قراءة الآباء وقت النوم تساعدهم على الشعور بالتقارب العاطفي والجسدي مع أطفالهم، خصوصاً إذا كانوا مضطرين لقضاء اليوم كله بعيداً في العمل.
مع أننا جميعاً سمعنا عن مدى أهمية أن يقرأ الوالدان للأطفال الصغار، فكثيراً ما نفترض أنَّ هؤلاء «الوالدين» هم الأمهات. وبالفعل تُظهر الأبحاث أنَّ الأمهات يقرأن لأطفالهن أكثر من الآباء. لكن تخبرنا الأبحاث أيضاً أنَّ للآباء على الأقل ثلاثة أدوارٍ جوهرية في تطور مهارات القراءة والكتابة لدى أطفالهم:
عندما يقرأ الآباء للصغار، يميلون للتفاعل بطريقة مختلفة عن الأمهات. وجدت الدراسات التي أجرتها دورسما وآخرون أنَّه بينما تركز الأمهات بطريقة محدودة على محتوى الكتاب الذي يقرؤونه، يكون وقت الحوار مع الأطفال عندما يقرأ الآباء أطول وكثيراً ما يستحضرون موضوعات خارج سياق الكتاب. وبالمثل، تميل الأمهات لسؤال الأطفال أسئلة ذات إجابات محددة عن الحقائق والأحداث في الكتاب الذي يقرؤونه، لكن الآباء يطرحون أسئلةً مجردةً أكثر وأسئلةً تتحدى الأطفال لاستخدام مُخيّلتهم أو ربط ما يقرؤونه بالتجارب الخارجية.
ونتيجة لذلك، فإنَّ الوقت الذي تقرأ فيه الأمهات للأطفال يرتبط ببزوغ السلوكيات التقليدية للقراءة لدى الأطفال، فيما يتنبأ بشكل أفضل الوقت الذي يقرأ فيه الآباء للأطفال بتطور اللغة، وهي الأساس لفهم واستيعاب ما يُقرأ. ومن المثير للاهتمام أنَّ الفتيات انتفعن أكثر من الأولاد بتطور اللغة نتيجة قراءة الآباء لهم بانتظام.
يُعتبر الآباء قدوةً مُهمةً في القراءة خاصة للأولاد. عندما يكون الأشخاص الوحيدون الذين يراهم الأولاد يقرأون هن الأمهات ومعلمات المدرسة الابتدائية (عادة يكنّ من الإناث)، فإنَّ الأولاد الصغار كثيراً ما يعتبرون القراءة نشاطاً أنثوياً في الأساس، وشيئاً لا يفعله «الرجال». ويمكن لمشاهدة آبائهم يقرأون أن تمنع ظهور هذا الاعتقاد المؤذي، في الواقع وجد بحثٌ أُجري مؤخراً في إيطاليا أنَّ الأطفال يميلون لمحاكاة أنشطة قراءة الوالدين بشكل أكثر دقة مما كنا نتوقع. يمكن للآباء أيضاً أن يوسعوا تصور الأطفال عن القراءة. فبينما تقل احتمالية أن يكون الرجل قارئاً للكتب الخيالية التقليدية مقارنة بالمرأة، يساعد الآباء الأطفال في رؤية أن قراءة الصحف وقراءة التعليمات والقراءة للحصول على المعلومات وحتى قراءة تقارير الرياضة كلها أنواع جائزة من القراءة ومفيدة ومُثمرة.
مع تقدم الأطفال في العمر يمكن لتأثير الأب على القراءة أن يظل قوياً. يؤثر الآباء الذين يرشحون كتباً ويتناقشون فيها مع أبنائهم المراهقين إيجابياً على معدل قراءتهم وما يقرأونه. أظهرت الدراسات أنَّ اليافعين الذين يقرأون كثيراً ما يكون لديهم دافع لقراءة كتب يقرأها آباؤهم أو قرأوها في شبابهم. يمكن للآباء أيضاً التأكد من أنَّ الكتب والمواد المقروءة تظل متاحة دائماً لأطفالهم، عن طريق الذهاب سوياً إلى المكتبة، وشراء هدايا من الكتب والاشتراكات، أو إعطائهم بطاقة هدايا من المكتبة ومن ثم يأخذونهم في بعثة صباح يوم العطلة للمكتبة حيث يمكنهم اقتناء ما يحبون. القراء الحقيقيون يحبون الكلام عما يقرأون، والآباء يمكن أن يكونوا مستمعين ممتازين، ويساهموا في هذه النقاشات؛ نعلم أنَّ الأولاد في المرحلة المراهقة الذين يحبون القراءة وهم يكبرون يقدرون على نحوٍ خاص المشاركة والنقاش مع آبائهم عن أنواع المواد المقروءة المختلفة والتي تشمل المعلومات والقراءة عبر الإنترنت.
تفيد هذه التفاعلات المتمحورة حول القراءة الآباء مثلما تفيد أطفالهم. يقول الآباء إنَّ القراءة لأطفالهم في وقت النوم تساعدهم على الشعور بالتقارب العاطفي والجسدي مع أطفالهم، خصوصاً إذا كانوا مضطرين لقضاء اليوم كله بعيداً في العمل. يذكر بعض الآباء أنَّ نشاطات القراءة الذكورية في العادة، مثل قراءة الإحصائيات الرياضية، تقدم فرصاً مهمة لمشاركة الوقت والاهتمامات مع أولادهم عندما يكبرون. حتى الآباء الذين أظهروا في البداية فقدان المهارة أو الثقة في القراءة، وُجِد أنَّهم اكتسبوا كلتا الصفتين من خلال القراءة مع أطفالهم.
لذلك شجع الآباء الذين تعرفهم على قضاء بعض الوقت في القراءة لأطفالهم أو القراءة معهم. وإذا كنت أباً، فاعلم أنَّ التفاعل مع طفلك في سياق القراءة هو موقف مُربح لكل الأطراف؛ أنت وأطفالك، سواء كان قراءة دليل صيانة أو موقع على الإنترنت عن اهتمام مشترك أو كتاب مُفضل من طفولتك.
للآباء (والآخرين) الذين يريدون معرفة المزيد:
أصدرت وزارة الصحة وخدمات الإنسان الأمريكية ملخصاً لبحثٍ رائع عن فوائد قراءة الآباء لأطفالهم، ويتضمن مصادر كثيرة تركز في الأساس على القراءة وتنفيذ أنشطة قراءة وكتابة مع الأطفال الصغار.
موقع Guys Read الذي أسسه جون شيزكا يحتوي معلومات كثيرة بالأخص عن الأولاد الذكور والقراءة وترشيحات ربما يستمتع الآباء بقراءتها مع الأولاد الأكبر سناً.
وبالنسبة لهؤلاء الذين يودون التعمق، كتبت كريستينا كلارك تقريراً لجمعية National Literacy Trust الخيرية البريطانية يُلخص الأبحاث حتى عام 2003 والتي تدعم كل الفوائد، وهو متوفر مجاناً عبر ERIC.
فيما يلي بعض المزايا والفوائد التي تبرز أهمية القراءة:
القراءة للأطفال الصغار بداية طريقهم نحو النجاح
كلما قرأت أكثر لأطفالك، كلما زادت المعرفة التي يكتسبونها في جميع جوانب الحياة، فهناك العديد من الدراسات التي تُظهر فوائد القراءة للأطفال الرضع، فهي تساعدهم على التفوق فيما بعد في دراستهم الأكاديمية فضلا عن تكون المهارات اللازمة لمساعدتهم على بدء القراءة بأنفسهم فيما بعد.
فمن المهم أن يتعلم الأطفال متابعة الكلمات عبر الصفحة من اليمين إلى اليسار وتحويل الصفحات، تلك المهارات ستفيد الأطفال وتساعدهم على أن يصبحوا قارئين في وقت لاحق، فالأطفال الذين يستمتعون بالقراءة ستُنمى لغتهم ومهاراتهم.
القراءة تطور المهارات اللغوية
عندما تتحدث لأطفالك كل يوم، فإن المفردات اللغوية التي تستخدمها غالباً ما تكون محدودة ومتكررة، أما قراءة الكتب فهي تُعرض طفلك لمفردات في مواضيع وأحداث مختلفة، مما يعني أنهم يسمعون كلمات أو عبارات قد لا يسمعونها في حياتهم اليومية، كلما زاد عدد الكلمات التي يعرفونها فالقراءة هي طريقة سهلة لتطوير مهاراتهم اللغوية.
القراءة تعزز نشاط عقل طفلك
تؤثر القراءة لدى الأطفال الصغار على نشاط الدماغ حيث تُظهر الأبحاث أن مناطق معينة من الدماغ تتأثر عندما يُقرأ للأطفال الصغار منذ سن مبكرة، خاصة الجانب النقدي وتطور الناحية اللغوية.
القراءة تعلمهم التركيز
ففي حين أنك قد تظن أن القراءة غير مجدية لطفلك الصغير الذي يقلب الصفحات باستمرار، أو يرمي الكتب من بين يديك، إلا أن القراءة مع طفلك الصغير مهمة للغاية في هذا العمر فبها سيتعلم طفلك التركيز والجلوس لفترات أطول من الوقت، وهذا يمكن أن يساعدك في وقت لاحق عندما يذهب طفلك إلى المدرسة.
القراءة تشجع الشغف على المعرفة
القراءة لأطفالك ستثير لديهم أسئلة حول الكتاب والمعلومات التي بداخله، فهو يمنحك فرصة للتحدث معه، وقد يطور هذا اهتماماته بمختلف الثقافات أو اللغات.
القراءة مع تنويع الكتب
تزويد طفلك بأنواع مختلفة من الكتب حول مواضيع متنوعة، أو حتى بلغات مختلفة هذا سيمنحهم طرقا كثيرة للتعلم، يمكنك اختيار كتب حول مواضيع مختلفة مثل الحيوانات المختلفة، الأماكن أو الأشياء، وما إلى ذلك، وهناك كتب أخرى تساعدهم في تعلم المهارات الحياتية المهمة مثل المشاركة والتنوع.
القراءة تطور خيال الطفل وإبداعه
أحد الفوائد العظيمة للقراءة مع الأطفال هي تنمية خيالهم، فإن تَخيل ما تقوم به الشخصيات وتخيل الموقف كأنه حقيقة، ورؤية الإثارة في عيون الأطفال عندما يودون أن يعرفوا مافي الصفحة التالية، أو جعلهم يخمنون ما سيحدث، هو أحد الأشياء المدهشة التي يمكنك تجربتها.
خلق روح الإحساس بالآخرين والتعاطف
عندما يستطيع الطفل أن يضع نفسه في القصة أو مكان أحد شخصياتها، فإن هذا يساعدهم على تطوير إحساسهم وشعورهم، حيث يبدأ الأطفال في فهم العواطف والارتباط بها.
القراءة تخلق مجالا للترفيه
مع اقتحام التكنولوجيا لحياتنا هذه الأيام، أصبح من الصعب عدم الرضوخ لكل هذه الضجة، فقد حظي التلفزيون وألعاب الفيديو والهواتف الذكية والتطبيقات بشعبية بين الأطفال، ومع ذلك فإن قراءة كتاب جيد يهتم به طفلك قد يكون أمرًا مسليًا يجذب انتباهه ويساعدك على مشاركته وقته.
تقريب الوالدين من الأبناء
لا يوجد شيء أفضل من الجلوس بصحبة طفلك وقراءة كتاب أو قصة ما قبل النوم معاً، فهذا يقرب الوالدين من أبنائهم، فالاسترخاء مع طفلك والاستمتاع برفقة بعضكم البعض أثناء القراءة يمكن أن يكون وسيلة رائعة لزيادة الترابط بينكما.
اضافةتعليق
التعليقات