في ذلك الزمن البعيد... وفي ﻟﻴﻠة ﻋﺎﺻﻔة ليس كمثلها ليلة، ﻳﺘﺼﺎﺭﻉ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺮﻕ ﻭﺍﻟﺮﻋﺪ ليضرب أحدهما بنفسه على الاخر، تنبأ كاهن احدى القرى بولادة صبيين في ليلة واحدة.
عند نهاية ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ أﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮية أفصح الناس عن مدى سعادتهم بسماع الخبر، وﺍﻋﺘﺒﺮﻭﻩ ﺑﺸﺎﺭة ﺧﻴﺮ ﻭﺍﻧﻪ حظ حسن ﺳﻴﺠﻠﺐ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮية ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻼﻣﺢ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎﺩة ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﻢ ﻭﺍﻟﻐﻢ ﻭﻛﺄﻥّ ﺷﻴﺌﺎ ﻛﺒﻴﺮﺍ ﻭﺧﻄﻴﺮا ينتظرهم!.
ﺳﺄﻝ ﺍﺣﺪ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ: ﻣﺎ ﺍﻻﻣﺮ ﻳﺎﺳﻴﺪﻱ ﻟﻤﺎ ﻻﺗﺒﺪﻭ ﺳﻌﻴﺪﺍ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﻏﺎية ﺍﻟﺴﻌﺎﺩة ﻫﻞ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺧﻄﺐ ﻣﺎ؟
ﺍﺳﻤﻌﻮ ﻳﺎ أﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮية، ﻗﺎﻃﻌﻪ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﻗﺎﺋﻼ: ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺼﻄﺪﻡ ﺍﻟﺒﺮﻕ ﺑﺎﻟﺮﻋﺪ ﺳﻴﺼﻄﺪﻡ ﺍﻟﺼﺒﻴﻴﻦ ﺑﺼﺮاﻋﺎﺕ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎة ﻟﻦ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻻ ﺑﻤﻮﺕ ﺍﺣﺪهما، ﻟﻢ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﺭﺅﻳﺎﻱ ﻋﻠﻰ ﻭﻻﺩﺗﻬﻤﺎ ﻓﻘﻂ ﻛﻼ، ﺍﻟﺼﺒﻴﻴﻦ ﺳﻴﻜﺒﺮان ﻟﻴﻜﻮنا ﻓﺎﺭﺳين ﺷﺠﺎﻋين ﻗﻮﻳين ﻻﻳﻬﺰمان أبدا، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﺣﺪﻫﻤﺎ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻓﺎﺭﺱ ﻟﻠﻨﻮﺭ ﻭﺍﻷﺧﺮ ﻓﺎﺭﺱ ﻟﻠﻈﻼﻡ ﺳﻴﺤﺘﺪﻣﺎﻥ ﺑﺼﺮﺍﻉ ﻃﻮﻳﻞ ﻟﻦ ﻳﻨﺘﻬﻲ إﻻ ﺑﻤﻮﺕ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻭﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﺳﻴﺠﻠﺒﺎﻥ ﺍلأﻟﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌاﻨﺎة ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮية..
ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺍﻋﺘﻠﺖ ﺍﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻟﺘﺤﺪﺙ ﺿﻮﺿﺎﺀ عارمة، ﻏﺎﺩﺭعلى أثرها ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ، ليترك الجميع ﻓﻲ ﺣيرة ﻭﺗﺴﺎﺅﻻﺕ ﻛﺜﻴﺮة ﺩﻭﻥ إﺟﺎبة، ﺗﻐﻠﻐﻞ ﺍﻟﺮﻋﺐ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ ﻧﺴﺎﺀ ﺍﻟﻘﺮية ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﺍﻟﺤﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﻼﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﺷﻚ ﺍﻟﻮﻻﺩة ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻋﻮ ﺍﻥ ﻻﺗﻠﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺒﺄ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﺎهن..
ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺛﻤﺎنية ﻧﺴﺎﺀ ﺣﻮﺍﻣﻞ ﻓﻲ ﺷﻬﺮﻫﻦ، ﻓﻌﻠﻦ ﺍﺷﻴﺎﺀ ﺟﻨﻮنية ﻟﺘﻌﺠﻴﻞ ﺍﻟﻮﻻﺩة ﺍﻭﺗأﺧﻴﺮﻫﺎ، ﺟﺮﺑﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻻﻋﺸﺎﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﻗﻴﺮ ﻭﺍﻟﻤﺸﻲ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺸﺎﻕ ﺍﻭ ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ ﺩﻭﻥ ﻓﻌﻞ ﺷﻲء ﻟﺘﺄﺧﻴﺮ ﺍﻟﻮﻻﺩة ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻖ ﺭﺅﻳﺎ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ...
ﻣﺮﺕ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﻥ ﻳﻌﻢ ﺍﻟﻘﺮﻳة، ﻭﺿﻌﺖ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﺤﻮﺍﻣﻞ ﺍﻭﻻﺩﻫﻦ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪة ﺗﻠﻮ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻳﺎﻡ ﻣﺘﻔﺮقة ﻣﺎﻋﺪﺍ ﺍﺛﻨﺘﻴﻦ منهن، ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺗﻴﻘﻦ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻥ ﺭﺅﻳﺎ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻟﻠﺘﺤﻘﻖ..
ﻭﻓﻲ ﻟﻴلة ﻋﺎﺻفة ﺍﻧﺸق ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ وكان البرق يضرب بنفسه في أحشاء الجو ﻭﻟﺪﺕ ﻛﻼ ﺍﻟﻤﺮأﺗﻴﻦ ﻭﻟﺪﻳﻬﻤﺎ، ﻭﻓﻲ ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺼﺎﻋﺪ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳة ﺧﻠﻒ ﺍﻻﻗﺪﺍﻡ ﻭﻫبّوا ﻣﺴﺮﻋين ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﻌﺒﺪ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ، ﻭﺿعوا ﺍﻟﻄﻔﻠﻴﻦ ﺍﻣﺎﻡ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﻭﺻﻤﺖ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ معرفة ﺍﻱ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻭﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﻈﻼﻡ، ﻛﺎﻥ ﻛﻼ ﺍﻟﻄﻔﻠﻴﻦ ﺑﻮﺟﻪ ﻣﻼﺋﻜﻲ ﻭﻋﻴﻨﺎﻥ ﺟﻤﻴﻠﺘﺎﻥ ﻛﺎﻟﻠﺆﻟﺆ ﺍﻻﺳﻮﺩ ﻭﺍﻟﻜﺮﻳﺴﺘﺎﻝ ﺍﻻﺯﺭﻕ، ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺍﺣﺘﺎﺭ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ وﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺍﻥ ﻳﻤﻴﺰ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﻓﻴﻬﻤﺎ، ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻟﻮﺣة ﺑﻴﻀﺎﺀ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻓﺮشة ﺍﻟﺮﺳﺎﻡ، ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻗﺮﺭ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﺍﺟﺮﺍﺀ ﺍﺧﺘﺒﺎﺭ ﻟﻜﻠﻴﻬﻤﺎ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻣﺼﻴﺮﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺘﻴﺠته وﻫﻮ ﺍﻥ ﻳﻘﺘﺮﺏ ﺮﺟﻞ ﻋﺠﻮﺯ قبيح ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻭﻳﺮﻯ ﺭﺩّة ﻓﻌل الطفلين، ﺍﻗﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻻﻭﻝ ﻭﻛﺎﻥ ﻃﻔﻞ ﺫﻭﻋﻴﻨين ﺯﺭﻗﺎﻭين ﻣﺜﻞ ﻟﻮﻥ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﻭﺑﺸﺮة ﺑﻴﻀﺎﺀ ﻭﺷﻔﺎﻩ ﺣﻤﺮﺍﺀ ﻣﺜﻞ ﻟﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﺍﻭلة، ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺭﺍحة ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺧﺪ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻭﺍﺑﺘﺴﻢ، ﺛﻢّ ﺗﻮﺟﻪ بعد ذلك ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻭ ﻋﻴﻨيﻥ ﺳﻮﺩﺍوين ﻛﺒﻴﺮتين، ﻣﺪﻭّﺭتين كلؤلؤ ﺍﻟﺒﺤﺮ، ﻭﻭﺟﻪ ﺩﺍﺋﺮﻱ ﻛﺎﻟﻘﻤﺮ ﻭﺷﻔﺎﻩ ﺑﻠﻮﻥ ﺍﻟﻜﺮﺯ، ﻣﺎ إﻥ ﺍﻗﺘﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﺑﻠﺤﻴﺘﻪ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﺣﺘﻰ ﺷدّها ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺑﻜﻞ ﻗﻮﺗه و بدأ بالبكاء والصراخ بكل ما اوتي من قوة، ﺍﻧﺰﻋﺞ حينها ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻓ الطفل، ﻭﺭﻓﻊ ﻳﺪه ﻟﻸﻋﻠﻰ ﺻﺎﺭﺧﺎ: ﺍﻧﻪ ﺍﻟﻔﺎﺭﺱ ﺍﻻﺳﻮﺩ ﻭﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﻟﻔﺎﺭﺱ ﺍﻷﺑﻴﺾ، ﻛﺎﻥ ﻗﺮﺍﺭه ﻣﺒﻨياً ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻭﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﻄﻔﻠﻴﻦ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻄﻔﻮلة ﺑﻠﻘﺐ ﺣﺪﺩ ﻣﺼﻴﺮﻫﻤﺎ.. ﻣﺮّﺕ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﻭﻛﺒﺮ ﺍﻟﻄﻔﻠﻴﻦ ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﻣﻌﺎﻣلة ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻬﻤﺎ، ﻛﺎﻥ ﺍﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮية ﺟﺪﺍ ﻟﻄﻔﺎﺀ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺎﺭﺱ ﺍﻻﺑﻴﺾ ﻭﻛﺜﻴرين ﺍﻟﻠؤم ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺎﺭﺱ ﺍلأﺳﻮﺩ وﺣﺘﻰ ﺍﻻﻃﻔﺎﻝ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻠﺪﻭﻥ ﺍﻟﻜﺒﺎر، ﺣﺴﺐ ﻣﺎﻳﺴﻤﻌﻮﻥ منهم من اقاويل عن فارس الشر! ﻓﻴﺮﻣﻮﻥ ﺍﻟﺤﺠﺎﺭة ﻋﻠﻰ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﻭﻳﻠﻘﺒﻮﻧﻪ ﺑﺬي ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﻧسبة ﺍﻟﻰ ﻗﺮﻭﻥ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﻭﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻻﻳﺎﻡ ﻭﻗﻒ ﺍﻟﻄﻔﻞ (ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﻈﻼﻡ) ﺑﻮﺟﻪ ﺯﻣﺮة ﻣﻦ ﺍﻻﻃﻔﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﺿﺎﻕ صدره من تﺼﺮﻓﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﻠﺌﻴمة وصرخ بصوته قائلاً: ﺍﻳﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﺣﺪ ﺍﻟﺼﺒﻴة ﺍﻧﻈﺮ ﺍﻟﻰ ﺧﻴﺎﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺭﺽ ﻭﺍﻧﺖ ﺗﻌﺮﻑ.. ﻣﺎ ﺍﻥ ﺍﻧﺰﻝ ﺭأﺳﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻡ ﺍﺣﺪ ﺍﻟﺼﺒﻴة ﺑﻮﺿﻊ قبعة ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺮﻧﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﺖ ﺍﺻﻮﺍﺕ ﺿﺤﻜﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﺴﺎﺧﺮة، ﺭﻣﻰ ﺍﻟقبعة ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺭﺽ ﻭﺍﺧﺬ ﻳﺮﻛﺾ ﻣﺴﺮﻋﺎً ﺣﺘﻰ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻘرية ﻭﻭﺻﻞ ﺍﻟﻰ ﻛﻬﻒ ﻣﻬﺠﻮﺭ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﺣﻴﺚ ﺟﻠﺲ ﻓﻴﻬ ﻣﻨﻌﺰﻻ عن العالم تماماً، ﻧﻈﺮ ﺣﻮﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﻭﺿﻊ ﺭﺃﺳﻪ ﺑﻴﻦ رﻛﺒﺘﻴﻪ ﻭاﻧﻬﻤﺮﺕ ﺩﻣﻮعه ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻳﻪ..
وبﻌﺪ ﺍﻥ ﺑﻜﻰ ﻃﻮﻳﻼ ﻣﺴﺢ ﺩﻣﻮﻋﻪ ﻭﻗﺎﻝ: ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﺍﻛﺜﺮ ﻇﻠمة ﻭﻗﺴﻮة ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮية الذين يرون فيّ الﺷﻴﻄﺎﻥ.. ﺳﺄﺭﻳﻬﻢ ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ.
ﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﻃﺎﻝ ﻏﻴﺎﺑﻪ ﻭﺣﻞّ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳة، ﺧﺮﺟﺖ أمه ﻣﺬﻋﻮﺭة ﺗﺼﺮﺥ بوجه ﺍﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮية ﻟﻘﺪ ﻫﺮﺏ ﻃﻔﻠﻲ ﺑﺴﺒﺒﻜﻢ ﻭﺑﺴﺒﺐ ﺍﻓﻌﺎﻟﻜﻢ،ﻫﻞ ﺗﻈﻨﻮﻥ ﺣﻘﺎ ﺍﻧﻪ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﺳﻮﺩ ﺍﻭ ﻓﺎﺭﺱ ﻇﻼﻡ ﺍﻧﻪ ﻣﺠﺮﺩ ﻃﻔﻞ ﺻﻐﻴﺮ ﻫﻞ ﺍﺫﻯ ﺍﺣﺪ ﻣﻨﻜﻢ، ﻛﻴﻒ ﻟﻜﻢ ﺍﻥ ﺗﻌﺎﻣﻠﻮﻩ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘة ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺒﻮءة سخيفة، ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺷﻌﺮ ﺑﻌﻀﻬﻢ بﺍﻷﺳﻒ ﻭﺍﻟﺸﻔﻘة ﺗﺠﺎﻩ ﺩﻣﻮﻋﻬﺎ ﺍﻟﺤﺎﺭة، وجدوا ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻭﺍﻗﻔﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﺩﻣﻮﻉ أمه ﻭﺑﺮﻭﺩ ﺍﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳة، ﻟﻢ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺍﺣﺪ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ، ﺍﻋﺘﻼﻩ ﻏﻀﺐ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﻣﺸﺎﻋﺮمختلطة ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻟﻬﺎ أية ﺗﻔﺴﻴﺮ.
ﺷﻖّ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻭﻣﺮّ ﺑﺒﺮﻭﺩ ﺑﺠﺎﻧﺐ أمه، ﺍﺣﺘﻀﻨﺘﻪ ﺑﺤﺮﺍﺭة ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺍﻟﻘﻰ بذراعها ﻭﻫﺮﺏ ﻣﻦ ﺣﻀﻨﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ، ﻭﻗﻔﺖ ﻣﺼﺪﻭمة ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻓﻪ ﺍﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺛﻢ ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ، ﻧﻈﺮﺕ ﺍﻟﻰ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻭﻓﻬﻤﺖ، ﻟﻢ ﻳﺮﻏﺐ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ ﺍﻥ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮية ﺑﻤﻮﻗﻒ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﻧﻘطة ﺗﺤﻮﻝ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ..
ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍﺧﺬ ﻳﻀﺮﺏ ﺍﻟﺼﺒﻴة ﻭﻳﻨﺼﺐ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻤﻜﺎﺋﺪ، ﺍﺻﺒﺢ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻟﻮﻧﻪ ﺍﻟﻤﻔﻀﻞ ﻭﻋﺰﻝ ﻧﻔﺴﻪ عن الناس، ﺍﺻﺒﺢ ﻗﻠﻴﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻏﺎﻣﺾ ﻳﺮﻫﺐ ﺍﻷﺧﺮﻳﻦ ﺑﻨﻈﺮة ﺳﻮﺩﺍﺀ ﻭﺍﺣﺪة ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻴﻪ.
ﻫﻜﺬﺍ ﺣﻤﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺘﻰ ﺍﺻﺒﺢ ﺷﺎﺑﺎ ﻗﻮﻱ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻬﻒ ﻣﻌﺰﻭﻻ ﻋﻦ ﺍﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮية ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﺎﻓﻮﻧﻪ، ﻭﻳﺪﺭﺑﻮﻥ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺗﻌﺮﺽ ﻟﻬﻢ.
ﺍﻣﺎ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻓﻘﺪ ﺍﺻﺒﺢ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﺕ ﺍﻻﺑﻴﺾ، ﻛﺎﻥ ﺣﻠﻢ ﻛﻞ ﻓﺘﺎة ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻭﺍﻟﺒﺮﺍءة، ﺷﺠﺎﻉ ﻭﺳﻴﻢ ﻳﺤﺘﺮﻡ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻭﻳﺴﺎﻋﺪ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ، ﺫﻭ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﻪ ﻓﺎﺗنة ﻛﺒﺮ ﺗﺤﺖ ﺣﺐ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳة ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﻘﺪﺭﻩ ﻟﺪﺭﺟﻪ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺲ.
ﻭﻓﻲ ﻟﻴلة ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ المظلمة ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﻳﻮﺩﻉ ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ﺧﻔﻴة، ﺍﺧﺒﺮﺗﻪ: ﻟﺪﻱ ﺧﺒﺮ ﺳﻴﻔﺮﺣﻚ ﻫﻞ ﺗﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﺳﻴﺰﻭﺭ ﺍﻟﻘﺮﻳة ﺍﻧﻪ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ.. ﻗﺎﻃﻌﻬﺎ ﻭﻣﺎﺷﺄﻧﻲ ﺑﻪ؟ ﺍﻧﻪ ﺍﻛﺜﺮ ﺧﺒﺮة ﻭﻣﻌﺮفة ﻭﺷﻬﺮة ﻣﻦ ﻛﺎﻫﻦ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ ﺍﻧﻪ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﻭﻣﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻜﻞ ﻳﺤﺘﺮﻣﻪ ﻭﺍﻥ ﺍﺧﺒﺮﺗﻪ ﺑﻘﺼﺘﻚ ﻭﺗﺮﺟﻴﺘﻪ ﺍﻧﺎ ﻣﺘﺎﻛﺪة بأنه ﺳﻴﺴﺎﻋﺪﻧﺎ، ﻟﻦ تضطر ﺍﻥ ﺗﺰﻭﺭ ﺍﻣﻚ ﺑﺎﻟﺨﻔﺎﺀ، ﺿﺮﺏ ﻳﺪﻩ ﺑﻘﻮة ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﺋﻂ، ﺗﺮﻛﺖ ﺣﻔﺮة ﺛﻢ ﺧﺮﺝ ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﺎﺋﺪ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻜﻬﻒ ﺳﻤﻊ ﺻﺮﺍﺥ ﻓﺘﺎة، ﺭﻛﺾ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﻓﻮﺟﺪﻫﺎ ﻣﺤﺎﺻﺮة ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻧﻤﺮ.
ﻧﻈﺮ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻨﻤﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﻭﺣﺪﻕ ﻓﻲ ﺑﺆﺑﺆ ﻋﻴﻨﻪ ﺛﻢ ﺍﻧﻘﺾ ﻋليه ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﻫﺰﻡ ﺍﻟﻨﻤﺮ ﺗﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻔﺘﺎة ﺍﻟﻤﺮﺗﻌشة ﻭﻣﺪ ﻳﺪﻳﻪ، ﻭﻗﻔﺖ ﺍﻟﻔﺘﺎة ﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﺗﺮﺩﺩﺕ ﻗﻠﻴﻼ، ﺭﻓﻊ ﺳﻴﻔﻪ ﻣﺸﻴﺮﺍ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﻗﺎﻝ ﺑﺼﻮﺕ ﺍﺟﻬﺶ ﻏﺎﻣﺾ: ﻣﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ، ﺍﻥ ﺍﺗﺒﻌﺖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺳﺘﺼﻠﻴﻦ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﺮية، ﺍﺭﺟﻊ ﺳﻴﻔﻪ ﺍﻟﻰ ﻏﻤﺪﻩ ﺛﻢ ﺍﻧﺼﺮﻑ، ﻓﺠأة ﻗﻔﺰﺕ ﺍﻟﻔﺘﺎة ﺍﻣﺎﻣﻪ ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻭﻫﻲ ﺗﻀﺤﻚ: ﺍﺗﻌﻠﻢ ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺟﺪﺍ ﺧﺎﺋفة ﻟﻢ ﺍﻋﻠﻢ ﺍﻳﻬﻤﺎ ﺍﻛﺜﺮ خوفا، ﻧﻈﺮة ﺍﻟﻨﻤﺮ ﺍﻟﺠﺎﺋﻊ ﺍﻡ ﻧﻈﺮة ﻋﻴﻨﺎﻙ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻭتين ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻼﻡ، ﻓﺠأة ﺍﺭﺗﺴﻤﺖ ﻧﺼﻒ ﺍﺑﺘﺴﺎمة ﺳﺎﺧﺮة ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺘﻴﻪ ﻭﺍﺧﺘﻔﻰ.
ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻗﻴﻢ ﺍﺣﺘﻔﺎﻝ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﻮﺻﻮﻝ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﺳﻤﻊ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻗصة ﺍﻟﻘﺮية ﻗﺮﺭ ﺩﻋﻮة ﺍﻟﺸﺎبين ﺍﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻭﺍﻟﺘﺤﺪﺙ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﺟﻠﺲ ﺍﻟﺸﺎﺑاﻥ ﺍﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀ ﺍﻟﺸﻤﻮﻉ ﺛﻢ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺍﺑنة ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻭﻗﺪﻣﺖ ﻟﻬمﺎ ﺍﻟﻀﻴﺎفة، ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺎﺋقة ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺧﻼﻝ ﺛﻼﺙ ﺛﻮﺍﻧﻲ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﻔﺎﺭﺱ ﺍﻻﺑﻴﺾ ﻓﻲ ﻏﺮﺍﻣﻬﺎ ﻭﺍﺑﺘﺴﻢ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣته ﺍﻟﺴﺎﺣﺮة ﺍﺑﺘﺴﻤﺖ ﻟﻪ ﺑﺪﻭرﻫﺎ ﺛﻢ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻔﺎﺭﺱ ﺍﻷﺧﺮ ﻟﺘﻘﺪﻡ ﻟﻪ ﺍﻟﻀﻴافة ﻓﻮﻗﻊ ﺍﻟﻄﺒﻖ ﻣﻦ ﻳﺪﻳﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺮﻓﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻢ ﺻﺮﺧﺖ ﺍﻧﻪ ﺍﻧﻪ ﺍﻧﺖ!..
ﺛﻢ ﻗﺎﻃﻌﻬﺎ ﻣﺴﺮﻋﺎ ﺑﻨﻈﺮة ﻣﺨﻴﻔة ﺍﺟﺒﺮﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻤﺖ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻣﺎ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺎﺍﺑﻨﺘﻲ؟ ﺍﻩ ﻻﺷﻲء ﻻﺷﻲﺀ ﻳﺎ ﻭﺍﻟﺪﻱ ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻣﺨﻄئة، ﺛﻢ ﺧﺮﺟﺖ مسرعة ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮفة، ﺗﻤﻌّﻦ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﺑﻮﺟﻪ ﻛﻼ ﺍﻟﺸﺎﺑﻴﻦ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺑﻤﺎ ﻳﺠﻴﺪﻩ ﺍﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺑﺴﺤﺮ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺣﺪّﻕ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﺑﻨﻈﺮﺍﺕ ﻣﺮعبة ﻏﺎﻣضة، ﺿﺤﻚ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺛﻢ ﺍﺷﺎﺭ ﺍﻟﻰ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﻈﻼﻡ: ﻻﺗﺨﻴﻔﻨﻲ ﻧﻈﺮﺍﺗﻚ، ﺛﻢ ﺍﺷﺎﺭﻣﺎ ﻳﺨﻴﻔﻨﻲ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﺧﻠﻒ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻪ، ﺿﺤﻚ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻤﻮﺟﻪ ﺍﻟﻴﻪ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﻛﻤﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﻋﻨﻚ ﻳﺎﺳﻴﺪﻱ ﺍﻧﺖ ﺣﻘﺎ ﺗﻤﻠﻚ ﺭﻭﺡ الدعابة.
ﺍﺧﺬ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻧﻔﺴﺎ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﺣﺴﻨﺎ.. ﻻﺑﺪ ﺍﻧﻜﻤﺎ على عجل لمعرفة ﺳﺒﺐ ﺩﻋﻮﺗﻲ ﻟﻜﻤﺎ. ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺮﻓﺎﻥ ﺍﺣﺎﻁ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ﻭﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﺍﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ وحشية ﻭﻗﺴﻮة، ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﻠﻬﻮ ﺑﻤﺸﺎﻋﺮ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ يسيطرﻋﻠﻴﻪ ﻭﻳﺠﻌﻠﻪ دمية ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﻷﺭﺗﻜﺎﺏ ﺍﻵﺛﺎﻡ، ﻣﺎ ﻻﺗﻌﺮﻓﺎﻧﻪ ﺍﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺭﺃﺱ ﺍﻛﺒﺮ ﻭﺃﻗﻮﻯ ﻳﺨﺘﺒﺊ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺷﻲ ﺻﻐﻴﺮجدا ﻻﺣﻮﻝ ﻭﻻﻗﻮة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﻪ ﻟﻪ. ﻣﻦ ﻳﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻭﻫﺰﻳﻤﺘﻪ ﺳﺄﺯﻭﺟﻪ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﺳﻴﺤﻀﻰ بﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺸﻬﺮة ﻭﺍﻟﻘﻮة ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ.
ﺧﺮﺝ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﺎﻥ ﻓﻲ ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟمهمة ﻭﺍﻓﺘﺮﻗﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻭﻝ ﻣﻔﺘﺮﻕ ﻃﺮﻕ، ﻣﺮّﺕ ﺍﻻﻳﺎﻡ ﺍﻻﻭﻟﻰ ﺩﻭﻥ ﺍﻥ ﻳﺤﺪﺙ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﺬﻛﺮ ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺮحلة ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺍﺿﺎعة ﻟﻠﻮﻗﺖ، ﻣﺸﻰ ﻓﺎﺭﺱ
ﺍﻟﻈﻼﻡ ﻋﺪة ﺍﻣﻴﺎﻝ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺤﺎﺭﻗﺔ ﺳﺎﺣﺒﺎ ﺧﻠﻔﻪ ﻗﺮﻧﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﺨﻠﻔﺎ ﺳﺤﺎﺑة ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ، ﻧﻔﺬ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻞ الى ﺍﻋﻠﻰ ﻗمة ﺍﻟﺠﺒﻞ ﻣﺴﺢ ﺍﻟﻌﺮﻕ ﻣﻦ ﺟﺒﻴﻨﻪ ﻭمد بجسده ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻟﻴﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻗة ﺍﻟﻤﺘﺒﻘﻴة ﻟﺪﻳﻪ، ﻣﺮﺭ ﺍﺻﺎﺑﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺘﻴﻪ ﺍﻟﻤﺘﺸﻘقه ﻛﺘﺮبة ﺟﺎفة ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺍﻟﺼﻴﻒ ﻭﺍﺳﺘﻐﺎﺛﺖ ﻣﻌﺪﺗﻪ ﻟﺮﻏﻴﻒ ﺧﺒﺰ، ﺍﻏﻠﻖ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﻠﻬﺚ ﻓﺈﺫﺍ ﺑﻪ ﻳﺴﻤﻊ ﺻﻴﺎﺣﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﺗﺒﻊ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻞ ﺍﻟﻰ ﻧﻬﺎية ﺍﻟﺠﺮﻑ ﻓﺎﺫﺍ ﺑﻌﺠﻮﺯ ﻳﺘﺪﻟﻰ ﻣﻦ ﻗﻤﻪ ﺍﻟﺠﺒﻞ، ﺃﻏﻤﺪ ﺳﻴﻔﻪ ﺑﻘﻮة ﻓﻲ ﺍﻻﺭﺽ ﻭﺃﻣﺴﻚ ﺑﻪ ﺑﻴﺪ ﻭﺍﺣﺪة ﻭﺭﻣﻰ ﺟﺴﻤﻪ ﺍﺳﻔﻞ ﺍﻟﺠﺒﻞ ﻟﻴﺼﻞ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻧﻘﺎﺫﻩ ﺍﺧﺬﻩ ﺍﻟﻰ ﻗﺮﻳﺘﻪ ﻟﻴﺠﺪ ﻣﺄﺩﺑﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭﻩ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺤﺪّﻕ ﺑﻪ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﺮﻳﻀة ﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﺳﺮﺩ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻣﺎﺣﺪﺙ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺠﺒﻞ، ﻟﻢ ﻳﻌﺘﺪ ﺍﻟﻔﺎﺭﺱ ﻋﻠﻰ ﻫﻜﺬﺍ ﻣﻌﺎملة ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻮﺗﺮ ﻳﻌﺘﻠﻲ ﻣﻼﻣﺢ ﻭﺟﻬﻪ، ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﺍﻥ ﻋﺎﻣﻠﻪ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻭﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ، ﺧﺎﻧﺘﻪ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻟﺬﻟﻚ
ﺍﻟﺘﺰﻡ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻭﺍﻛﺘﻔﻰ ﺑﺎﺣﻨﺎﺀ ﺭأﺳﻪ ﺑﻤﻮﺩة...
اضافةتعليق
التعليقات