دائما ما كنت اخاف ان يأتي يوم وينتزع مني رفيقة دربي وشقيقة روحي التي كنت اظن انه من المحال الحصول عليها لأن فتاة بمواصفاتها لا وجود لها إلا في احلامي، لكن شاء الله ان يهديني "ملاك"، فمضت الايام ومضينا نتشارك اللحظة والبسمة.
ومع مرور الايام لحظت تغيرا يعتري ملاك، شيءٌ ما يشوه فطرتها النقية التي كانت اكثر ما يميزها شيءٌ اجهله، فباتت تتغير طريقة كلامها ومعاملاتها مع الناس، افكارها صارت معتوهة ونظرتها للعالم امست مظلمة وطال التغير نمط ثيابها وقصات شعرها الغريبة، وبين الحين والآخر تجنح لتكوين علاقة حب مع ابن خالها وانا احذرها واتوسل بها ان تمتنع عن ذلك لان هذا فعل محرم وتبرر هي بدافع انه يحبها، فكنت اعاني لساعات طويلة افهمها ان هذا امر لا يتقبله الشرع بتاتا تحت اي مسمى كان.
حاولت ان افهم ما الذي جعلها هكذا تتغير لكنها لطالما كانت تقول انها كما هي وانني ألحظ تغييرا لا وجود له، ذات يوم التقيتها صباحا فحييتها:
- صباح الخير ملاك. ردت:
- گونايدن.
- ما تعنين ملاك؟.
رفضت ان تفسر لي، فصببت جام غضبي عليها وانا أتأجج ألما لاجلها، لاجل مصلحتها، فلا ارضى ان تشوبها شائبة! وعنفتها مخاطبة اياها:
- إن تقبلت منك كل تغيرك السابق على مضض، فمن المستحيل ان يتعدى الامر حدود علاقتنا وتكون هنالك امور مبهمة لا اعرفها حتى في كلامك معي.
حاولت ان تهدئني وتسكتني:
- گونايدن تعني صباح الخير باللغة التركية.
جاءني ردها كصفعة! لأنني ايقنت حينها ان كل ذلك التغير كان نتيجة تشبعها بتلك المسلسلات والافلام التي لطالما كانت تذكر لي الاسماء وتقنعي ان اشاهدها لكنني ارفض واحذرها منها ومن مشاهدتها لانها ستغرس فيها سمومها دون ان تشعر لكنها أبت، وعلمت ان كل وعودها وعهودها لي كانت كاذبة فتمزقت علاقتنا بأبشع صورة.
أي تيه ذاك الذي يجعل ابناءنا يتخبطون في ذلك العالم الذي تصنعه لهم الافلام والمسلسلات التركية التي نلاحظ انتشارها بكثرة والاقبال الكثير والكبير عليها من قبل ابنائنا، فباتت تشغل كل اوقات فراغهم وهي تنشر ثقافات وافكار سامة دون ان نلتفت الى الخطر القادم، فلو شاهدنا تلك المسلسلات نجدها لا تحمل اي هدف ومبدأ تبثه لجيل المستقبل.
كلنا سمعنا عن سياسة التتريك وهو مصطلح يطلق على عملية تحويل أشخاص ومناطق جغرافية من ثقافاتها الأصلية إلى التركية بطريقة قسرية غالباً، وسمعنا كيف ان الشعب العراقي تصدى لها بكل قوة حينما حاول الاحتلال العثماني فرضها وتطبيقها عليه معتزا بعروبته واصالته، لكن نرى اليوم ان سياسة التتريك تعود والغريب انه نحن من اعدناها .
ان اغلب المسلسلات والافلام التي تبث تسعى لغرس ثلاث امور مهمة:
اولا: جعل العلاقات المحرمة والانجاب الغير شرعي امرا طبيعيا بل تعدى الامر ان تستدر عطف المشاهد بأن يتعاطف معها وهذا امر يرفضه الدين الاسلامي وحرّم مشاهدة ما كان يخدش الحياء! فأي شيء يخدش الحياء اكثر من ذلك.
ثانيا: تشويه العلاقات الانسانية وقتل الثقه بين العلاقات حتى بين افراد العائلة الواحدة تحت احتمالية "الخيانة".
ثالثا: جعل القتل امر طبيعي وابتكار اساليب مروعة وجديدة للقتل فبثت العنف في النفوس وقسّت القلوب فمتى سننتبه ومتى يستيقظ ضمير الاباء وابناؤهم يضيعون من ايديهم، حتى ان ثقافاتهم وعاداتهم ولغتهم صارت تتغير شيئا فشيئا وهذا امر مؤلم خصوصا ونحن نعتنق دين الرحمة والانسانية الاسلام الذي يرفض كل ذلك ونحن لا نبالي به.
اضافةتعليق
التعليقات