إن الصداقة مع الآخرين في جميع مجالات الحياة تعتبر من أعمق العلاقات الإنسانية بين الأشخاص، لأنها تشبعه وتغذي جميع احتياجاته. لذا فالحفاظ على الصداقة بين الزوجين أمر ضروري لأنها الأساس المتين لكل زواج ناجح.
فإذا سألت الأزواج المتفاهمين عن سر نجاح زواجهم، سيقولون لك حتماً جواباً واحداً: الصداقة. نعم، وراء كل زواج ناجح صداقة ناجحة. فعندما يعتبر كل واحد من الزوجين شريكه الآخر بمثابة أفضل صديق له، فلا بد أن ينجح الزواج ويتخطى كل العقبات…
الصداقة بين الزوجين.. هل هي في صالحهما؟
كثيرا ما نسمع عن زيجات موفقة وأيضاً نسمع عن صداقات موفقة.. ولكن هل سمعتم عن علاقة زوجية كانت الصداقة بين الشريكين هي أساس نجاحها؟
فالصداقة بين الزوجين تحتاج إلى بعض الشروط والأسس على كلا الطرفين اتباعها، منها الصراحة واحترام الخصوصية. لذا يرى بعض الرجال أن الزوجة لا تصلح لأن تكون صديقة لكل الأوقات، وخاصة أن تكوين المرأة الفسيولوجي والهرموني لا يجعلها تحتوي زوجها باستمرار، لذلك يفضل إيداع الرجل أسراره والفضفضة لصديقه الرجل، لأنه يشعر به أكثر من زوجته أحياناً، وخاصة في الأوقات التي يشعر فيها بأن زوجته ليست في حالة مزاجية جيدة.. فذلك سيؤثر على طريقة تفهمها لمشكلته.
لا ترفض النساء هذه الفكرة، بل يؤيدنها، حيث إن بعضهن يعتبرن أن الصداقة مع الزوج قد تؤدي إلى المشاكل المستمرة.. إذ إن الزوج يريد المرأة دائماً حاضرة بكل جوارحها ولا تخفي عنه أي شيء، وهذا ليس في صالح الزوجة، فهي قد تقول له شيئاً لا يعجبه في ساعة تقارب الأصدقاء، فيقع حينها ما لا تحمد عقباه. فالصراحة والصداقة والبوح بالأسرار قد تؤدي إلى نتائج لن تكون في صالح الزوجين، فهي قد تظهر للشريك الآخر عيوبا لم تكن ظاهرة له منذ البداية، فتؤثر بالتالي على علاقتهما الزوجية أو تؤثر في علاقتهما بإحدى أسرتي الزوج أو الزوجة.
للصداقة ثلاث علامات..
• التقبُّل:
أي أن أتقبل الطرف الآخر بما فيه من حسنات وسيئات، وأرتاح بالجلوس معه والحديث إليه وأفرح عند اللقاء به. ولعل من أكبر المآسي التي نعيشها في حياتنا الزوجية، أن لا يتقبل أحدنا الآخر، فهنا توضع الحواجز ويبحث كل واحد عن البديل لبناء العلاقة معه، وهنا تبتعد (الصداقة) عند أول خطوة في بناء العلاقة .
• القبول:
أبحث عن إيجابيات الطرف الآخر، وأركز عليها، فيكون مقبولا عندي ويزداد حبي له، لأنني أرى إيجابياته وحسناته، ولا أحرص منذ البداية على تغيير سيئاته وإبداء الملاحظات بشأنه، فقد قال أحد علماء النفس: «ليس بمقدور أحد أن يقوم إنسانا آخر، ولكن بحبك لهذا الإنسان الآخر على ما هو عليه، تستطيع أن تمنحه القوة لتغيير نفسه».
• التقدير:
بعد التقبل والقبول يأتي التقدير لاستمرار العلاقة بين الطرفين . وتقدير الذات حاجة أساسية، ولهذا ركزت عليها كبرى الشركات والمؤسسات الربحية وغير الربحية عندما رفعت شعار «تقدير العميل أهم شيء»، أو شعار «العملاء دائما على حق»، وكذلك يركز عليها الطفل الصغير، حيث يأتي بالحركات الغريبة من أجل لفت النظر إليه، ففي ذلك تقدير له وإعطاؤه الاهتمام بوجوده، وهذا ما نريده من الزوجين.
أهمية الصداقة في العلاقة الزوجية:
النجاح في إنشاء صداقة بين الزوجين يثمر في نجاح العلاقة الزوجية ويعطي كلا الزوجين دافعاً للاستمرار وتقبل كل العوائق وتخطيها بسهولة، والعديد من المميزات الأخرى التي سنذكرها فيما يلي:
الوصول للزواج الناجح: كما ذكرنا في فقرات سابقة أن الصداقة بين الزوجين عمود بناء العلاقة السليمة وحجر الأساس لبناء طريق مليء بالسعادة والراحة، وهذا أهم ما يميز كون الزوجين صديقين مقربين وشريكين عاطفيين يضمنان استمرار زواجهما ونجاحه.
تقليل التوتر والمشاكل: الصداقة تجلب التفاهم والتناغم ين الزوجين، كما أنها تفرض على كليهما صفة العطف واللين ويتغاضيان عن الأمور التافهة والصغيرة والتي تكون فتيلاً لإشعال مشاكل كبرى، وبذلك تقل المشاكل بين الزوجين.
كسر الملل والروتين: تترافق الصداقة مع نشاطات ترفيهية وأوقات لطيفة، حيث أن الزوجين يكسران ملل وروتين الحياة الزوجية بمشاركة هوايتهما مع بعضهما البعض كمشاهدة الأفلام وقراءة الروايات وممارسة الرياضات المفضلة، وذلك يقلل من فرص الملل والمشاكل المترتبة عليه.
تحقيق بيئة عائلية سليمة: تُنشئ الصداقة جوا مريحا وهادئا بين الزوجين وبيئة عائلية سليمة لينشأ بها الأطفال من دون مشاكل نفسية على عكس الحال في العائلات التي يحدث طلاق واعتداءات ومشاحنات بين الزوجين.
استبعاد الطلاق والانفصال العاطفي: بنسبة كبيرة بين الزوجين اللذين تنشأ بينهما علاقة صداقة تنخفض حالة الطلاق وذلك بسبب التفاهم وقلة المشاكل والتوتر فذلك ينعكس على نفسية الزوجين ويجعلهما أكثر مرونة وأكثر نضجاً وقدرة على تفادي المشاكل.
حيل لتعزيز الصداقة بين الزوجين
الاهتمامات المشتركة
وجود بعض الاهتمامات المشتركة بينكما يعزز علاقة الصداقة ويمنح العلاقة مزيد من الحيوية والنشاط، ولذلك يجب عليكما ممارسة بعض الأنشطة معا أو قراءة بعض الكتب أو مشاهدة برامج معاً أو زيارة بعض الأماكن التاريخية سويا، فمشاركة الهوايات والاهتمامات أمر ضروري لبناء علاقة صداقة قوية ومتكاملة.
الحفاظ على المسافات الصحية في العلاقة
فمشاركة الوقت والهوايات بينكما لا تعني بالضرورة التلاصق سويا ولكن المقصود هو احترام كلا منكما لوقت الآخر ونفسيته وعدم تصدير التحكم والسيطرة في العلاقة فالسيطرة صفة سلبية تجعل شريك الحياة ينفر منك ويشعر بالاستحواذ عليه وذلك يستنزف طاقته، ولكن قدر الإمكان على الزوجة البحث عن اهتمامات تثير الشغف والرغبة في النجاح بداخلها وبذلك تمنح نفسها وزوجها الشعور بالثقة والأمان في هذه العلاقة السوية التي تخلو من الأنانية والاستنزاف لطاقة شريك الحياة.
عقد الصداقة مع الزوج
ننصحك بإظهار الكثير من الاهتمام في شريك حياتك. ففي أغلب الأحيان، نعيش في المنزل نفسه، لكننا لا نعرف تفاصيل بعضنا البعض، وهذا خطأ فادح. فمن الرائع أن يتعاون الزوجان سوياً لإنجاز مشروع معين، أو أن يساعدا بعضهما البعض على تخطي العقبات.
إظهار العاطفة
لا شيء أروع من إظهار العاطفة للزوج(ة)، من خلال الكلام الرقيق والتصرفات الحنونة. إنه أفضل ترياق لتفادي الخلافات والمشاحنات.
إظهار التقدير
لا شيء أروع من أن ينال الزوج (ة) الثناء من شريكه، بعد انتهائه من أمر معين. لا يجدر بأي من الزوجين الاستخفاف بإنجازات الشريك، مهما كانت عادية وبديهية.
فلا بدّ أن يحظى كل شخص بالتقدير والثناء على عمله وجهوده، إلا إذا كان ذلك الشخص كسولاً جداً ولا يحاول إنجاز أي شيء مفيد للعائلة.
التعاون
من قال إن الزوج هو الوحيد المسؤول عن توفير المال للمنزل، ومن قال إن الزوجة هي الوحيدة المسؤولة عن إنجاز الواجبات المنزلية؟ بل يمكن للزوجة أن تعمل وتساعد في مصروف البيت، فيما يستطيع الزوج أيضاً مساعدة زوجته في بعض الواجبات المنزلية.
التواصل
التواصل مهم ومهم جدا! نعم! إنه سرّ العلاقة الزوجية الناجحة، حيث لا يترك مجالاً لسوء التفاهم وبالتالي تفاقم المشاكل.
لذلك، يستحسن دوماً أن يتحدث الأزواج بصراحة مع بعضهم البعض ولا يسمحون بتراكم المشكلات إلى حين حصول الانفجار الكبير.
العيش ببساطة
لا داعي لتذكر مشاكل الماضي والرجوع إليها باستمرار. فما فات مات، ولن يجدي نفعاً البكاء على الأطلال. لا داعي أيضاً للإحساس بالغيرة من الأشخاص الذين يعيشون حياة مترفة وينعمون بحياة مادية مريحة.
فثمة أشخاص فقراء يحلمون بأن يصلوا إلى المستوى الذي نحن عليه، بسبب افتقادهم إلى كل شيء تقريباً. أفضل سلاح لمواجهة الحياة هو العيش ببساطة وحمد الله باستمرار.
اضافةتعليق
التعليقات