ورد عن مولانا سيد الساجدين ومنار القانتين الإمام السجاد (عليه السلام): إن لسان ابن ادم يشرف على جميع جوارحه كل صباح فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، إنما نثاب نعاقب بك.*١
عندما نتكلم عن ذنوب اللسان قد يخطر على بالنا تلك القصص التي كانوا يرووها لنا عن التهمة والغيبة، فهناك عشرات الذنوب ممكن أن تحصل بواسطة اللسان ربما الآن عندما نتكلم عن زلات اللسان يخطر في بال كل منا هذه الكبائر: كالغيبة، التهمة و…
لذلك يجب علينا أن ندقق في تلك الكلمات التي نستخدمها خلال اليوم في مناداة الآخرين والتدخل في حياتهم وفرض الواجبات عليهم وعلينا أن نعرف أن الكلمة التي نتلفظ بها لها آثارها الكبيرة، فتترك أثرا في نفس الشخص المقابل، وفي نفس المتحدث أيضا، إذا كانت سلبا فسلبا، وإن كانت إيجابا فإيجابا. وهذا الأثر قد لا يزول في مرور الأيام، بل يبقى دائما، لذلك يجب أن نحرص على أن نترك أثرا طيبا وايجابيا في نفوس الآخرين ومسامعهم.
علما أن هناك الكثير يجهلون تأثير الكلمة على الآخرين، فالكلمة قد تكون سببا في شفاء انسان، أو سعادة الآخرين وقد نظن بأن زلات اللسان ستكون في حق الآخرين فقط ولكن ننسى أحيانا حينما نضغط على أنفسنا ليل نهار كي لا نستغيب أو نتهم الآخرين وفي النهاية ندمر أنفسنا بطريقة مختلفة، ماذا لو كنا من ضمن أولئك اللذين يتهمون أنفسهم بالفشل على الدوام ويجلدون أنفسهم بأنواع التعذيب دون سبب؟
بينما نفكر بالتعذيب النفسي لابأس أن نذكر تلك الكلمات التي تخرج من أفواهنا في الخلوات وتخنقنا بقسوة وتزلزل كياننا، إن الكلمات من أفواهنا لها تأثير على بناء حاضرنا ومستقبلنا كما ورد عن ابن عباس: إن أصحاب فرعون لما علموا بموسى، جاؤوا ليقتلوه، فمنعتهم وقالت لفرعون: قرة عين لي ولك لا تقتلوه. قال فرعون: قرة عين لك، وأما لي فلا. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (والذي يحلف به، لو أقر فرعون بأن يكون له قرة عين، كما أقرت امرأته، لهداه الله به، كما هداها، ولكنه أبى للشقاء الذي كتبه الله عليه) *٢.
فتلك الأفكار خرجت على هيأة أقوال عن لسان فرعون ودمرت حياته وأصبح من الخاسرين، وهناك الكثير من الشواهد تبين تأثير الأقوال على سعادة المرء وشقاءه، لأن الكلام يبين ما يضمر كل فرد في داخله، فاليائس القانط يدمر نفسه في الدرجة الأولى والآخرين من خلال كلماته السلبية حيث يضيق العيش على نفسه والآخرين !
حتى وإن أغلقنا الأبواب وجلسنا في البيت واعتزلنا ربما نقلل من درجة الوقوع في مستنقع الغيبة والتهمة وغيرها من الكبائر ولكن لا ننسى أيضا الذي يحوطنا بقوة ويجري في داخلنا كمجرى الدم وهو القنوط واليأس بالله وجلد النفس بالسلبيات، يحذرنا الإمام السجاد (عليه السلام) عن الغوص في المحذورات حيث قال (عليه السلام): ليس لك أن تتكلم بما شئت لأن الله عز وجل قال (ولا تقف ما ليس لك به علم) و لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: رحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو صمت فسلم*٣.
اضافةتعليق
التعليقات