• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

تنمّر

خديجة الصحاف / الثلاثاء 14 حزيران 2022 / تربية / 1685
شارك الموضوع :

كيف لي أن أعالج هذا الأمر، كيف أقنع الناس بعدم التنمّر على الآخرين، وإيذائهم بملاحظات تكسر أرواحهم

-  لماذا .. من بين رجال الدنيا كلهم اخترتِ هذا الرجل ليكون زوجِك ؟!

هكذا طرحتْ ابنتي ذات الخمسة عشر ربيعا سؤالها، بصورة مباشرة ومباغتة ولا أقول وقحة؛ لأني أحسنتُ تربيتها؛ ولذا أفترضتُ حسن الظن في هدفها من السؤال خصوصا أن نظرتَها وشتْ بشىء من الألم، ولمحتُ بريقَ دمعةٍ بين جفنيها، وأحسستُ بغصّةٍ في صدرها، وتهدجٍ   بصوتها ! لذا أجبتها بكل هدوء لأعرف ما وراء هذا السؤال الغريب !

-  ولكن هذا الرجل أبوك، الذي يحبك كثيراً ويفضلك على أخوتك، ويبالغ بتدليلك؛ فما وجه اعتراضك؟!

هنا انفجرت بالبكاء بحرقة لم يسبق أن رأيتها، حتى عندما اختفت قطتها قبل سنوات، وانبرت تتكلم بعصبية ممزوجة بالخجل والألم:

-  وأنا أحبه، وهو أغلى عندي من روحي ولكن الناس لا يهتمون بشؤونهم الخاصة! يتركوننا نعيش بسلام !

-  وما دخل الناس بك وبأبيك؟

هنا ازدادت حرقتها، واندفعت تشكو ألمها:

-  لأنه أسمر اللون، وشعره أجعد وأنا ورثت هذا منه، لم أرث منك بشرتك البيضاء، وعينيك الخضراوين، وشعرك الأشقر، الناس يرونني قبيحة، ويقارنون بيني وبينك، حتى صرتُ أتجنبُ الخروج معك، كرهتُ هذه المقارنة وكرهتُ نفسي؛ أنا لم أختر شكلي فلماذا هذا التنمّر على أمر خارج عن إرادتي واختياري؟ .

تنفستُ عميقاً، وإن كنت لم أتفاجأ؛ فلطالما سمعتُ هذه الملاحظات مرارا منذ ولدتها بملامح تشبه أبيها، فكثيرا ما قيل لي: للأسف ابنتك لا تشبهك، ليست شقراء مثلك، والملاحظة الأكثر إيلاما ووقاحة عندما يقال: من أين جئتك بهذه الطفلة السمراء، أو هل هي ابنتك بالتبني لا نصدق أنها ابنتك حقا!.

هذه الملاحظات الفظة والقاسية والخالية من الأدب لم تكن ابنتي تفطن لها وهي صغيرة، ولكنها مذ كبرت وصارت تدرك نظرات الآخرين، وتسمع ملاحظاتهم صارت تتألم، ثم أصبحت تلومني على اختياري لرجل - بنظرها- غير وسيم قد ورثت عنه ملامحه الخالية من الجمال، وقد تصل إلى مرحلة تبغضني، وتبغض أباها بعد أن صارت تكره نفسها وشكلها .

كيف لي أن أعالج هذا الأمر، كيف أقنع الناس بعدم التنمّر على الآخرين، وإيذائهم بملاحظات تكسر أرواحهم، وتخلق لهم آلاماً لا مبرر لها، تفقدهم الثقة بأنفسهم، وتسلب منهم سلامهم النفسي، وقد تحولهم إلى أشخاص عدائيين يكرهون المجتمع، ويسعون إلى معاقبته على قساوته عليهم !.

أنا لا أستطيع أن أقنع فتاة مراهقة أن الشكل الخارجي أمر ثانوي، وأن الجمال جمال الروح؛ فهي في عمر ترى فيه الفتاة جمالها وأنوثتها أمر مهم وجوهري له الأولوية، وتكون شديدة الحساسية لعيوبها الجسدية، وأي نظرة سلبية لهذا الجانب من شخصيتها سوف تدمّرها، وتزعزع ثقتها بنفسها.

ولا أستطيع ان أمنع عنها عيون الآخرين، وتعليقاتهم السمجة والفظة، ولكني أستطيع أن أغمرها بالحب والحنان، فهما بلسمان يفعلان المعجزات، ويداويان أعمق الجروح، وأشدّها إيلاما .

سأشعرها أنها بلونها الأسمر، وشعرها الأجعد أجمل في عيني وعين أبيها وكل من يحبها من ملكات الجمال، مما يعزز ثقتها بنفسها، وسأعمل على إلفات نظرها إلى مواطن الجمال فيها؛ فكل أنثى جميلة بصورة ما وعليها إلا أن تكتشف هذا الجمال، وتبرزه بشكل لافت من غير إسراف أو مبالغة قد تأتي بنتائج عكسية  .

المرأة الذكية تستطيع أن تخلق لنفسها جمالا خاصا، وشخصية مميزة محبوبة، وكاريزما تخطف الأنظار، وتأخذ بمجامع القلوب وإن كانت تفتقر لبعض مواصفات الجمال التقليدية والمألوفة لدى الناس .

المرأة الذكية والناجحة تشعر بتميّزها، وترى نفسها لا تقل عن الأخريات، بل وتنافسهنّ جمالا وتألقا، وهذا ليس إحساسا عن وهم مرضيّ؛ بل شعور مبنيّ على أسس صحيحة وراسخة تجعلها تتصرف بثقة تنتقل عدواها إلى الآخرين فيرونها بدورهم جميلة أيضا .  

هكذا بدأتُ بعلاج ابنتي من جروح الآخرين، وبدأتْ بدورها تستجيبُ للعلاج وتتعافى، وشرعتْ تخلقُ لنفسها شخصيتها الفريدة مستثمرة كل ما تملك من مواصفات كلطفها، وخفة دمها، وأريحيتها في التعامل مع الآخرين، وكان أبوها مثلُها الأعلى، فهو شخص ودود، وكريم، له هيبة وجاذبية تجعله ناجحا اجتماعيا يحبه الصغير والكبير .

وهنا أدركتْ إبنتي الإجابة على سؤالها القديم: لماذا من بين رجال الدنيا كلهم اخترتُ هذا الرجل ليكون زوجي ؟!

الانسان
الاخلاق
السلوك
التفكير
القيم
المجتمع
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين

    بالكلمة الطيبة قوة الأثر والتغير

    السيدة الزهراء.. أسماؤها وألقابها

    بويضات من خلايا جلد لإنتاج أجنة.. البشرية أمام علاج جديد ثوري للعقم

    في ثرى البقيع... كُلُّ الذي دون الفِراقِ قليلٌ

    في يومها العالمي... الترجمة لغة ثانية للحياة

    آخر القراءات

    اليوم العالمي للعمل الإنساني والسباق من أجل الإنسانية

    النشر : السبت 21 آب 2021
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    خطبة الرسول في يوم الغدير

    النشر : الأربعاء 16 كانون الأول 2020
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    لماذا كان نصيب المرأة من الإرث نصف نصيب الرجل؟

    النشر : الأربعاء 29 تموز 2015
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    فاطمة الزهراء.. الحجة على الأئمة الطاهرين

    النشر : الأثنين 27 تشرين الثاني 2023
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    اللعب الموجه دورة تقيمها جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    النشر : الثلاثاء 03 ايلول 2019
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    تكنولوجيا تكتب الأفكار

    النشر : الأحد 28 نيسان 2019
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    استبدل ولا تحذف: الفراغ عدو التغيير

    • 862 مشاهدات

    ماذا أنت فاعلٌ بحياتك؟

    • 734 مشاهدات

    الزواج.. ميثاقٌ إلهيٌّ تُنسِجه المودَّةُ والرحمة

    • 677 مشاهدات

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين

    • 455 مشاهدات

    الشجاعة الحقيقية في مواجهة الهزيمة

    • 355 مشاهدات

    كانت مجرد كلمات… حتى بدأت أبكي دون أن أفهم السبب

    • 355 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 955 مشاهدات

    لغة الإيموجي… حينما تتحدث الصور وتصمت الكلمات

    • 908 مشاهدات

    استبدل ولا تحذف: الفراغ عدو التغيير

    • 862 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 781 مشاهدات

    قراءة في كتاب: في دقائق كيف نتغيّر؟

    • 756 مشاهدات

    ماذا أنت فاعلٌ بحياتك؟

    • 734 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين
    • الخميس 02 تشرين الاول 2025
    بالكلمة الطيبة قوة الأثر والتغير
    • الخميس 02 تشرين الاول 2025
    السيدة الزهراء.. أسماؤها وألقابها
    • الخميس 02 تشرين الاول 2025
    بويضات من خلايا جلد لإنتاج أجنة.. البشرية أمام علاج جديد ثوري للعقم
    • الخميس 02 تشرين الاول 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة