تزوجها بعد عناء كبير، قصة حب وحرب دامت طويلاً لينتصر في النهاية متخطياً كل العقبات والرفض الذي كان يجابهه في كل محاولة ليعاود طلبها مرة تلو الأخرى حتى فاز بها وتملك قلبها الذي ينبض بحبه..
إستمر شهر العسل عندهما لعدة شهور فقد أقسم بأن يجعل منها أسعد امرأة في العالم كله مادام يتنفس، فعاهدته
ان تبقى معه في السراء والضراء ولن يفرقهما سوى الموت..
انقضت ثلاث سنوات على زواجهما السعيد بين سفر و دعوات لحضور حفلات أفراح الأقارب والأصدقاء ورحلات للتنزه والتسوق واي شيء تريده ويخطر على بالها تجده قد لباه في أسرع وقت ممكن.. إلا انها وفي كل اجتماع للعائلة والأقارب تسمع من البعض ما يُعكر عليها صفو حياتها، فالكُل يتسائل متى تأتيهم بولي العهد المنتظر، واصبح لديها هاجس عدم الإنجاب وعليها أن تُنجب طفل وتُصبح أُماً، وتُسعد زوجها الحبيب ليصبح أباً لعائلتهم الصغيرة كما يُسكت ألسِنة المتطفلين..
وأخذت تنخر برأس زوجها لمراجعة كل المراكز الصحية والمستشفيات لغرض الإنجاب، وكان يُنفذ لها كل ماتطلب ويذهب بها اين ما تريد، الى أن تحقق المُراد و رزقهم الله تعالى بصبي جميل زاد عليهم السعادة والرضا..
لم تدُم فرحتها طويلاً فالناس خراب الناس والنسوة من حولها يتهامسن فيما بينهن ويُسمِعنَها الكلام المزعج كلما اجتمعن، فغيرة النساء توقد لديهن نيران الغِل والحسد ولن تهدأ احداهن وتكُن حتى تسمع بخلاف قد نشب بينها وبين زوجها أو عائلته، او مرض قد حل بها أو بطفلها المدلل..
كان عقلها الصغير يُصدق كُل ما يسمع منهن فيعبثن بأفكارها ويغرسن في قلبها النقي بذور الشك والخوف من تصرفات زوجها المُحب البريء الذي لا يشبه ازواجهن من باب إهتمامه الدائم بها، وكون ذلك ستار يغطي به أخطائه بحقها كي لا تشعر..!
بدأ تأثير الظنون السيئة يسري في رأسها
ويدمر سعادتها يوم بعد يوم، فتَحير المسكين كيف يتصرف مع تقلبات ردودها الغريبة وأحوالها الغير مستقرة!
كان يسايرها ويعذر جنونها المفتعل الذي بات يثير قلقه ويستنفذ صبره، فقد اصبح شغلها الشاغل هو الإتصال به كل ربع ساعة وسؤاله أين أنت؟
وماذا تفعل الآن؟
ومع من كنت تتحدث؟
ومتى ستعود، وعندما يعود، اين كنت، ولما تأخرت؟ وهل تناولت الطعام خارج المنزل وو..
كل يوم على هذا الحال الى ان طفح به الكيل وصار يُعاملها بخشونة و ضجر..!
وهذا ما أكدنه لها النسوة بأنه سيتغير عليها يوما ما وستكتشف حقيقته في نهاية الأمر، وإن الرجال كلهم يخونون ولا أمان لهم.!
دون أن تعقل حقيقة ما يحدث وإن هناك من تتحسر على سعادتها ولا تتمنى لها الخير، فجعلت منها أسيرة الظنون مُتناسية الحُب الصادق الذي جمعها بزوجها العزيز الإنسان المخلص الرائع الفريد من نوعه الذي شغفها حباً وقاتل الظروف والقدر ليجعلها ملكة قلبه وحياته واقسم على إسعادها مدى الحياة! فتركت كل هذا خلفها واخذت تدور في دوامة كيد النساء، حتى نمت بذور الشك في عقلها وقلبها لتصبح شجرة كبيرة وأثمرت!
راحت تتخيل خيانته لها وتعتقد بأنه قد تزوج عليها سراً ولم يعد يُحبها مثلما كان ووو..! مما زاد حالات غضبها المفاجئ وتمارضها المستمر…
بات يؤرقه التفكير في حال حبيبته وزوجته الغالية وحاول جاهداً أن يشرح لها ما تعاني منه وإن كل ما تعتقده عارٍ عن الصحة، وهو لا يحب سواها ولايرغب بغيرها على الاطلاق، ولكن دون جدوى!.
عاد ذات ليلة الى المنزل متأخراً بسبب عملٍ إضافي ترتب عليه انجازه، فوجدها تدور في اروقة المنزل كالقط الجائع لا تعلم اين تجد ما تبحث عنه او بالأحرى عن ماذا تبحث!
استوقفها وحضنها بعطف وحنان، لكنها صرخت في وجهه ودفعته بقوة، ثم ذهبت الى فراشها وسرعان ما غطت في نومٍ عميق..
بقيَّ يُراقبها طوال الليل ويتألم لحالها المزري، ويدعو الله أن يُخلصها مما تعانيه ويُعيدها مثلما كانت فقد اشتاق كثيراً لإبتسامتها البريئة وحبها له وحديث السمر.. حتى ضجت محاجره ألماً وتثاقلت، فإستسلم للنوم وهو في غاية التعب والإجهاد..
وعند الساعة الثالثة من منتصف الليل راودها حُلم فضيع رأت فيه عروس جميلة تجلس في حجر زوجها النفيس! وراحت تصرخ بأعلى صوتها وتضرب السرير بيديها وقدميها، فإستفاق بهلع تام ولا زال النُعاس يُسيطر عليه، امسك بكتفيها وهَزَها قائلاً: استفيقي حبيبتي ما هذا إلا كابوس مُزعج، فما كان إلا أفاقت بين الحلم واليقضة ودون وعي صرخت في وجهه ايها الخائن الحقير وتشبثت يداها في عنقه وقامت تخنقه بأقسى قوتها إلا أن فاضت روحه الى السماء..!
اضافةتعليق
التعليقات