخرى"، و 18٪ يعارضون الزواج من السود، و 17٪ يرفضون الزواج من البيض، و 15٪ يرفضون الزواج من اللاتينيين.
هي الاعتقاد بأن هناك فروقًا وعناصر موروثة بطبائع الناس أو قدراتهم وعزوها لانتمائهم لجماعة أو لعرق ما - بغض النظر عن كيفية تعريف مفهوم العرق - وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة بشكل مختلف اجتماعيا.
ما سبب ظاهرة العنف والتطرف؟
بحثت بين طيات الكتب فلم أجد دليلا واحدا يقول أن العنف ظهر من دين الاسلام كما يتهموننا ويتهمون نبينا(صلى الله عليه وآله وسلم) وإن كان القصد افعال داعش وما يفعلون باسم الدولة الاسلامية فهم لا يمثّلون الاسلام والمسلمين فالذي يدعو إلى التكفير ويذكر الله عند قطع الرأس ويصلي بعدما يصلب، والذي يشرّد الشعوب ويخرّب البلاد والممتلكات أي دولة يمثلها وأي اسلام يطبق عليه، كل هذه الأفعال هي ضد الإنسانية والدين.
فإن ديننا هو دين الرحمة للإنسان والحيوان، وقد بعث الله النبي بالرحمة العامة ليست فقط للمسلمين كما قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، لاحظ عزيزي القارئ (العالمين) ولم يذكر المسلمين أو المؤمنين، بل جعلها رحمة عامة، تشمل الأبيض والأسود العربي والأعجمي، فليكن نبينا قدوة لنا في نبذ العنف والتطرف، فالإسلام الذي جاء به رسول الانسانية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وقدمه ذلك التقدم الملحوظ والذي حمل بين طياته العديد من القوانين المهمة في تاريخ البشرية، وعمل على نشره في شتى أرجاء العالم، من هذه القوانين المهمة والتي كان لها دور طائل في تقدم المسلمين ونجاحهم في مختلف الميادين هو قانون (اللا عنف) من خلال الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة الواردة عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) نقتصر على ذكر بعضها.
اللا عنف مع الأعداء
لما دخل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة كانت إحدى الرايات بيد سعد بن عبادة وهو ينادي: اليوم يوم الملحمة اليوم تسبى الحرمة أذل الله قريشاً، فسمع أبو سفيان، ونادى: يا رسول الله أمرت بقتل قومك! إن سعد قال كذا، واني انشدك الله وقومك فأنت أبر الناس وأرحم الناس، وأوصل الناس فوقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: بل اليوم يوم المرحمة أعز الله قريشاً، وأرسل إلى سعد وعزله عن اللواء وقال لعلي (عليه السلام) خذ منه الراية ونادي فيهم اليوم تحمى الحرمة.
والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قام لجنازة لرجل يهودي، فلما سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك قال: أليس إنساناً. لذلك عدّ الإسلام الاعتداء على أية نفس اعتداء على الإنسانية كلها، كما عدّ إنقاذَ أية نفس إحياء للناس جميعاً، وهذا ما قرره القرآن الكريم بوضوح جلي، قال الحكيم الخبير:
﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾.
حتى في الحرب كان يوصي أفراد الجيش الاسلامي بوصايا أخلاقية رائعة لا نظير لها فقد ذكرت الروايات الشريفة عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: ((إن النبي كان اذا بعث أميراً له على سرية أمره بتقوى الله في خاصة نفسه، ثم في أصحابه عامة، ثم يقول اغزوا بسم الله وفي سبيل الله تعالى، قاتلوا من كفر الله ولا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً، ولا متبتلاً في شاهق، ولا شيخاً فانياً، ولا صبياً، ولا امرأة، ولا تحرقوا النخل، ولا تغرقوه بالماء، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تحرقوا زرعاً، ولا تعقروا من البهائم مما يؤكل لحمه...)) { بحار الانوار ج 19 ص 179}.
إنّ سيرة النبي تكشف لنا أنه كان بإمكانه أن يقتل أعداء الاسلام ويحق له القتال، يحمل في قلبه العظيم حب الخير للناس كافة، فمد لهم جناح الرحمة والسلام، وأخرجهم من العنف بأخلاقه وبعد عن التطرف الذي يقودهم الى قعر جهنم، مما كسبت أيديهم وصدق الله تعالى إذ قال: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ).
اضافةتعليق
التعليقات